22 عاماً ترسّخ السوق اليمنية كـ "دكانة" للسلع المستوردة

16 مايو 2016
المنتجات المستوردة تسيطر على اليمن (Getty)
+ الخط -
تَقدّمَ اليمن في نهاية العام 1994 بطلب الانضمام إلى منظمة التجارة العالمية، وكإجراء تفاوضي، فتح أسواقه بطريقة غير مدروسة، وظل يفاوض طيلة 19 عاماً دون أن يستغل هذه المدة الزمنية في تحسين جودة منتجاته وتعزيز قدرتها التنافسية. هكذا، تراجع أداء القطاع الزراعي، حيث كان في السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضي يسهم بـ40% من الناتج القومي، وظل ينمو بالاتجاه السالب لتصل مساهمته حالياً إلى 10.5%، كما تراجعت نسبته في استيعاب العمالة إلى ما دون 27% وفقاً للبيانات الرسمية، خاصة في ظل ضعف النشاط الصناعي في استيعاب المنتجات الزراعية. أما القطاع الصناعي ولد ضعيفاً وظل كذلك، حيث لم تتجاوز مساهمته 7.8% من الناتج المحلي الإجمالي بما فيه تكرير النفط، وتبلغ نسبة المشتغلين في الصناعات التحويلية 6.1%.
يرى خبراء اقتصاديون أن هذا التدهور جاء بفعل الإجراءات التي قامت بها الدولة في العام 1995 من فتح أسواقها أمام المنتجات المستوردة التي أغرقت السوق دون توفير الإجراءات الحمائية للمنتج الوطني وبناء قطاع صناعي قوي وقادر على المنافسة. الأمر الذي جعل الصناعة المحلية غير قادرة على نيل ثقة المستهلك المحلي بسبب ضعف جودة الإنتاج مما يدفعه إلى البحث عن المنتجات المماثلة والتي يتم استيرادها من الخارج.
بعد أن تمت الموافقة على عضوية اليمن في منظمة التجارة العالمية نهاية 2013 ليصبح العضو 160 في المنظمة لم يتبق أمامه سوى تحقيق الاستفادة من هذه العضوية وفقاً لخبراء الاقتصاد. إذ يرى رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي مصطفى نصر أن فتح اليمن لأسواقه أمام المنتجات العالمية في وقت مبكر يجعله الآن مطالباً بتحقيق الاستفادة من خلال الاندماج في منظومة الاقتصاد العالمي، والاستفادة من حركة الاستثمارات والتبادل التجاري والصناعي مع العالم الخارجي. ويشير نصر لـ"العربي الجديد" إلى أن السوق اليمنية تعاني من الانكشاف منذ العام 1995، الأمر الذي يحتم وضع استراتيجية جادة للارتقاء بالمنتج المحلي وتعزيز قدرته التنافسية أمام منتجات العالم.

اقتصاد مفتوح 
بدوره، يقول الكاتب الاقتصادي عبدالجليل السلمي لـ "العربي الجديد" إن الاقتصاد اليمني اقتصاد مفتوح أصلاً، وقد رُفعت الحماية عن المنتج المحلي عقب انتهاج اليمن برامج الإصلاح الاقتصادي بالتعاون مع البنك الدولي منتصف التسعينات من القرن الماضي، إذ أن 90% من المعروض السلعي في السوق اليمنية مستورد من الخارج، في حين أن أغلب الصناعات المحلية هي صناعات تحويلية تعتمد على المواد الخام المستوردة من الخارج.

ويشير السلمي إلى أن القطاع الصناعي اليمني يحتاج إلى جملة من الإجراءات الحمائية التي تمكنه من المنافسة، وذلك من خلال إعفائه من الرسوم الجمركية المفروضة على المواد الخام، لكي يتمكن من المنافسة أمام المنتجات الأجنبية، إلى جانب ما يحتاجه البلد من تعزيز للبيئة الاستثمارية والأمن والاستقرار، وذلك لاستقطاب الاستثمارات الأجنبية المباشرة.
تجاوز التأثيرات السلبية التي قد تلحق بالقطاعات الصناعية والزراعية وتقود إلى رفع نسب البطالة وزيادة الإفلاس واتساع رقعة الفقر مسألة ممكنة وفقاً لما يقوله رئيس مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي، وذلك من خلال بناء وتقوية قدرة الصناعات المحلية على المنافسة والتصدير إلى أسواق جديدة، وحماية بعض المنتجات المحلية.
في ذات السياق يقول المهندس الصناعي، عبدالله عبد الرقيب لـ"العربي الجديد" إن المنتجات الصناعية المحلية تواجه تحديات أبرزها ارتفاع كُلفة الإنتاج مما يزيد من تكلفتها في السوق مقارنة بمثيلاتها المستوردة. الأمر الذي يجعل المستهلك يفضل المنتجات المستوردة ذات السعر الأقل خاصة في ظل ضعف القوة الشرائية الناتجة عن تردي الدخل.
ويشير عبد الرقيب إلى أن المُنتج يتحمل تكاليف توفير البنية التحتية لإقامة المنشأة الصناعية من موقع وشبكة مياه وطاقة كهربائية وحماية أمنية ونقل، إضافة إلى متطلبات التراخيص والضرائب وغيرها من الإجراءات التي تفرضها الدولة، مما يعمل على مضاعفة الكُلفة الإنتاجية. فضلاً عن غياب الكادر الفني المتخصص محلياً، وإن وجد فهو لا يخضع للتأهيل المناسب، الأمر الذي يضطر الجهات الصناعية إلى استقدام عمالة مؤهلة من الخارج وبرواتب مضاعفة مقارنة بالعمالة المحلية، وجميعها تُضاف إلى الكُلفة الإنتاجية، على عكس المنتجات المستوردة، التي تسيطر على السوق اليمنية.
"بعدما أصبح اليمن عضواً في منظمة التجارة العالمية باتت أمامه الكثير من الفرص للاستفادة"، وفقاً للباحث الاقتصادي ياسين التميمي، ويقول لـ"العربي الجديد": "إن انضمام اليمن لمنظمة التجارة العالمية يُعد فرصة مهمة لتحسين اقتصاده وتطوير قدراته الحمائية بمعنى حماية المستهلك من السلع غير المطابقة للمواصفات المعتمدة دولياً، إلى جانب أن ذلك يشكل فرصة للقطاع الصناعي الوطني لتطوير قدراته التنافسية".

المساهمون