يعتبر تمدّد هيئة التحرير الشام بمثابة "الانتقال الاستراتيجي" إلى مراحل متقدمة في التمكين المحلي، مع تعدّد المؤشرات الدالة على إعادة التفاهم الدولي بشأن إدلب بعد إعلان ترامب، عن انسحاب القوة الأميركية من سورية، وما سيمليه من إعادة الاتفاق بشأن إدلب.
تسير كل المؤشرات بتسارع واضح نحو صيغ ما قبل الثورة، خصوصا بعد محاصرة المعارضة السياسية والعسكرية، وجعل هوامش حركتها غير ذات جدوى، مع فارق عميق أن تلك العودة محمّلة بارتكاسات اقتصادية واجتماعية وسياسية وإنسانية.
"بشّرنا" مؤتمر سوتشي أخيرا، وسيبقى "يبشّرنا" المؤتمر المقبل بمزيد من الإنكار لفواتير التضحية التي دفعها المجتمع السوري ولا يزال؛ وبكثيرٍ من سياسات الهشاشة والتبسيط و"العودة الكريمة" لتحكّم الأجهزة الأمنية، وأزلامها الجدد، في رقاب الدولة والمجتمع.
وجب القول مرة مليونية إن الثورة السورية هي حركة اجتماعية باتجاه التغيير واسترداد الوطن وإعادة بنائه، هي حركة حضارية فرضتها معقولية التاريخ، وديناميات التطور المجتمعي، وستصل حتماً إلى مرادها، فالقطيعة الناجزة مع سورية قبل 2011 قد تمت بشكل كامل.
بعد زلزال حلب أخيراً، والتداعيات السلبية المتدحرجة على بنية المعارضة وتوجهاتها ووظائفها، وما لحقها من استثمار سياسي روسي، أنتج ما عرف بإعلان موسكو، بات لزاماً على المعارضة السورية إدراك أزمتها العميقة، وطبيعة امتحاناتها الحالية والمؤجلة.
خطوات بوتين في سورية أكثر رسوخاً من الحراكات الأميركية التي أعاقتها عقيدة أوباما، وأرجأت الحسم في المواقف السياسية المتعلقة بالملف السوري، حتى استلام الرئيس الجديد الذي سيجد نفسه أمام تركة ثقيلة، ولا يمكن التحكم بتفاعلات هذا الملف، بمعزل عن روسيا.
صار ممكناً القول إن مسار البحث عن حل سياسي للأزمة السورية بدأ يأخذ منحى عملياً، بعد الاندفاعة التي تحققت لذلك في مؤتمري فيينا الدوليين، والمقالة التالية تستعرض مؤشرات ذلك، وتحاول توصيف سيناريوهات ممكنة.