540 مخيماً للنازحين في الشمال السوري

04 نوفمبر 2018
الشتاء على الأبواب (براق قرشوغلو/ الأناضول)
+ الخط -


كثيرون هم السوريون الذي يعيشون معاناة في المخيمات. نازحون ومهجرون انتشروا في مناطق معزولة في شمال سورية بظروف إنسانية قاسية، ويأملون في تحسن ظروف حياتهم فيها، بانتظار العودة إلى منازلهم في المستقبل. يقول المنسق العام للرابطة السورية لحقوق اللاجئين، مضر حماد الأسعد، لـ"العربي الجديد" إنّ في تلك المنطقة نحو 540 مخيماً وهي مخيمات عشوائية، فيها قرابة مليون نسمة، لكنّها تفتقر إلى مقومات الحياة، من مدارس ومستشفيات ومستوصفات وحليب الأطفال وسيارات إسعاف، بالإضافة إلى غارات الطيران الروسي والنظامي، وهجمات بعض المليشيات، وعمليات الخطف والاغتيال فيها. يضيف: "نتمنى أن تكون جميع المخيمات في الشمال السوري تحت رعاية رسمية من الحكومة السورية المؤقتة مع شرطة محلية تضبط الأمن، وتقدم لها حماية رسمية من العصابات التي تهدد الأمن وتمارس العمل الإجرامي".

بالنسبة للجهات المانحة التي تقدم الدعم للمخيمات، يقول الأسعد: "يصل دعم إلى هذه المخيمات، وتُموَّل من قبل بعض الدول العربية، لكنّ الدعم الأكبر والرعاية الأكثر تركيزاً تصل من منظمة "آي أتش أتش" التركية وبعض المنظمات الإنسانية والخيرية المحلية العربية أو منظمات وجهات أوروبية، لكنّ كلّ ذلك لا يلغي الأوضاع السيئة جداً في المخيمات". يتابع أنّ "الكثير من الخيم في هذه المخيمات قديم ومهترئ، وفي فصل الشتاء تتحول إلى مأساة لقاطنيها، خصوصاً العائلات منهم. ومع الأمطار الغزيرة تجتاح الفيضانات المخيمات ويصبح الوصول إليها صعباً جداً، وتتحول إلى برك موحلة متسببة بكوارث من الصعب تلافيها".




في بعض المخيمات لا يتجاوز عدد السكان 500 نسمة، وفي بعضها الآخر ثمّة 20 ألفاً، ما يدلّ على تفاوت كبير وعشوائية في إدارتها. ويُعرب الأسعد عن أمله في "تحسن أوضاع النازحين في هذه المخيمات"، متمنياً من "الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية والدول العربية أن تسارع قبل الشتاء، خصوصاً، لاستبدال الخيم بكرفانات وإصلاح الطرقات بين المخيمات وإنشاء مستوصفات ونقاط طبية وتقديم سيارات إسعاف لها وإنشاء مخابز مع تقديم مساعدات من خيم وبطانيات وملابس".

عن كيفية تدبر ربات الأسر، في المخيم أمورهن، تقول فاطمة، أم محمود، لـ"العربي الجديد": "الأمور هنا في غاية الصعوبة، والطبخ من أصعب مشاكلنا، إذ ليس لدينا غير بابور الكاز. نطبخ خارج الخيم دائماً منعاً لاختناقنا، عدا عن مشكلة تأمين الوقود له وهي مهمة صعبة". وتوضح أنّ غسل الملابس مشكلة أخرى، لأنّ الغسيل يدوي ويحتاج إلى تسخين المياه على بابور الطبخ نفسه. وتتكرر عملية الغسيل أربع مرات أسبوعياً، ما يتسبب في إنهاك فاطمة. أما بالنسبة إلى الحمامات، والمراحيض، فهي تبعد دقائق عن الخيم: "بالنسبة لنا كنساء، فإنّ قضية الحمامات بحدّ ذاتها مشكلة مخجلة، كوننا لم نعتد على هكذا أسلوب في العيش، عدا عن بعدها وعدم تجهيزها جيداً. كذلك، نعاني مع الأطفال إذ يستيقظون ليلاً ليذهبوا إلى المراحيض ما يفرض علينا مرافقتهم وإن في ساعات متأخرة من الليل، ما يعني أنّ أبسط الأمور هنا أصبحت معقدة وصعبة جداً، وعلينا التحمل لكن إلى متى؟ لا أحد يملك الإجابة. علينا أن نصبر عسى أن تتحسن الظروف هنا ونذهب لنقيم في منزل بإحدى البلدات القريبة من دير البلوط حيث مخيمنا. ربما يتحسن عمل زوجي عندها، ومن الممكن أن نستأجر منزلاً عادياً نقيم فيه، ويقينا برد الشتاء وحرّ الصيف وإن كان سقفه من الصفيح".



