حين نستحضر أم كلثوم، تغيب عنّا صورة "فاطمة"، ابنة الدلتا المصرية، التي بدأت حياتها متجولة في أرياف الإسكندرية، تغني ـ كفتاة ريفية ممتلئة بالبساطة ـ توشيحات وأغانٍ صوفية، بصحبة والدها المنشد الديني إبراهيم البلتاجي، غير مكترثة بالشهرة والألقاب.
لم يُحدث تطور الأغنية الشعبية تجديداً في بنيتها؛ إذ أعادت بعض الفرق تقديم أغان فلكلورية بعد أن صاغت كلماتها بما يناسب الحدث/الثورة. لكن معظم هذه الأعمال لم تأت كامتداد للهوية الموسيقية، بقدر ما كانت مناصرةً للحراك الاجتماعي.
في زمن اتجه ملحّنوه إلى تأليف أعمالهم لتُناسب الغناء فقط، لم يتخلّ الموسيقار السوري فريد الأطرش، الذي تحل ذكرى رحيله الأربعين غداً، عن القوالب الآلية، بل منحها مساحة تجلّت في مقدّمات أغانيه عبر تقاسيمه المُنفردة.
64 عاماً على رحيل الوشّاح الذي قسم تاريخ الموشّح الحلبي إلى ما قبله وما بعده، وكان مقصداً لموسيقيين من بينهم سيد درويش وعبد الوهاب. ترك البطش عند رحيله عام 1950 عشرات الألحان والقصائد التي أصبحت من أساسات الغناء الحلبي.
في أسطوانتها الأولى، تستعيد فرقة "نوا" الحلبية، التي يقودها إبراهيم مسلماني، أعمالاً موسيقية قديمة من تراث المدينة، فيها من الشعر والمقامات والإيقاعات ما ندر تلحينه، وما هو منسيّ أو محتكَر. أعمال منقولة بتواتر شفهي عن موسيقيين ووشّاحين قدامى.
بإيقاعات سريعة، وكلمات مُستلّة من الشّارع واليومي، يقدّم الفنان الشاب طارق أبو كويك، أو "الفرعي"، عمله الجديد "كمان دفشة"، جاعلاً منه مساحة نقدية تتصدّى للراهن العربي. عمل يستند إلى لغة تحاول أن تكون ممارسة لفعل الحرية ومحاكاة الثورة.
