5 دول عربية تهدر مليار ساعة لدفع الضرائب

05 يونيو 2014
+ الخط -
يقتطع المواطنون والشركات، في كل بلد، نسباً متفاوتة من دخلهم وأرباحهم لدفع الضرائب. في بعض الأحيان، يخسرون في معادلة الضريبة مقابل الخدمة العامة، إذ إن غالبية الدول العربية لا تقدم لمواطنيها الحد الأدنى المطلوب من الخدمات العامة، في مقابل ملايين الدولارات، التي يدفعها المواطن للدولة على شكل ضرائب.

إلا أن البحث، الذي أعدته "العربي الجديد"، لن يطال حجم الضرائب المدفوعة، ولا نوعية الخدمات العامة، وإنما الخسائر الإضافية، التي يتم تكبدها نتيجة إضاعة الوقت في عملية دفع الضرائب.

تم استخدام عدد من المراجع، وتحليل عدد من الأرقام المعلنة، للوصول الى رقم صادم:
الخسارة السنوية نتيجة اضاعة الوقت على دفع الضرائب، المترتبة على 4 ملايين و950 ألف مؤسسة صغيرة ومتوسطة في كل من لبنان، تونس، مصر، المغرب والاردن، تصل الى مليار و472 مليون ساعة سنوياً.

وقت كان يمكن استثماره في بناء مدن كاملة، وإنتاج مدارس ومستشفيات ودور للمسنين ومدن للأطفال تغطي الدول العربية كلها.

من جهة أخرى، تتراوح مساهمة الشركات متوسطة وصغيرة الحجم في الناتج المحلي، في هذه البلدان، بين 40 و99 في المئة، ويصل انتاج هذه المؤسسات مجتمعة في كل دولة، من الدول الخمس، على حدة، الى ملايين الدولارات كل ساعة.

وبالتالي، يمكن الاستدلال على خسائر ضخمة تتكبدها الدورة الاقتصادية نتيجة تضييع الوقت على إجراءات دفع الضرائب، ومن دون ان ننسى الوقت المهدور على إنجاز بقية المعاملات في مختلف الإدارات العامة.

 ساعات... ساعات

بداية، كان لا بد من الوصول الى عدد الساعات، التي يستغرقها المواطنون في الإدارات العامة، لدفع ضرائبهم وتسوية معاملاتهم، إلا أنه تبين أن مراكز الأبحاث، في العالم العربي، لم تتطرق الى هذه القضية المهمة، التي تظهر معاناة المواطنين مع مؤسساتهم الرسمية، وحجم الإنتاج المهدور إن كان في الإدارة، أو بالنسبة إلى المواطن نفسه، نتيجة انتظاره الطويل لإنجاز معاملاته.

الساعات والأيام المهدورة على اجراءات دفع الضرائب






لذلك، تم اللجوء الى تقرير ممارسة أنشطة الأعمال لعام 2014، الصادر عن البنك الدولي
أخيراً، والذي يظهر عدد الساعات المطلوبة في كل بلد لكي تقوم المؤسسات بدفع ضرائبها سنوياً.

وتم تحديد الساعات الضائعة على سداد الضرائب في هذا المؤشر، عبر احتساب الوقت اللازم لسداد ثلاثة أنواع رئيسية من الضرائب والاشتراكات، هي: الضريبة على أرباح الشركات، وضريبة القيمة المضافة أو ضريبة المبيعات، والضرائب الخاصة بالعمالة، بما في ذلك الضرائب على الأجور والرواتب، واشتراكات الضمان الاجتماعي.
وتبين أن كل مؤسسة في لبنان، وتونس، ومصر، والمغرب والأردن، تستغرق 180 ساعة، 144 ساعة، 392 ساعة، 232 ساعة و151 ساعة سنوياً على التوالي، لسداد ضرائبها. 

وكون غالبية الاقتصادات العربية تقوم على المؤسسات الصغيرة والمتوسطة، بدأنا بالبحث عن عدد المؤسسات في كل بلد من البلدان الخمسة (لبنان، تونس، مصر، المغرب، الأردن)، لمعرفة كم تهدر كل المؤسسات في كل بلد وقتاً لدفع ضرائبها.

