ملف| أطفال سورية يكتبون لأطفال غزّة (5)

06 يناير 2024
+ الخط -

أتساءل أحياناً؛ لو خضع الصهاينة للتحليل النفسي، هل سيجد المحللون لديهم التركيبة النفسانية والمشاعر ذاتها الموجودة لدى الشعوب الأخرى؟ أعتقد أنّ هناك خللاً في المنظومة العقلية الروحية لديهم، حتى تسعدهم، أو لا تؤثر فيهم هذه الجرائم الفظيعة التي يرتكبونها دون أن يرتوي توقهم للدماء. 

 وعلى الرغم من وجود جنود إسرائيليين يعانون من "صدمة الحرب"، فإنّي أظن أنّ تأثرهم في الغالب هو نتيجة خوفهم على أنفسهم قبل كلّ شيء. نحن في سورية عشنا تفاصيل مشابهة لما عاشه الفلسطينيون من قتل وتدمير، من خوف وقلق، وترقّب للصواريخ والرصاص فوق الرؤوس، من خشية انهدام المنازل والتهجير منها في كلّ يوم. لذا رغب بعض أطفال سورية في أن يشاركوا أطفال فلسطين بعضاً من وجعهم، فكتبوا رسائل إليهم. هؤلاء الأطفال الذين وُلدوا في بداية الحرب، وأمضوا حياتهم حتى الآن تحت جبروتها.

مادلين نعامة (12 سنة): نحن أطفال سورية نأسفُ لما حدث عندكم من قصفٍ وقتل، نحن نشعر بكم لأنّنا عشنا أجواء مرعبة أيضاً في حربنا، وهدمت القذائف بيوتاً ومدارسَ، والعدوّ لطّخ أرضنا بدمائه الملوّثة، وقتل أعداداً هائلة من الناس الأبرياء. أريد أن أسأل: ألا يوجد في قلب ذلك العدو الصهيوني رحمة أو شفقة؟ هل هم فرحون برؤية دماء الأبرياء تسيل على أرضٍ نمت فيها قلوب جميع من عاشوا عليها؟ أريد فقط أن يفكروا بالذين ماتوا بسببهم، ويتوقفوا عن القتل والظلم.

كريم علّان (9 سنوات): في المدرسة كان درسنا عن حقوق الطفل، وعندما عدت إلى المنزل وشاهدت التلفاز، رحتُ أقارن بين ما تعلّمناه وما رأيته عن الفلسطينيين في التلفاز. إنّ الصهاينة هم أبشعُ وألأمُ البشر لأنهم يدمّرون منازلكم أيها الفلسطينيون، وأعمالهم الوحشية تؤدي إلى إصابة كثير منكم وموتهم أو تشويه أجسادهم. وأنا اندهشتُ من منظركم وأنتم تكتبون أسماءكم على أيديكم كي يعرفوكم إذا شوهتكم القنابل والصواريخ، وهذا يدعو للقهر والحزن. ولكن عليكم التحلّي بالشجاعة والصبر كي تستمروا بالحياة وتقهروا الإسرائيليين، فالشجاعة كما تقول لي أمي دائماً: هي أن تبقى على قيد الحياة وليس أن تموت.  

مريم الداحول:  نحن لا ننسى من ضحّوا بأنفسهم من أجل وطنهم، فسلامٌ على أرواح الشهداء في غزة

 إيلا باشا (12 سنة): أنا إيلا ابنة سورية، ابنة بلدٍ عاش ضجيج الحرب وآلاماً كثيرة كآلام غزّة، كآلام كبارها وصغارها. مني إليكم أرسل رسالةَ أملٍ، رسالة ثقةٍ وإيمانٍ بالله تعالى بأنّه لن يغفر للإسرائيليين وسيحرقهم كما حرقوا قلوبكم وقلوبنا، سيعذبهم كما عذبوا أطفالاً أبرياء لم يروا من الحياة شيئاً. لا تفقدوا الأمل يوماً فإنّ الله معكم، وأقول لكم: هنا سورية.. هنا فلسطين.

حين اقترحت هذا النشاط على طلاب المدرسة، بادرتني مريم الداحول (12 سنة) بسؤالها قلقة: "معلمتي! هل سيصيبنا ما أصابهم؟!"، ثم كتبت: اسمي مريم، ومن سورية أقدّم رسالتي إلى جميع أطفال فلسطين متمنيةً فك الحصار والعدوان عنكم، وجميع أطفال بلادي متضامنون معكم، ونشعر بالحزن الشديد على المأساة التي تعيشونها، والخوف الذي تشعرون به، نحن لا ننسى من ضحّوا بأنفسهم من أجل وطنهم، فسلامٌ على أرواح الشهداء في غزّة.

