شبح الإفلاس يخيم على مئات التجار في غزة

17 نوفمبر 2014
العدوان الإسرائيلي دمر عشرات المصانع في غزة (العربي الجديد/خاص)
+ الخط -

في بضع ساعات، تحولت أملاك وأموال التاجر، منذر الحرازين (40 عاماً) إلى أثر، بعدما أشعلت غارات الطائرات الحربية الإسرائيلية النار في مصنعه المخصص لاستيراد وصناعة الألبسة والأقمشة، في حيّ الشجاعية شرقي مدينة غزّة، فيما أحالت الصواريخ بيته وما يحوي من مخازن ومعدات إلى ركام.

وبعد 51 يوماً من العدوان، عاد الحرازين إلى مصنعه الذي يجاور بيته، ليجد أن الركام والرماد هما سيدا المنطقة ككل. ويقول الحرازين لـ "العربي الجديد": "خرجت من البيت برفقة أولادي وزوجتي على وجه السرعة، دون أن آخذ شيئا من وثائق البيت أو الكشوفات المالية للمصنع والشركة، وخلال دقائق دمر الاحتلال ثروتي وتجارتي التي أعمل بها منذ 25عاماً".

ويقدّر الحرازين، خسائره المالية بنحو مليوني دولار، الأمر الذي يعني خسارته لنحو 98% من تجارته واقترابه من نقطة الصفر.

وتنافس الحصار الإسرائيلي وقذائف الاحتلال على القضاء على الاقتصاد الفلسطيني، وجعله تابعاً لسياسات الاحتلال ومستورداً لخدماته، ففي عام 1980 كان المواطن عبد الناصر الكحلوت يمتلك مصنعاً خاصاً بالملابس النسائية، ولكن اليوم بالكاد يوفر لقمة عيش يومية من ماكينة تطريز يمتلكها في بيته.

ويقول الكحلوت لـ "العربي الجديد" إن المصنع الخاص به كان مقاماً على مساحة 500 متر مربع، ويوظف أكثر من 35 عاملاً، تبلغ تكلفة الفاتورة الشهرية لرواتبهم سبعة آلاف دولار، بجانب أنه الوحيد في قطاع غزة والضفة الغربية، فلا منافس له، ولكن في عام 2005 أغلقه نتيجة لسياسات الاحتلال وسيطرة البضائع المستوردة على السوق المحلي.

وحاول الكحلوت (47 عاماً) العودة مجدداً للتجارة، وتوفير بديل عن المصنع الذي كان يحقق له أرباحاً بنحو عشرين ألف دولار شهريا، فافتتح في نهاية عام 2005 محلاً لبيع الملابس شمال قطاع غزة، إلا أنه أغلقه بعد عامين؛ نتيجة فرض الحصار الإسرائيلي على القطاع وإغلاق المعابر الحدودية وتوقف حركة التصدير والاستيراد.

في ذات السياق، يقول الخبير الاقتصادي ومسؤول العلاقات العامة والإعلام في الغرفة التجارية في غزة، الدكتور ماهر الطباع، إنّ الاحتلال الإسرائيلي يطبق منذ سنوات طويلة خططاً تهدف في المقام الأول إلى قتل الاقتصاد الفلسطيني، وخنق أي فرصة لإعادة بنائه، ومن ثم تقييده وفقاً للسياسات التي تخدم مصالح الاحتلال الاقتصادية وتحافظ على بقاء السوق المحلي الفلسطيني مستهلكاً للمنتجات الإسرائيلية.

وفي حديثٍ لـ "العربي الجديد"، يشير الطباع إلى أنّ الحروب الثلاث التي تعرض لها القطاع، هي وسيلة اتخذها الاحتلال لضرب الاقتصاد المحلي، في استهدافه المتعمد منشآت اقتصادية ذات أهمية كبيرة في السوق المحلي، مبيناً أن الصواريخ والقذائف طالت في العدوان الأخيرة مختلف القطاعات الاقتصادية، الزراعية والإنشائية والصناعية.

ويوضح أن إفلاس بعض التجار أو رجال الأعمال هو أمر متوقع في ظل سياسات الاحتلال السابقة، ولكن الفرصة ما زالت قائمة لإعادة الحياة للنشاط الاقتصادي والمنشآت التي أغلقت أو دمرت أو تراجع حجم إنتاجها في السنوات الماضية، إن توفر المناخ المناسب، عبر فتح المعابر وإدخال مواد البناء، ومساعدة التجار على تجديد الآلات، منتقداً عدم تقديم الجهات المختصة أي تعويض مالي للقطاع الخاص الذي تضرر خلال العدوان والحصار.

يذكر أن العدوان الإسرائيلي الأخير على القطاع، جاء في وقت حساس عند التجار ورجال الأعمال، حيث امتلأت مخازنهم بالبضائع قبل بدء العدوان، استعداداً لعرضها في السوق المحلي، خلال شهر رمضان وموسم بدء العام الدراسي الجديد وكذلك عيد الفطر، الأمر الذي ضاعف حجم خسائرهم.

المساهمون