من ناحيته، يشير سليم الحامد الذي نزح من ريف حمص الشمالي إلى بلدة ترمانين بريف إدلب إلى أنّ الأمور صعبة في المخيم حيث يقطن. يحاول العثور على عمل مناسب فهو لم يمارس أيّ مهنة طوال حياته، واعتمد على وظيفته. يقول لـ "العربي الجديد": "منذ خروجنا بقافلات التهجير من ريف حمص الشمالي بدأت أفكر بعائلتي وأطفالي الأربعة، وكيف يمكن لنا التأقلم بعيداً عن بيتنا وأقاربنا، في خيمة، لكن شاءت الأقدار أن نصل إلى المكان ونعيش هكذا. حاولت كثيراً إيجاد عمل كي أتمكن من تأسيس حياتي الجديدة هنا، فالبقاء حبيساً في خيمة قد تقتلعها رياح الشتاء أمر صعب جداً، لكن لم أجد ما يناسبني على صعيد الراتب الضئيل جداً. بعد فترة خطرت في بالي فكرة أن أحول خيمة والدتي إلى دكان صغير، واشتريت بعض المواد الغذائية. المردود ليس كافياً لكنّه يسدّ الحاجة، وفي حال سارت الأمور بشكل أفضل سأحاول أن أوسع هذا العمل". 

ويشير سليم إلى أنّ سكان المخيم على أمل ووعد أن تحلّ أزمة السكن لديهم، إذ تتولى إحدى المنظمات بناء وحدات سكنية من الممكن أن يجري نقلهم إليها بعد أشهر قليلة لتكون مساكن لهم، فالخيم لم تعد تتحمل. يضيف أنّه "في حال اكتملت هذه الوحدات السكنية قبل الشتاء، سنكون في مأمن من العواصف الثلجية والسيول". بالنسبة إلى المدراس، يؤكد، سليم، أنّ "المخيم يوفر مدارس للأطفال، وهي جيدة نوعاً ما، وتتيح لهم متابعة تعليمهم من دون انقطاع، ويتلافى المدرسون تقصير التلاميذ بتقديم منهاج دعم لهم، خصوصاً الأطفال المتأخرين عن أبناء جيلهم، ممن كانوا محاصرين، ولم يحصلوا على تعليم مستمر".




يروي أحمد صماد أنّه بحلول الشتاء، تتكرر سنوياً مشكلة التدفئة، إذ ترتفع أسعار الحطب والوقود. يقول لـ"العربي الجديد": "عندما وصلت إلى المخيم بالقرب من خربة الجوز (في جسر الشغور) كانت الخيم غير مجهزة، وفي الشتاء الأول ناشدنا المنظمات تقديم عوازل تخفف عنا البرد، لكنّها لم تجدِ نفعاً. وفي صيف ذلك العام، بنى كثيرون جدراناً للخيم، وبات من الممكن وضع مدفأة تعمل على الحطب أو الوقود فيها". يتابع: "يذكر لي أقاربي في أحد مخيمات ريف إدلب أنّ وسيلة التدفئة الوحيدة لهم كانت الأغطية، إذ لا يمكنهم استخدام مدفأة كي لا تحترق الخيم. وبالفعل، وقعت حوادث عديدة، خصوصاً في مخيم أطمة، بالقرب من الحدود التركية - السورية، وقد زرته عدة مرات، وهو يقع في منطقة جبلية تجتاحها السيول على الدوام".