أما شهد زاهر (13 سنة) فكتبت: نحن أطفال سورية؛ أبناء أوّل أبجدية في العالم، امتدت يد الموت إلى بلدنا، ولم ترحم بشراً ولا بيتاً ولا أثراً حضارياً، وكذلك الحال عندكم وربّما أفظع أيضاً، ومنّا نحن أطفال سورية نطلب من رئيس الأمم المتحدة أن يرفع الظلم عنكم وعنّا وعن كلّ الأطفال الذين يموتون بلا ذنب وهم يحلمون بحياة جميلة. ابقوا صامدين يا أطفال فلسطين مهما قست عليكم الأحوال وطالبوا بحقوقكم، فستعود فلسطين شاء من شاء وأبى من أبى.

أنس ندّاف (11 سنة): رفاقي أطفال غزّة، أودّ أن أقول لكم إنّ هذه الشدّة التي تمرّون بها قد مررنا بها نحن أيضاً وتخطيناها، وكان لدينا شهداء مثلكم؛ أطفالٌ عصافير يشفعون لأهلهم في الجنة، وكبارٌ أبطال، أما قتلى إسرائيل فهم في النار بسبب جرائمهم الشنيعة. لذا قاوموا أحزانكم، وابقوا أقوياء فإنّ الله ينصركم ويرحم شهداءكم، واصمدوا في وجه المحن والشرّ فالإسرائيليون هم أعداء الحياة.

شهد زاهر: ابقوا صامدين يا أطفال فلسطين مهما قست عليكم الأحوال وطالبوا بحقوقكم، فستعود فلسطين شاء من شاء وأبى من أبى

 فاطمة عليّان (11 سنة): فلسطين حبيبتنا الجميلة، أتمنى أن تصمدي في هذه الحرب، وتبذلي قصارى جهدك وتنتصري على إسرائيل، وترتفع رؤوس أبطالك عالياً، نحن معك وكلّ الناس الشرفاء معك.

جوى نعامة (8 سنوات): هذه رسالة من طفلة سوريّة إلى أطفال غزّة، أريد أن أخبركم أنّ الأعداء حاربونا مثلكم، وعانى ومات الكثير من الناس ولم يكن لهم ذنبٌ، وأنا رأيت أهالي الشهداء كيف يحزنون على أبنائهم الذين دافعوا عن الوطن، والذين حاربوا ضد إسرائيل.

عبدالله الكردي (11 سنة): لا تزال إسرائيل تهاجم أراضينا وأراضيكم يا أبناء غزّة، وأنتم تقاومون الاحتلال أيها الشّجعان! لذا يجب أنو نوحّد أيدينا كي ندمّر هذا العدوان الذي قتل الأطفال ويتّمهم، ونسترجع أوطاننا التي نعتزّ بها وبترابها الطاهر، ونمحو هذا الاحتلال المدمّر.

هدى سليمان (12 سنة): هل تعرفون من أنا؟ أنا ابنة سورية كما ابنة فلسطين. فلسطين البلد التي تدمّر، وقد خسرت كثيراً من أبنائها الذين وقفوا في وجه الأعداء ليدافعوا عن أمهم التي حضنتهم، فلا تحزني يا أمنا لأنك خسرتِ أبناءك، إذ لا يوجد غيرهم ليدافع عنك ويحميك. غزّة في خطر كبير من إسرائيل عدوّة العرب جميعهم، وفلسطين تقف في وجهها، فما أجملكِ يا فلسطين الصامدة!

مريم اغزاوي (12 سنة): أنا حزينة عليك يا فلسطين لأنّ الصهاينة قاموا بقتل أبنائك، وأنت سوف تنتصرين، ونحن سنبقى متمسكين بك ولن تبقي محتلة.

تبقى أمنيات الأطفال في صنع السلام كبيرة، وهم ببراءتهم يصعب عليهم تحمّل كلّ هذا الألم الذي يحدث، أو استيعاب مدى إجرام الكبار، ونأمل فقط لو أننا نصنع لهم عالماً أكثر أماناً.

مدونات
مدونات

مدونات العربي الجديد

مدونات العربي الجديد
النصّ مشاركة في ملف| غزّة لحظة عالمية كاشفة، شارك معنا: www.alaraby.co.uk/blogsterms