وتبين أن البنك الدولي يقدر عدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة بنحو 624 ألف مؤسسة في تونس، وفق تقرير صادر في أبريل/نيسان الماضي، أي بما يوازي 99.7 في المائة من العدد الإجمالي للشركات.

أما في الدول الأخرى، فلا تتطرق التصريحات والتقارير الرسمية الى هذا الموضوع بشكل تفصيلي، فكان لا بد من البحث عن أرقام معلنة تتعلق بحجم الشركات ومساهمتها في الناتج المحلي.

ففي مصر، أعلن أحد أعضاء اتحاد بنوك مصر في مارس/آذار الماضي، خلال تصريح صحافي، أن عدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر يصل الى 2.5 مليون مشروع، ويدخل سنوياً 39 ألف مشروع جديد مجال الإنتاج، في حين أن المشروعات الصناعية الصغيرة والمتوسطة في مصر تسهم بنسبة 40 في المائة من إجمالي الناتج القومي.


الناتج المحلي الاجمالي التقريبي

في حين يصل عدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في الأردن، وفق تصريح لرئيس غرفة صناعة الأردن، أيمن حتاحت، خلال مؤتمر صحافي في أبريل/نيسان الماضي، إلى 156 ألف منشأة تشكل 40 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.

وبالانتقال الى المغرب، فقد أعلن الخبير الاقتصادي وأستاذ الإدارة في جامعة مونوبولي الفرنسية في تصريحات لصحيفة "الرؤية الاقتصادية" في عام 2009، أن عدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في المغرب يقدر بـ1.5 مليون مؤسسة.
كذلك، يؤكد رئيس الاتحاد العام للمقاولات والمهن في المغرب، منصف الكتاني، في تصريح صحافي، أن عدد المقاولات الإجمالي في المغرب هو 751 ألف مقاولة، من بينها 734 صغيرة جداً، ومع إضافة 734 ألف وحدة تعمل في القطاع غير المنظم، نصل إلى مجموع المقاولات جد الصغرى: 1 مليون و464 ألف وحدة.

وصولاً الى لبنان، حيث يقول تقرير لوزارة الاقتصاد في عام 2013، أن عدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة في لبنان وصل في عام 2012 الى حوالى 170 ألف مؤسسة.
ويفيد تقرير صندوق النقد العربي في عام 2013  أن المنشآت الصغيرة والمتوسطة تساهم بنسبة 99 في المائة  في الناتج المحلي الإجمالي في لبنان.

حجم الناتج المحلي السنوي واليومي 



ويشير معهد حوكمة الشركات، في تقرير صادر بعد مؤتمر عقده في مايو/أيار 2012 إلى أن مساهمة الشركات الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي، في كل من تونس والمغرب والاردن، هي 55 في المائة، 40 في المائة، و50 في المائة على التوالي.


خسائر ضخمة

بالنتيجة، وفي مقارنة بين عدد المؤسسات الصغيرة والمتوسطة العاملة في البلدان الخمسة موضع البحث، وعدد الساعات التي تستغرقه كل مؤسسة للالتزام بدفع الضرائب، يتبين أن 170 ألف مؤسسة في لبنان تهدر 30 مليوناً و600 ألف ساعة على دفع الضرائب.

وفي مصر، تضيّع حوالى 2.5 مليون مؤسسة صغيرة ومتوسطة حوالى 980 مليون ساعة على اجراءات دفع الضرائب.

وفي تونس، تضيع 624 ألف مؤسسة حوالى 89 مليوناً و856 ألف ساعة سنوياً لدفع الضرائب. 
وفي المغرب، تضيّع 1.5 مليون مؤسسة حوالى 348 مليون ساعة سنوياً لدفع الضرائب.

وصولاً الى الأردن، حيث تضيع 156ألف مؤسسة حوالى 23 مليوناً و556 ألف ساعة على دفع الضرائب.

والخسائر هنا هي وقت غير منتج تضيّعه البلدان في القيام بإجراءات ضريبية، يمكن أن تصبح أسهل في حال اعتماد النظم الحديثة المعتمدة عالمياً في دفع الضرائب.

 

 

 

 

المساهمون