شباب المستقبل... لسنا بخير!
ناصية الحلم تآكلت في لبنان، ولم يتوّقع أحد أن ينبت مكانها عشبٌ أخضر بعدما تُركت وحيدة لأنّ الحلم غادرها. حتى المقاتل الذي استبسل مراراً دفاعاً عن حلمه، ألقى سيفه، باحثاً عن جبهة أخرى، علّها تبعث في نفسه السكينة التي تمناها منذ بدأ يُقارع الحياة في مختلف ميادينها.
شباب المستقبل في لبنان لبسوا ثوب الشيخوخة منذ العام 2019، ذبلت زهرة شبابهم وأنهكها التعب. حاولوا جاهدين الوصول إلى ما تمنّوا يوماً، ومن جدّوا في معظم الأحيان، لم يجدوا سوى دفتر مهترئ من الديون، وأوراق مبعثرة هنا وهناك، تُذكرهم بأنّ نهاية الشهر اقتربت، لتمتلئ عقولهم بالعمليات الحسابية والكثير من الفواتير التي لا تنتهي.
غدت أيام الأسبوع كلها كيوم الاثنين، الجميع يبحث عن روح جديدة وبداية جديدة لحياة أفضل، وليس لتحقيق حلم جديد أو نجاح يُرضي من تمنّوه يوماً ما. أيام باردة وساعات تمرّ، يعتبرها شباب المستقبل "صرف أوكسجين" فقط، ومحاولة لبذل مجهود مضاعف من أجل بضعة "قروش"، تذوب وتتبخر، شهرياً وفوراً، لصالح من لا يشبع كالحوت، أو في مفرمة من قضوا على شباب المستقبل.
شباب المستقبل في لبنان لبسوا ثوب الشيخوخة منذ العام 2019، ذبلت زهرة شبابهم وأنهكها التعب
قسمٌ قليل من اللبنانيين، فاض صبره وقرّر الهرب من المواجهة، فانتحر، ولم يُعط فرصة لمحبّيه، بأن يمنعوه. هذا القسم ترك أمانات بعنق المستمرين بالكفاح فباتت المواجهة أصعب. وقسم آخر، اختار البعد عن أهله وأحبابه، فباتت أغلب المواعيد في لبنان، إما على موعد مع صورة عليها شريطة سوداء، أو بانتظار مكالمة هاتفية، وكلاهما يتنهي إلى قاسم مشترك، أي الدموع والغصّة.
نجح المجرمون ببتر أجنحة شباب المستقبل في لبنان، هذا الجيل الفتي الذي رقدت أرواحه تحت تراب الوطن أو انتهى به المطاف مغترباً، بائساً، يفتقد أدنى شعور بالعطف والحنان.
أما الحاكمون في هذا البلد، فقد تمدّد الظلام على عروشهم... يتجبّرون، يبطشون ويأكلون اللحم الحي... وكأنّهم نسوا، بأنّ، حتى فرعون، كانت له نهاية تليق بجوره وظلمه وفجوره!