مشاهد من صور الإجرام الصهيوني الفاشي

26 يونيو 2024
+ الخط -

أظهرَ توثيقٌ مصوّر نشرته قناة الجزيرة مقاطع مسرّبة، تمّ الحصول عليها من كاميرا تمّ تركيبها من قبل قوات الاحتلال الإسرائيلي على كلبٍ بوليسيٍ مدرّب، لتظهر اللقطات لحظة مهاجمة الكلب لامرأةٍ فلسطينية مُسنّة أثناء نومها خلال اقتحام منزلها في جباليا شمالي قطاع غزّة.

تُظهر الصور اعتداءً شرساً دام مطوّلاً في مشهدٍ إرهابيٍ مرّوع لا يمكن تصوّره، بما يثبت للعالم أجمع حقيقة إرهاب ونازيّةِ قوّات الاحتلال الإسرائيلي في مشهدٍ يعكس همجيةً وقذارةً ضاربةً في أعماق المجتمع الصهيوني وفي جيناته الوراثية، حتى تحوّل إلى نهجٍ وسلوكٍ وعقيدةٍ حياتية تُمارس وتتجلّى بأبشع صورها ومظاهرها في التعاطي اليومي مع الشعب الفلسطيني، منذ أن غرس أنيابه الصهيونية في أرض فلسطين  إلى يومنا هذا الذي يرتكب فيه أبشع الجرائم في قطاع غزّة والضفة الغربية.

تعكس هذه المقاطع المصوّرة همجية جنود الاحتلال الصهيوني، وهي صورة وطريقة نمطية تحدث في كلّ لحظة على مرأى ومسمع العالم، وتحظى بتأييد كافة المستويات الصهيونية المدنية والعسكرية والسياسية والأمنية، وبمباركةٍ من قبل الحاخامات الصهاينة، في إبادةِ الشعب الفلسطيني وارتكاب المزيد من الجرائم والانتهاكات في ظلِّ تخاذلٍ عربيٍ وتآمرٍ عالمي، وإلا كيف انتُزعت فلسطين من يدِّ أصحابها الشرعيين؟

مظاهر العنصرية والفاشية والنازية الصهيونية، ليست وليدة اليوم أو الأمس، بل هي متجذرة في العقل الصهيوني

ما يرتكبه الاحتلال الصهيوني من جرائم وحرب إبادة في قطاع غزّة، قد يكون الأشدّ بشاعة ووحشية وهمجية في هذا العصر. كما أنّ الصمت عنه يضفي عليه صفة الأعمال الاعتيادية، وقد آن الأوان لنشرِ وفضح الانتهاكات اليوميّة وكشف صنوف هذه الانتهاكات ووصف الواقع كما هو، كي نتغلّبَ على ضعفِ ذاكرتنا ونحرص على إنعاشِ الذاكرة لدى الأجيال القادمة كي لا تنسى، لأنّنا إن كنّا عاجزين اليوم عن وضع حدّ لهذا الإجرام الصهيوني والأميركي والغربيّ بحقِّ الشعب الفلسطيني، فإنّ من أقل الواجب أن لا نحجب عن الأجيال القادمة حقّ محاكمة وتجريم الصهاينة ومعاقبتهم على تماديهم في جرائمهم.

إنّ كلّ صورة من صور الانتهاكات والممارسات الإجرامية الصهيونية التي يرتكبها هذا الاحتلال بدعمٍ أميركيٍ وغربيٍ وتخاذلٍ وتواطؤٍ عربي، تقوم عليها آلاف الشواهد والأدلة والحالات الفظيعة، وكلّ حالة من هذه الحالات تكفي بمفردها، ليس فقط لإدانة العدو المجرم، بل لملاحقته وتجريمه ومعاقبته بمثل ما يرتكبه من الجرائم، وهذه المعاقبة ينبغي أن لا تصدر عن الشعب الفلسطيني صاحب الحق فقط، بل عن أحرار العالم وجميع الدول التي تؤمن بالقانون الإنساني وبالعدالة والحق والحرية، فكيف إذا كان الإجرام الصهيوني متعدّد الصنوف ومتنوّع الصور والأشكال ويتخذ مئات، بل آلاف، المشاهد والصور.

إرادة البقاء عند الشعب الفلسطيني، وعند غزّة الصابرة والصامدة، أكبر من كلّ أسلحة الموت والعنصرية

ومن صور الجرائم الوحشية التي يرتكبها الصهاينة، ما تحدثنا عنه أعلاه، أي صورة المسنّة وهي تصرخ، وتستغيث من الكلب الذي أطلقه جندي الاحتلال، والذي استمر في الاعتداء لمدّةٍ طويلة، ليسفرَ عن ترهيب المسنّة وإصابتها بنزيفٍ وكسور. ومن المشاهد المروّعة أيضًا، صور الأطفال وقتلهم جوعاً وعطشًا، وسرقة الأموال والمجوهرات من المنازل والعبث فيها، واقتحام المصارف ونبش المقابر وسرقة الجثامين ونقلها إلى الكيان المحتلّ، وكذلك سرقة أعضاء المعتقلين والشهداء، وتدمير المساجد والمدارس والجامعات والكنائس وملاحقة أساتذة الجامعات واغتيالهم، بالإضافة إلى تدمير المعالم الأثرية التاريخية العريقة، ناهيك عن التفنّن في تعذيب المعتقلين وتركهم بلا علاج أو دواء وقتلهم داخل المعتقلات، فضلاً عن إذلالهم بتجريدهم من ملابسهم وإطلاق الكلاب المسعورة عليهم ومنع أهالي الشهداء من إقامةِ بيوت العزاء، وسرقةِ مواشي الفلسطينيين واقتلاع أشجارهم وحرق مزروعاتهم، وعربدة المستوطنين، وغير ذلك من الصور التي لا تعدّ ولا تحصى لكثرتها.

إنّ كلّ صورة من هذه الصور تحتاج إلى مجلّداتٍ ضخمةٍ لاستيعاب الحالات والممارسات التي تندرج تحتها، كما تحتاج إلى أعداد كبيرة من المؤرخين والباحثين والإعلاميين والقانونيين والمؤسّسات العلمية والبحثية للقيام بها وتوثيقها، وليس للسرد الإنشائي، وإنّما لكشف وتذكير كلّ شعوب الأرض، بأنّ الاحتلال والعدوان الصهيوني، ومظاهر العنصرية والفاشية والنازية، ليست وليدة اليوم أو الأمس، بل هي متجذرة في العقل الصهيوني، الذي تفوّق على الفاشيين والنازيين في العالم، والدليل على ذلك تلك السلسلة الطويلة من المذابح الوحشية المروّعة، التي نفذها الجيش اللاأخلاقي القذر والعصابات الصهيونية المُقزّزة.

وتبقى إرادة البقاء عند الشعب الفلسطيني، وعند غزّة الصابرة والصامدة، في الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني وكرامة الأمّتين العربية والإسلامية، أكبر من كلّ أسلحة الموت والعنصرية، وستبقى أعظم من مشاهد وصور الإجرام الفاشي الصهيوني.

73503916-AE86-4467-9685-E4E3F3B13B2F
73503916-AE86-4467-9685-E4E3F3B13B2F
ظاهر صالح
كاتب فلسطيني.
ظاهر صالح