ليس الهدف من الحملات الأخلاقوية التي تغزو تونس اليوم تنقية الفضاء العام من سلوكيات مخلة بقدر ما تسعى إلى إلغاء أخلاق الحرية التي عززتها تجربة الربيع العربي.
يأتي قرار النيابة العمومية في تونس الاحتفاظ بمؤثّرين بوسائل التواصل الاجتماعي وملاحقة آخرين، في سياق انحراف عن مسار الحرّية منذ انقلاب 25 يوليو ونظامه الشعبوي.
يخوض الرئيس قيس سعيّد معركته المصيرية للبقاء في الكرسي، مستعملاً أوراقه وأدوات السلطة كلّها لخدمة هدفه، حتى إنّه لم يترك منافساً له حرّاً طليقاً إلّا واحدا.
بغض النظر عن فضيحة المجزرة الانتخابية التي ارتكبتها دوائر الحكم والقرار في تونس، إلا أنّ قرار المشاركة في انتخابات الرئاسة كان فرصةً لتعرية السلطة الشعبوية.
تحمل منظومة قيس سعيّد في تونس شروط انهيارها ولو بعد حين، ولكن التغيير النوعي على مستوى إدارة الشأن العام التونسي لن يتحقق إلا بمصالحات بين النخب السياسية.
لسائلٍ أن يسألَ عن جذور نُخَبِ المعارك المُزيّفة في مجتمع ذي أغلبية مسلمة، متصالح مع جميع الأذواق والأزياء، إذ لا يُعدّ الحجاب فيه سمة للطائفية أو التشدّد.