ليس سؤال الهوية المطروح في معرض القاهرة للكتاب أولوية في مصر التي لا تعاني مأزقا يعصف بهويتها على نحو ما يصوّرون، بل مأزقها في هدر المواطنة، وفي معاداة حامل الهوية أيا كانت اختياراته. والعاقل يعي أن لا مجال لتصور هوية سياسية أو حضارية يحملها مقموعٌ.
ليس جديداً أن تتحلى دساتير الاستبداد بالمطاطية، وأن تتسع وتضيق، وفق هوى المستبد. لكن ما يلفت النظر ذلك العدوان على الفقه الدستوري الذي لم يلزم المستبد لاقترافه سوى تجنيد واحد من أهل هذا الفقه، ليكون "ترزيا" يعيد ضبط الدستور بمقاسه.
كان من أثر انتشار الأغنية أن استُدعي ميروبول للمثول أمام لجنة تختص بمكافحة الشيوعية في المدارس الثانوية. وخلال التحقيق أبدى المحققون استغرابهم؛ فمال شاب يهودي أبيض منعم مثله بحرية "السود".
عندما تجيء الثورة؛ ستحل معها البنادق والمسدسات محل القصائد والمقالات/ وستصبح المراكز الثقافية للسود موائل تزود الثوار بالطعام والسلاح/عندما تجيء الثورة. عندما تجيء الثورة؛ سيلون الموت الأبيض جدران المتاحف والكنائس ليحطم أكاذيب استعبدت أمهاتنا / عندما تجيء الثورة.
إنتاج أرضية للتسامح ضرورة تستوجب الولوج إلى ساحة جدل اجتماعي حقيقي، وحشد للتضامن بين قوى المجتمع دون قسر أو إجبار. وهو ما يعني في الأخير فتح المجال العام وفق مبادئ الديمقراطية ونظماً لصون الحريات وإقرار العدالة الاجتماعية.
هذا الميدان على تكونه من عناصر قد تبدو اعتيادية، ظلّ في تفرّده بلا شبيه، فهو لم يصنع على نمط بعينه، ولم يماثل أي نصوص بصرية ولغوية سابقة. وهل هناك نص تنطبق عليه صفة المفارقة كما انطبقت على ميدان التحرير؟
النصر السياسي ليس مستحيلاً؛ مشهد النصر لا تصنعه جردة القتلى وحجم الدمار على الطرفين؛ إنما درس التاريخ يعلمنا أن حسابات السياسة تجعل انتصار من هم أضعف عسكريا ليس مستحيلاً.