مجزرةُ الخيام... صمتٌ عربي ودولي
ظاهر صالح
في ظلِّ عجزٍ أمميٍ واضح وصمتٍ دوليٍ وعربيٍ فاضح، إزاء الجرائم والانتهاكات التي يرتكبها جيشُ الاحتلال الصهيوني النازي بدعمٍ سياسي وعسكري من الإدارة الأميركية، وعلى امتدادِ الأشهر الماضية منذ السابع من أكتوبر، يستمرُ العدوان الصهيوني في ارتكابِ المزيد من المجازر وحرب الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بحقِّ الشعب الفلسطيني.
إنّ هذا العجز الأممي والصمت الدولي والعربي، أعطى كيانَ الاحتلال الصهيوني، الضوء الأخضر لارتكابِ الجرائم المروّعة بحقِّ المواطنين الفلسطينيين العُزّل في غزّة، وآخرها مجزرة الخيام، تلك الجريمة البشعة التي جرت بمنطقة تل السلطان، غربي مدينة رفح.
جريمة "محرقة الخيام" كما سماها نشطاءُ مواقع التواصل الاجتماعي، والذين تداولوا المشاهد المروّعة للمجزرة على نطاقٍ واسع، لإيصال ما يعيشه أهل غزّة من إبادةٍ. وقد أشار بعضهم إلى أنّ ما يجري لسكان خيام رفح شبيه بـ"أهوال يوم القيامة"، وأنّه محرقة (هولوكوست) حقيقية أمام سمعِ العالم وبصره.
من دون سابق إنذار، استهدفَ الاحتلالُ خياماً للنازحين ليرتكبَ مجزرةً جديدة في رفح جنوبي قطاع غزّة، قرب مقرٍ لوكالةِ غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا)، في منطقةٍ ادّعى أنّها "آمنة"، مما أسفر عن استشهادِ وإصابة العشرات.
صواريخ وقنابل محرمّة دولياً، ألقتها طائرات العدوان الصهيوني على خيامٍ من النايلون والقماش، وتحّولت في لحظةٍ إلى كتلٍ من اللهب، وجثثٍ متفحمة، وأشلاء لعشرات الضحايا من الأطفال والنساء والجرحى، الذين تناثرت أجسادهم وتقطّعت أوصالهم.
لقد أظهرتْ مشاهد بثتها قناة الجزيرة عمليات إنقاذ ضحايا القصف الصهيوني البربري، وقال المراسل إنّ طواقم الدفاع المدني عجزت عن إطفاءِ الحرائق التي اشتعلت في الخيام، والنازحين المتواجدين بداخلها أيضًا.
إنّ جرائم العدوان والحصار اليوم موثّقة بالصوتِ والصورة، وستظل شاهدةً على دموية الاحتلال الصهيوني وحلفائه من العرب والعجم
لقد نزحَ المواطنون من مناطق غزّة إلى هذه المناطق التي حدّدها الاحتلال على أنّها مناطق آمنة إنسانية، وأرسل مناشير للسكان بأن يتوّجهوا إليها، لكنهم لم يتوقّعوا أنّهم على موعدٍ مع مجزرةٍ جديدةٍ وقصفٍ بصواريخ تزن أطنانًا من المتفجرات، لتتحوّل الخيام في غمضةِ عينٍ إلى كتلٍ من اللهب، وقاطنوها إلى أشلاءِ متناثرة وأجسادٍ متفحمة، في جريمةٍ جديدة يندى لها الجبين، وتقف عندها العقول.
جريمةُ ومحرقة الخيام، إحدى الجرائم التي تحكي تفاصيل ما تقترفه الصهيونية المدعومة أميركيًا، بحقِّ الشعب الفلسطيني بشكلٍ متعمّدٍ وصريح من انتهاكاتٍ، نتيجة تغاضي مجلس الأمن والأمم المتحدة وأجهزتها المعنية بحقوق الإنسان، لتضافَ إلى السجلِ الأسود للكيان الصهيوني، بما يُلحقُ العار بالمجتمع الدولي.
في هذا الصدد تأسّفَ النشطاء الغزيّون على عدم تحرّك العالم وإيقاف ما يقوم به الاحتلال الصهيوني بحقهم من مجازر متكرّرة، في حين رأى آخرون أنّ فتح معبر رفح أمام الجرحى والمصابين، هو الحل الوحيد لإنقاذ أرواحهم، خاصة أنّ مستشفى رفح المركزي في مصر، يبعد دقائق عن رفح الفلسطينية.
في المقابل، احتفلت الحسابات العبرية على تلغرام بمجزرة "محرقة الخيام" التي ارتكبها جيش الاحتلال، بل وشبهتها بعيدِ الشعلة اليهودي. كما يُواصل كيان الاحتلال الصهيوني عدوانه، متجاهلاً اعتزامَ المحكمة الجنائية الدولية إصدارَ مذكرات اعتقال دولية بحق نتنياهو وغالانت، وكلّ المتورطين لمسؤوليتهما عن "جرائم حرب" و"جرائم ضد الإنسانية" في غزّة.
إنّ استهداف المخيّم الواقع بمنطقة تل السلطان غربي رفح، جريمة مكتملة الأركان، تؤكّد إصرار الاحتلال الصهيوني على الإبادةِ الجماعية والقضاء على الشعب الفلسطيني، بالتزامن مع منعِ دخول شاحناتً المساعدات الإغاثية والطبيّة والوقود إلى المستشفيات لإعاقتها عن تقديم خدماتها والحكم بالإعدام على المواطنين في قطاع غزّة.
إنّ جرائم العدوان الصهيوأميركي في رفح هي امتداد لسياسةِ القتل والتشريد والتهجير، فجرائم العدوان والحصار اليوم موثّقة بالصوتِ والصورة، وستظلُ شاهدةً على دمويةِ الاحتلال الصهيوني وحلفائه من العرب والعجم، وحقدهم الدفين وتاريخهم الأسود، وستظلُ عالقةً في ذاكرتنا جيلًا بعد جيل ولن تسقط بالتقادم، وسيدفع العالم الظالم ثمن حقده ووحشيته وخيانته ونذالته.
باختصارٍ، لم تستطيع مجازر العدو الصهيوني وحلفائه زعزعةَ يقين وثبات الشعب الفلسطيني على أرضه وتمسّكه بقضيته العادلة، وإن خانته بعض الأنظمة العربية، ففي كلِّ يومٍ نرى أدلةً على أنّ المقاومة الفلسطينية ما زالت تقاتلُ بمهارةٍ وإبداعٍ وبكاملِ كفاءتها، وكلّ ذلك بفضل الله ومعيّته ورعايته.