السوق السوداء

23 نوفمبر 2014
فارق سعر صرف الجنيه يتحمله البسطاء في مصر (أرشيف/getty)
+ الخط -

يقترب سعر صرف الدولار الأميركي في مصر من الثمانية جنيهات، يقولون إن هذا سعر "السوق السوداء"، تعني البيع بعيداً عن البنوك وشركات العُملة المعتمدة، لكن السعر الرسمي أيضاً في تصاعد، ولا تملك الحكومة ولا البنك المركزي المصري القدرة على كبح جماحه.
 
السوق السوداء في مصر هي السوق الحقيقية، المعاملات الرسمية قائمة، لكن المعاملات غير الرسمية والأنشطة التجارية والصناعية غير الموثقة هي الأهم والأكثر تأثيراً، كون ملايين المصريين يتكسبون منها بأشكال مختلفة، ورغم أن الدولة لا تستفيد كثيراً من معظم المعاملات التي يطلق عليها تجارة وصناعة "بئر السلم"، حيث إن أصحابها لا يدفعون رسوماً ولا ضرائب، إلا أنها أحد أبرز مقومات الاقتصاد المصري، وربما تحميه أحياناً من الانهيار.
 
يعمل ملايين المصريين ضمن اقتصاد "بئر السلم"، لا يلتزمون بالقوانين ولا بمعايير الجودة، ينتجون مستلزمات رخيصة ضرورية لمجتمع يعيش نحو نصفه تحت خط الفقر، يوفرون فرص عمل ومنتجات لا تستطيع الحكومة توفيرها، ويؤكد خبراء اقتصاديون أن "بئر السلم"، أو ما يوصف رسميا باسم "الاقتصاد الموازي"، كان أحد أبرز أسباب حماية الاقتصاد المصري من مخاطر الأزمة المالية العالمية التي عصفت باقتصاديات دول كثيرة، بينها دول كبرى.

ويظل ارتفاع سعر صرف الدولار في مصر كارثي على المواطنين البسطاء والطبقة الأكثر فقراً، أكثر من خطورتها على الطبقة المتوسطة والأغنياء، الجميع يتضرر، لكن الفقراء يعانون بشدة جراء ارتفاع الأسعار الذي يتجاوز المعقول أحياناً.

تستورد مصر نحو 80 في المائة من مستلزمات الإنتاج والمواد الغذائية، الدولار هو العملة المعتمدة في الاستيراد، وبالتالي فإن ارتفاع سعر صرفه في الداخل، يُنتج سريعاً ارتفاعاً في أسعار المواد والمنتجات، تبعا لارتفاع أسعار المواد الخام المستوردة.

فارق السعر يتحمله عادة البسطاء، وعرف كثير من المصريين مرات عدة طفرات كبيرة في سعر صرف الدولار، نتج عنها طفرات واسعة في الأسعار، وسط فشل الحكومات المتعاقبة في ضبط السوق أو وقف تدهور القيمة السوقية للجنيه.

على الأرض، يحذرنا البعض من غضبة الفقراء، أو ثورة الجوعى، لكن يبدو أن الخطر الأكبر القائم حاليا يتمثل في انهيار اقتصاد "بئر السلم"، وهي كارثة لو تحققت فإن آثارها المجتمعية لن تقف عند حد المطالبة بتوفير القوت أو فرص العمل، وإنما قد تتصاعد وصولا إلى حد قد لا تتحمله البلاد المنهكة اقتصادياً بالأساس.

المساهمون