5 دلائل على امتعاض معسكر حفتر من لقاء باريس الليبي

09 يونيو 2018
مخاوف من تأزيم الوضع السياسي (اتيان لوران/ فرانس برس)
+ الخط -
تحركات وتصريحات لافتة وغريبة للمعسكر المحسوب على اللواء الليبي المتقاعد، خليفة حفتر، توالت بشكل متسارع، بعد رجوعه من باريس، التي أعلن فيها، قبل عشرة أيام، عما يشبه اتفاقاً بين أربع شخصيات ليبية لإنهاء فوضى الانقسام السياسي عبر انتخابات عامة. ويبدو أن جديد معسكر حفتر لم يعد يصدق كثيرا تكهّنات مراقبي المشهد الليبي، بشأن استمرار باريس في دعم الأخير، ورغبتها من خلال مبادرتها الأخيرة في حفظ مكان له كحليف عسكري لها في أي مشهد أو تسوية قادمة، فهل أتت رياح باريس بما لم تشتهه سفنه؟

الخميس الماضي، خرج وزير خارجية فرنسا، جان إيف لودريان، خلال مؤتمر صحافي جمعه بوزير خارجية تشاد، محمد شريف، في نجامينا، بشكل لافت وغريب، ليؤكد على "فعل كل شيء" من أجل تنفيذ التعهدات التي قطعتها الأطراف الليبية على نفسها خلال اجتماعهم في باريس "ولا سيما تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية قبيل نهاية العام"، ليعيد التساؤل عن سبب هذا التأكيد الفرنسي، وهل من رافض في الكواليس الليبية.

ويمكن رصد أول تصرفات حفتر المريبة، حرصه على إرسال كلمة صوتية لجنوده المحاصرين لدرنة وقتها، يؤكد فيها على ضرورة "مضي الجيش في الحرب على الإرهاب واستمرار معارك تحرير درنة"، في أول رفض مبطّن ومسبق للإعلان السياسي الذي كانت تجري لحظتها التحضيرات لإعلانه.

تليها كلمة أخرى له، عبر بيان بثته الصفحة الرسمية لشعبة الإعلام الحربي التابعة لقواته، دعا فيها الشعب الليبي إلى "الالتفاف حول قوات الجيش التي ستكفل له تحقيق آماله والوصول إلى مرحلة الديمقراطية والحريات"، في إشارة أخرى إلى نكوصه عن إعلان باريس برمّته، الذي حث على ضرورة إجراء انتخابات عامة في البلاد، وإتاحة الفرصة للشعب عبر صناديق الاقتراع لاختيار قاداته السياسيين، لإنهاء أزمة البلاد.

أما الثالثة، فقد جاءت إثر تسريبات عن مساع لتوسيع حكومة الوفاق في طرابلس، برعاية أممية، لتضم وزارات في حكومة مجلس النواب الموازية، حيث نفى حفتر، عبر بيان بثه مكتبه الإعلامي، مطلع الأسبوع الماضي، أن تكون مباحثات باريس قد تم الاتفاق فيها على إلغاء حكومة مجلس النواب، في معارضة صريحة لأحد بنود الإعلان الذي أكد على "نقل مقر مجلس النواب وفق ما ورد في الإعلان الدستوري وإلغاء الحكومة والمؤسسات الموازية تدريجيا".

إشارة رابعة تدلّ على امتعاض حفتر من إعلان باريس؛ تتمثل في عدم صدور أي مواقف صريحة من حفتر وحلفائه السياسيين في مجلس النواب سلبا أو إيجابيا منذ رجوعهم من باريس حتى اليوم. مع ذلك، جاءت إشارة خامسة، لتكشف الانزعاح من إعلان باريس. إذ أعلن رئيس المجلس الأعلى للدولة، خالد المشري، الخميس، عن رغبته في زيارة طبرق ضمن وفد يضم ثلاثين عضوا لمقابلة رئيس مجلس النواب، عقيلة صالح، لـ"محاولة الوصول إلى توافقات وحلول عملية لتجاوز الانقسام"؛ وهو ما قد يكون أوقع هؤلاء النواب في حرج أمام الرأي العام، لا سيما الدولي، وحدا بأحدهم إلى الخروج عن صمته والتعليق على رغبة المشري.

ففي تصريح لتلفزيون محلي، ليل أمس الجمعة، قال النائب زياد دغيم، إنه طلب من صالح رفض رغبة المشري وعدم الالتفات، معتبرا أن زيارة المشري هدفها "السعي لبث الفتنة بين نواب الشرق وحفتر"، مؤكدا أن التيار النيابي الداعم لحفتر يرفض رغبة المشري، متسائلا "نتفق على ماذا؟… المسافة بيننا بعيدة جدًا، خاصة مع موقف هؤلاء الرافض للمشير خليفة حفتر كقائد عام للجيش".

حديث دغيم أوضح بشكل جلي أن خلافات قد تكون نشبت بين حفتر وباريس، ربما جاءت في إطار سعي الأخيرة صحبة عواصم عربية لفرض وجود بديل عن حفتر لقيادة قواته، وعدم المراهنة عليه، لا سيما بعد الوهن الصحي الذي بات يعانيه، في وقت تحرص فيه باريس على تقديم دعم سياسي للتقارب بين مجلسي الدولة والنواب، بحسب تأكيد لودريان، الخميس الماضي.

وقال دغيم، في التصريحات ذاتها، إن هدف المشري من زيارته لطبرق هو "حملة انتخابية مبكّرة لجماعة الإخوان المسلمين، التي ستقوم بترشيح المشري لرئاسة الدولة أو لرئاسة الوزراء، في صفقة محتملة مع مرشح قوي من برقة"، من دون أن يشير إلى ذلك المرشح القوي، لكنه من دون شك يعني صالح، لا سيما وأنه طالب، خلال هذه التصريحات، صالح، برفض رغبة المشري، مؤكدا أنها تهدف أيضا إلى "خلق شرخ بين المشير خليفة حفتر وعقيلة صالح".

وهو حديث قد يتوازى مع سعي لضم حكومة مجلس النواب في حكومة الوفاق ضمن تشكيلة جديدة وموسعة قد يكون لصالح، الذي تئن علاقته بحفتر بالكثير من الخلافات، دور فيها، وهو ما قد يشير إلى نفي حفتر لاحتواء إعلان باريس على مادة تتحدث عن إلغاء تلك الحكومة الموازية.

اللافت في تصريحات دغيم مهاجمته لفرنسا، إذ اتهمها بأنها "تلعب دورا أكبر من حجمها"، مضيفا أنها "تسعى إلى الانفراد بالمشهد الليبي، وترى في نفسها صاحبة نفوذ في منطقة جنوب الساحل ومنطقة المغرب العربي، وتعتقد أن ليبيا هي الحلقة الأخيرة في سيطرتها على الشمال الأفريقي، وبالتالي تريد توسيع نفوذها داخل ليبيا".

وأكد دغيم أن الذهاب إلى انتخابات عامة، بحسب بنود إعلان باريس، قد تكون مستحيلة ما دامت ستقوم على أساس مسودة الدستور وطرحها على الاستفتاء الشعبي، معتبرا أنها مسودة "مستفزة ومعيبة وباطلة بحكم قضائي، والاستفتاء الشعبي سيساهم في تقسيم البرلمان".

المساهمون