مأزق الديون يضع القاهرة أمام مفترق طرق
فيما أعلن مصطفى مدبولي رئيس الوزراء، عن بدء دراسة عروض استثمار في مشروعات مُهمة من المقرر أن تُدِر موارد ضخمة من النقد الأجنبي، تستعد عشرات العلامات التجارية العالمية للانسحاب من السوق المصرية وإغلاق متاجرها وذلك بسبب نقص العملة الأجنبية التي تعد ضرورة في الدورة الاقتصادية وأساساً مهماً لاستقطاب رؤوس الأموال الخارجية.
حسام هيبة رئيس هيئة الاستثمار في مصر، قال إن تحالفاً إماراتياً سيقود تطوير مشروع مدينة رأس الحكمة في بلاده، متوقعاً تجاوز قيمة الاستثمارات في المشروع 22 مليار دولار، وذلك ما دفع الحكومة لإصدار البيان الذي يعد الشعب باستثمارات مليارية تحل الأزمة التي نعيشها، ويرد فيه عن ما يتردد بشأن بيع مدينة رأس الحكمة.
الصفقة المثيرة للجدل تعدها الحكومة ضرورة لتوفير العملة الصعبة لا سيما في وقت تعاني فيه البلاد من معدل تضخم مرتفع تجاوز 35 في المائة، وأزمة ديون تضاعفت خارجيا إلى أكثر من ثلاث مرات خلال 10 سنوات إلى 165 مليار دولار، منها نحو 26 في المائة واجب سددها خلال هذا العام أي أكثر من 42 مليار دولار ملزمة الحكومة بتوفيرها خلال الأشهر المقبلة.
وفي مقابل تلك المحنة التي طاولت أفراد المجتمع، بدأت حكومة مدبولي في مشروع عملاق روجت له خلال الأيام الماضية وقالت عنه أنه هدية مصر للعالم، ذلك المشروع متمثل في "تبليط" الهرم الأصغر منكارع، ولا أحد يدري ما علاقة ذلك بالأزمة المصيرية التي تضع البلاد أمام مفترق طرق، أو كيف سيخفف الأزمة المعيشية عن المواطنين.
العقلاء من رجال السياسة والاقتصاد يعلمون أن الأزمة الحالية ليس بمقدور من تسببوا فيها أن يجدوا لها حلاً، فدائماً أصحاب الأزمات أبعد ما يكونوا عن توفير طرق للخروج منها.. نقص العملة الأجنبية لا يمكن تلافيه بطباعة النقد المحلي، ولا ينجينا من تداعياته القروض التي أوصلتنا لما نحن فيه، فكلما تزايد اعتمادنا في توفير الغذاء والدواء على الخارج قلت فرصنا في الخروج من المأزق.
في خطابه الأخير قال الرئيس عبد الفتاح السيسي أن الدولار يمثّل مشكلة في مصر، وإن لم تصبح الموارد بالدولار أكبر أو تساوي الإنفاق بالدولار ستستمر المشكلة للأبد
في خطابه الأخير قال الرئيس عبد الفتاح السيسي أن الدولار يمثّل مشكلة في مصر، وإن لم تصبح الموارد بالدولار أكبر أو تساوي الإنفاق بالدولار ستستمر المشكلة للأبد.. تساءل البعض ماذا يقصد "فخامته" من تلك الكلمات وما هو دور المواطن في تجنب مشكلة تؤرق عليه معيشته.. أليست الحكومة هي المسؤولة عن تدبير السلع الأساسية من وقود وغاز وخلافهما، ألم يخبرونا في الفترة الأخيرة أن مصر اكتشفت حقول غاز عملاقة جعلتها مركزاً للتصدير توفر من خلاله النقد الأجنبي، ألم يطالبنا "فخامته" منذ سنوات بالصبر 6 أشهر لحل أزمات المصريين؟
رفع معدلات الإنتاج، وتعزيز ثقة العاملين في الخارج ودعم قطاعي السياحة والتصدير، طريق الحكومة الوحيد للخروج من الأزمة الراهنة، وذلك وحده من شأنه أن يجلب لمصر النقد الأجنبي ويزيل مخاوف بشأن التمويل الخارجي، وكذلك يقلص الفارق بين سعر الصرف الرسمي والسوق السوداء التي تجاوز فيها الدولار السبعين جنيها.
الاتفاق الذي تقترب منه الحكومة للحصول على حزمة مالية جديدة من صندوق النقد الدولي، ليس إلا حلا مؤقتا لن يستمر مفعوله أسابيع، فسيهبط سعر صرف الدولار مقابل الدولار قليلا وسرعان ما سيعود إلى القفز مجدداً بعد أن تنتهي الحكومة من إنفاق أموال الصندوق لتسديد التزاماتها، والاستمرار في تبليط الهرم الأصغر وإنشاء الكباري والمدن، وستبقى الديون وفوائدها تؤرق المصريين وتزيد همومهم.
يشار إلى أن نقص الدولار دفع بنوكاً عالمية ووكالات اقتصادية في وقت سابق من الشهر الماضي إلى استبعاد مصر من بعض المؤشرات المهمة، وتم تخفيض التصنيف الائتماني بسبب مخاوف التمويل الخارجي والفارق بين سعر الصرف الرسمي وفي السوق الموازي.