بين الاغتيالات والاستيطان... "بينيت" يبحث عن طوق نجاة للحكومة

18 مايو 2022
+ الخط -

لا يكاد يُحسم قرار العودة إلى سياسة الاغتيالات حتى يعود إلى نقطة النقاش، لا بل الخلاف مجددا، ومعه بات الانقسام جليا، في الجبهة الداخلية الإسرائيلية على المستويين السياسي والعسكري.

فـ"إسرائيل" التي سجلت في رصيدها سجلا حافلا من الاغتيالات بحق الفلسطينيين داخل وخارج الأراضي المحتلة، تعيش حالة من التردد وعدم اليقين من مكاسبها والتداعيات التي ستُفرض عليها في حال إقدامها على اغتيال أحد قادة المقاومة في قطاع غزة.

قناة "كان الإسرائيلية" نقلت عن مصادر في قيادة جيش الاحتلال أن خيار تصفية كبار قادة المقاومة في قطاع غزة لا يزال قائما، لا سيما رئيس حركة حماس يحيى السنوار والقائد العام لكتائب القسام محمد الضيف، على الرغم من عواقب هذا الخيار التي يصفها جيش الاحتلال بالوخيمة.

تلك القيادة العسكرية، هي نفسها التي رفضت قبل أسابيع طلبا للقيادة السياسية باغتيال السنوار، وأوصت بالتريث وانتظار الوقت المناسب، وفق ما أعلنته قيادة أركان الجيش حينها.

تلك التصريحات حينها استدعت ردا قويا من فصائل المقاومة التي أكدت مجتمعة أنها على أهبة الاستعداد للرد على أي اغتيال بحق قادتها قد يقدم عليه الاحتلال، أو في حال استمراره في انتهاكاته بحق القدس والمقدسات الإسلامية.

يواصل بينيت البحث عن أي مخرج، من القدس إلى غزة فجنين، يريد فقط أن يثبت جدارته بقيادة تلك الحكومة

تهديدات الاحتلال طاولت السنوار على وجه الخصوص. بيد أن دعوات عدة داخل الكنيست طالبت باغتياله إلى جانب مطالبات حاخامات متطرفين، فكان رده تحديا للاحتلال، جيشا وساسة، مؤكدا أن أي عملية اغتيال سيتبعها رد مزلزل يغير طبيعة الصراع في المنطقة، ما انعكس بشكل واضح على "إسرائيل" التي بدت مترددة في اتخاذ مثل هذا القرار.

وهنا بدأ الصدع في الجبهة الداخلية لكيان الاحتلال بالظهور، ففي الوقت الذي أجمعت فيه قيادة أركان جيش الاحتلال على ضرورة التريث، كان رئيس الوزراء نفتالي بينيت يضغط باتجاه تنفيذ عدوان سريع على قطاع غزة، لعله يحفظ ماء وجه الاحتلال من جهة أمام تهديدات المقاومة، وينتشل حكومته من سراديب الحديث عن إقالتها من جهة ثانية، خصوصا وأن الاستطلاعات "الإسرائيلية" أظهرت عدم رضى على أداء حكومة بينيت.

فالآونة الأخيرة شهدت مواجهات عدة مسجلة بالصوت والصورة بين مستوطنين مؤيدين لاقتحامات الأقصى ومعارضين لها، يرون أنها سبب تزايد العمليات الفلسطينية، لا سيما في الداخل المحتل، خصوصا وأنها أوجعت الاحتلال وقسمت شارعه نتائجها التي أدت إلى مقتل أكثر من 11 مستوطنا وإصابة العشرات بعمليات فردية، كان آخرها عملية إلعاد قرب تل أبيب.

توسع الشرخ مع معارضة يائير لابيد وزير خارجية الاحتلال ونائب بينيت لقرار رئيس الوزراء وتأييده لتوصيات قيادة الأركان بالتريث وانتظار الوقت المناسب.

في ظل ذلك الخلاف الحاصل داخل الكيان، والتردد الذي بات يظهر جليا في تصريحات الجيش والساسة بشأن العودة إلى سياسة الاغتيالات، يطل بينيت مجددا بتصريحات مخالفة تماما لمواقفه السابقة.

حيث يرى رئيس وزراء الاحتلال أن قرار هيئة التخطيط العسكرية "الإسرائيلية" بناء 4000 وحدة استيطانية سكنية جديدة على أراضي الضفة الغربية المحتلة بما فيها القدس، أصوب طريقة للرد على العمليات الفلسطينية في الداخل المحتل، داعيا إلى زيادة وتيرة الاستيطان في المناطق المذكورة.

ذلك التبدل في موقف بينيت، يقدم دليلا آخر على تخبط الحكومة "الإسرائيلية" والخلافات الحاصلة داخلها ومع قيادة أركان الجيش، بشأن طبيعة رد الاحتلال على العمليات الفلسطينية وتهديدات المقاومة في قطاع غزة.

بعيدا عن قطاع غزة، هزيمة جديدة تسجلها "إسرائيل" على نفسها، باعتراف وزير داخليتها الذي وصف جنين ومخيمها بعاصمة المقاومة الفلسطينية، فلطالما كان ذلك المخيم الشاهد على نكبة الفلسطينيين عصيا على الاحتلال، ولطالما أيضا فرضت المقاومة نفسها شوكة حادة في حلق "الإسرائيليين" الذين حاولوا مرارا تدمير أسطورة المخيم الذي تكسرت عند حدوده هيبة "الجيش الذي لا يهقر".

يواصل بينيت البحث عن أي مخرج، من القدس إلى غزة فجنين، يريد فقط أن يثبت جدارته بقيادة تلك الحكومة، وأن يحقق مكاسب أمنية بأي طريقة وثمن، لعله يحمي حكومته المتضعضعة أصلا.

دلالات
نائل عبد اللطيف
نائل عبد اللطيف
صحافي فلسطيني مختص بمواقع التواصل الاجتماعي