3 مهمات لوزير الخارجية المصري في بريطانيا

29 أكتوبر 2014
تريد مصر انتزاع قرار بريطاني بحظر الإخوان(ألبرتو بيزولي/فرانس برس)
+ الخط -

ما أن تم الإعلان عن زيارة وزير الخارجية المصري، سامح شكري الى العاصمة البريطانية، حتى سارع الأخير لتأكيد أن "الزيارة تناولت العلاقات الثنائية فضلاً عن تناول العديد من القضايا الاقليمية والدولية التي تهم البلدين ومن بينها ظاهرة الإرهاب باعتبارها ظاهرة عالمية وسبل تعزيز التعاون المشترك لمواجهتها، وتطورات الأوضاع السياسية والأمنية في ليبيا، فضلاً عن تطورات القضية الفلسطينية والأزمة السورية والأوضاع العراق".

لكن متابعة التفاصيل التي سبقت زيارة شكري، وما تخلل الزيارة من تصريحات وبيانات صدرت عنه وعن وزارة الخارجية المصرية، توضح أن الزيارة "القصيرة" ركزت في الأساس على "خلط الأوراق" ومطالبة دول العالم، ومنها طبعاً بريطانيا، بالوقوف إلى جانب مصر في مواجهة الإرهاب، "كما وقفت مصر إلى جانب كل الدول التي تعرضت للإرهاب"، لأن "مصر تعتبر آخر حصن للاستقرار في هذه المنطقة"، على حد تعبير الوزير.

خطاب "الترهيب"، الذي بدأ بفحص "صدق النيات" – حسب تعبير الخارجية المصرية - ارتفع بسقف الخطر الذي يتهدد مصر الى أقصاه، ليصل إلى حدّ القول "إذا فشلت مصر في مسعاها لمواجهة الإرهاب، فإن العواقب ستنطلق إلى أوروبا بعد ذلك"، كما قال شكري. هذه اللهجة استخدمها وزير الخارجية المصري ليطلب من العالم، وفي مقدمه بريطانيا، مساعدة مصر في ثلاثة مجالات؛ تبادل المعلومات مع دول العالم بشأن المنظمات الإرهابية، قطع التمويل عن الجماعات المتطرفة المسلحة، وثالثاً مدّ القوات المسلحة والأجهزة الأمنية المصرية بالتجهيزات والمعدات اللازمة لمواجهة الإرهاب.

وهنا بالضبط يكمن المحرك الرئيسي لزيارة شكري ومباحثاته في لندن، فالوزير المصري جاء إلى العاصمة البريطانية لثلاث مهمات لم يعلن عنها في البيانات "التقليدية" التي صدرت عن الوزير أو وزارته.

المهمة الأولى هي خلط الأوراق، على اعتبار أن مصر التي لا ترى مسافة فاصلة بين مواجهة "داعش" في العراق وسورية، ومواجهة "الإخوان المسلمين" في مصر. وفي هذا الخلط، يسعى النظام المصري إلى انتهاز الأحداث الإرهابية التي تقوم بها بعض التنظيمات المتطرفة، لينقل مواجهته السياسية مع تنظيم الإخوان المسلمين إلى مستوى المواجهة "الخشنة"، التي تتطلب بالتالي دعماً معلوماتياً واستخباراتياً من بريطانيا التي يقيم فيها الكثير من أعضاء تنظيم الاخوان المسلمين.

وبهذا الخلط الانتهازي، ترفع الخارجية المصرية نبرة التهديد بالخطر الداهم، سعياً منها إلى انتزاع قرار بريطاني بحظر جماعة الإخوان المسلمين وإدراجها على قائمة المنظمات الإرهابية، في خطوة استباقية لما قد يكشف عنه تقرير لجنة السفير جون جينكينز التي يبدو أنها لن تذهب الى حد تجريم تنظيم الإخوان المسلمين، أو حظر نشاط التنظيم.

وبالتأكيد فإن خلط الأوراق، سيحقق للنظام المصري – كما يتصور – فرصة للتأثير على الإعلام البريطاني الذي تشتكي مصر من "عدم موضوعيته"، وعدم تقبله للانقلاب العسكري الذي أطاح بحكم الرئيس محمد مرسي الذي وصل إلى سدة الحكم بانتخابات تشريعية نزيهة.

شكري تصور بأن الحديث مع وزير الخارجية البريطاني وغيره من الوزراء في حكومة ديفيد كاميرون قد يُثمر في الضغط على الصحف البريطانية لتغيير موقفها من الحكم المصري، ولا سيما أن تعاقد الحكومة المصرية مع مجموعة "بيل بوتينجر"، كبرى الوكالات المتخصصة في العلاقات العامة والدعاية في بريطانيا، لتحسين صورتها على الساحة الدولية، لم يحدث أي فرق على هذا الصعيد.

وأخيراً، يبدو أن النظام المصري الذي فشل لغاية اللحظة في الحصول على اعتراف "جدي" من قبل الإدارة الأميركية، أراد الدخول الى البيت الأبيض من الباب الخلفي، على اعتبار العلاقات المتميزة والاستراتيجية التي تربط واشنطن ولندن. وهذا ما يفسّر دعوة شكري لدول العالم لضمّ مصر إلى جبهات التحالف الدولي ضد الإرهاب. وترى وزارة الخارجية المصرية في أحداث سيناء الأخيرة وسقوط العشرات من أفراد القوات المسلحة المصرية، فرصة لترميم العلاقات مع واشنطن تحت شعار "الشراكة في محاربة الإرهاب"، ومن بوابة لندن.