اليمن: البعثات الدبلوماسية تغلق سفاراتها وتتلف وثائقها

12 فبراير 2015
السفارة الأميركية أتلفت وثائقها (محمد حمود/الأناضول)
+ الخط -

أغلقت سفارات عدد من الدول الأجنبية في اليمن أبوابها بشكل شبه نهائي لأول مرة في تاريخ هذا البلد، في مؤشر على أن الوضع يتجه إلى الانهيار التام للعملية السياسية، بعد مرور ثلاثة أسابيع من الفراغ السياسي الذي تشهده البلاد منذ استقالة الرئيس عبدربه منصور هادي وحكومة خالد بحاح وتصعيد الحوثيين بعد بيانهم الانقلابي، والإصرار على فرضه كمرجعية لأي حوار مع القوى السياسية.

وأخذ عقد السفارات ينفرط من سفارة الولايات المتحدة التي بدأت إجراءات الإغلاق منذ أيام، وأحرقت وثائقها ودمرت المدرعات التابعة لها، في مؤشر على أن الإغلاق قد يدوم فترة طويلة. وحسب ما أفاد موظفون لـ"العربي الجديد"، فإن الإغلاق قد يستمر نحو ثلاثة أشهر إلى أن يستقر الوضع في البلاد ويتم تشكيل حكومة، بعدما بررت السفارة توجهها نحو الإغلاق بعدم وجود سلطات دستورية في البلاد.

في مقابل ذلك سيبقى الموظفون المختصون بمتابعة ملف "مكافحة الإرهاب"، ولا سيما أن الولايات المتحدة تنفذ غارات عبر طائرات من دون طيار، بشكل منتظم، ضد من تقول إنه يشتبه بانتمائهم إلى تنظيم القاعدة. وتزامن قرار الاغلاق مع لجوء أغلب منتسبي السفارة إلى حرق الوثائق الموجودة، تنفيذاً لتوجيهات مسؤولي السفارة.

ولم تكن السفارة الأميركية مجرد سفارة عادية، إذ كانت تتدخل في كافة الملفات السياسية والأمنية بالبلد، وتسيطر على منطقة في محيطها تضم فندق "شيراتون"، حيث كان ينتشر نحو 150 من جنود القوات البحرية (المارينز)، لحماية السفارة. وظلت طائرات خاصة تسمع منذ مساء الثلاثاء وفجر الأربعاء، تنقل الموظفين والدبلوماسيين.

وعقب إغلاق السفارة الأميركية، أعلنت سفارة بريطانيا إغلاق أبوابها ودعت جميع رعاياها إلى مغادرة البلاد فوراً، وتبعتها سفارتا فرنسا وإيطاليا. وقال الوزير البريطاني لشؤون الشرق الأوسط، توبياس الوود، في تصريحات صحافية إن "الوضع الأمني في اليمن استمر بالتدهور خلال الأيام الأخيرة". وأضاف "للأسف، نحن نعتقد أن طاقم سفارتنا والمباني التي نستخدمها باتت عرضة لمخاطر مضاعفة، وقررنا بالتالي أن نسحب طاقمنا الدبلوماسي وأن نوقف عمليات السفارة البريطانية في صنعاء مؤقتاً".

بدورها، قررت سفيرة الاتحاد الأوروبي في صنعاء، بتينا موشايت مغادرة اليمن خلال 48 ساعة لأسباب أمنية، بحسب مصدر في السفارة. وأوضح المصدر، طالباَ عدم ذكر اسمه، لوكالة الأناضول، أن سفيرة الاتحاد الأوروبي قررت مغادرة اليمن خلال 48 ساعة نتيجة للأوضاع الأمنية التي تمر بها البلاد، دون ذكر تفاصيل إضافية. وكانت سفارة الاتحاد الاوروبي بصنعاء قد أغلقت أبوابها في مايو/أيار الماضي نتيجة للوضع المضطرب الذي يمر به اليمن، في وقت أعلنت فيه مصادر سياسية يمنية لـ"العربي الجديد" أن سفارات دول أخرى قلصت خلال الفترة الماضية موظفيها إلى حد كبير، منذ استقالة الرئيس هادي. ولم تستبعد المصادر أن يتم إغلاق المزيد من السفارات في الأيام المقبلة.

وجاءت هذه التطورات في الوقت الذي تستمر فيه المفاوضات في فندق موفمبيك في صنعاء، برعاية المبعوث الدولي إلى اليمن جمال بنعمر. وعزا مراقبون إغلاق السفارات إلى وجود مؤشرات قوية لدى الدول الغربية بفشل الحوارات الجارية، فيما ذهب آخرون إلى أنها تأتي من أجل الضغط على القوى السياسية لتقديم تنازلات والقبول بأي اتفاق.

وتسبب خبر إغلاق السفارات بحالة من الخوف في الشارع اليمني، وتساؤلات عن الأسباب التي تدفع الدول لاتخاذ هذه الإجراءات، وعما سيؤول إليه الوضع في الفترة المقبلة، خصوصاً مع مؤشرات أن الوضع الاقتصادي معرض للانهيار وأن جماعة "أنصار الله" (الحوثيين) قد لا تتمكن من إدارة الدولة ودفع الرواتب في الفترة المقبلة.

في هذه الأثناء، أكدت مصادر سياسية حزبية أن المفاوضات التي استؤنفت الثلاثاء برعاية بنعمر، تعثرت من جديد، بعدما كانت الأنباء تتحدث الاثنين عن صيغة اتفاق مبدأي يتضمن تشكيل مجلس رئاسي. وحسب المصادر، فإن الحوثيين تمسكوا بما يسمونه "الإعلان الدستوري"، وهو ما رفضته أغلب الأحزاب والمكونات الأخرى.

وكان زعيم "أنصار الله" عبدالملك الحوثي، جدد في خطاب متلفز مساء الثلاثاء الماضي، تمسك جماعته بـ"الإعلان"، وشن هجوماً على القوى السياسية واتهمها بالعمل على تمديد "الفراغ"، وطمأن البعثات الدبلوماسية، معتبراً أن الوضع الأمني مستقر وألا مبرر للمخاوف التي يثيرها البعض.

دلالات