ثلاثون يوماً من العمل الشّاق، في مصنع أو أرض زراعية أو في متجر، أو حتى كحارس لممتلكات الدولة أو القطاع الخاص، سيكون مقابلها ثمن 4 غرامات ونصف الغرام من الذهب فقط. هكذا هو الحدّ الأدنى للأجور في تونس الذي يبلغ تقريباً 170 دولاراً، في حين يبلغ سعر غرام الذهب عيار 24 في المتوسّط 38 دولاراً. لو اختفت العملات النقديّة التي نعرفها اليوم، فكيف ستكون معيشة المواطن التونسيّ؟ وكيف كانت لتقيّم حاجياته اليوميّة بالذهب؟ يبدو الطرح للوهلة الأولى غريباً، لكنه يشرح بشكل أوضح ربّما كيف تدهور الواقع المعيشيّ للتونسيّ، وكيف ترتفع قيمة كلّ شيء من حوله، بينما يرخص جهده وعرقه. يؤكّد الخبير الاقتصادي محمد ياسين السوسي أنّ "مستوى الحدّ الأدنى للأجور في تونس يمثّل أحد أبرز المشاكل التي تزيد من تدهور القدرة الشرائيّة للمواطن التونسيّ، ورغم إعلان الحكومة إقرار زيادات في الأجور نهاية العام 2016، إلاّ أنّ قيمة الترفيع الأخير لا تتجاوز 7.5 دولارات، في مقابل نسبة تضخّم تناهز 5%، وتصل إلى حدود 8% بالنسبة للمواد الاستهلاكيّة الأساسية، على غرار المواد الغذائيّة والمحروقات والملابس والعقارات".
ويقول السوسي: "إن اعتماد الذهب كمعيار للتقييم، يعني أنّ الزيادة الحكوميّة الأخيرة في الأجور لم تتجاوز 0.19 غرام من الذهب". ويسترسل السوسي في إقامة المقارنة بين قيمة الحد الأدنى للأجور بمعيار الذهب، وقيمة احتياجات المواطن العاديّ، ليوضّح أنّ معدّل أسعار الإيجار اليوم في تونس لا تقلّ عن 7 غرامات من الذهب شهريّا، أمّا الحدّ الأدنى للاستهلاك الغذائيّ فلا يقل هو الآخر عن 7 غرامات أخرى، في حين ترتفع تكاليف الصحة، إذا علمنا أنّ أجرة الطبيب للكشف الواحد تعادل 0.9 غرام من الذهب، أي خمس الأجر الأدنى للمواطن. ويعلق السوسي قائلاً: "إن الغرامات القليلة من الذهب التي تمثّل قيمة الراتب الأدنى تقابلها أضعاف تلك الغرامات للإيفاء بالحد الأدنى من احتياجات التونسيّ".
محدودية الدخل
ولمزيد من التوضيح حول مدى تدهور المقدرة الشرائيّة للمواطن ومحدوديّة الأجر الأدنى في مقابل بعض السلع، يستعرض السوسي قيمة بعض المواد الاستهلاكيّة والمنتجات بمعيار الذهب، حيث يشير إلى أنّ الغرامات الأربعة ونصف الغرام، التي تمثّل الدخل الأدنى لعشرات الآلاف من التونسيّين، لا تكفي لشراء 15 كيلوغراماً من لحم الضأن شهرياً والتّي تبلغ قيمتها حالياً 3.9 غرامات من الذهب، أو قيمة هاتف نقّال بسعر يصل إلى 10.5 غرامات من الذهب، بينما يصل سعر المركبة المستعملة إلى نحو 55 غراماً من الذهب، أي ما يعادل الحد الأدنى من أجر عامل أو حارس لمدّة 11 شهراً، فيما تصل كلفة امتلاك بيت خاصّ إلى نحو 1.5 كيلوغرام من الذهب الخالص، أي بمعنى آخر أجرة 24 عاماً من العمل المتواصل مع الامتناع عن الأكل أو الشرب أو اقتناء أي شيء. وتشهد مبيعات الذهب في تونس ركوداً غير معهود، بحسب علي بن خليفة، وهو أحد كبار باعة الذهب في سوق "البركة" في تونس العاصمة، إذ يؤكد أنّ إقبال المواطنين على شراء الذهب تراجع بشكل ملحوظ خلال السنوات الخمس الأخيرة. ويقول: "لم يعد المصوغ الذهبي يجد له مكاناً بين مشتريات التونسيّين خارج ضرورات المناسبات، كحفلات الخطوبة أو الزواج". أمّا عن الحدّ الأدنى للأجور في تونس وتقييمه بالذهب، فيشير بن خليفة إلى أنّ قيمة الراتب الشهري للتونسيّ لا تساوي الغرامات التي يُصنع منها أي خاتم بسيط. أما عن باقي المصوغات، فيبدو أنّ المواطن محدود الدخل قد يفني عمره في العمل دون أن تكون له القدرة على اقتناء طقم كامل من الذهب. ويضيف: "إزاء انخفاض الرواتب وتواصل ارتفاع الأسعار، يقبل التونسيون على بيع ذهبهم الذي يكون عادة بقيمة بسيطة، لكنها تؤمّن فرجاً كبيراً لهم مقارنة بتدنّي مستوى المعيشة".
اقرأ أيضاً:مؤشر تعاسة التونسيين: البطالة واجهة فقط
ويقول السوسي: "إن اعتماد الذهب كمعيار للتقييم، يعني أنّ الزيادة الحكوميّة الأخيرة في الأجور لم تتجاوز 0.19 غرام من الذهب". ويسترسل السوسي في إقامة المقارنة بين قيمة الحد الأدنى للأجور بمعيار الذهب، وقيمة احتياجات المواطن العاديّ، ليوضّح أنّ معدّل أسعار الإيجار اليوم في تونس لا تقلّ عن 7 غرامات من الذهب شهريّا، أمّا الحدّ الأدنى للاستهلاك الغذائيّ فلا يقل هو الآخر عن 7 غرامات أخرى، في حين ترتفع تكاليف الصحة، إذا علمنا أنّ أجرة الطبيب للكشف الواحد تعادل 0.9 غرام من الذهب، أي خمس الأجر الأدنى للمواطن. ويعلق السوسي قائلاً: "إن الغرامات القليلة من الذهب التي تمثّل قيمة الراتب الأدنى تقابلها أضعاف تلك الغرامات للإيفاء بالحد الأدنى من احتياجات التونسيّ".
محدودية الدخل
ولمزيد من التوضيح حول مدى تدهور المقدرة الشرائيّة للمواطن ومحدوديّة الأجر الأدنى في مقابل بعض السلع، يستعرض السوسي قيمة بعض المواد الاستهلاكيّة والمنتجات بمعيار الذهب، حيث يشير إلى أنّ الغرامات الأربعة ونصف الغرام، التي تمثّل الدخل الأدنى لعشرات الآلاف من التونسيّين، لا تكفي لشراء 15 كيلوغراماً من لحم الضأن شهرياً والتّي تبلغ قيمتها حالياً 3.9 غرامات من الذهب، أو قيمة هاتف نقّال بسعر يصل إلى 10.5 غرامات من الذهب، بينما يصل سعر المركبة المستعملة إلى نحو 55 غراماً من الذهب، أي ما يعادل الحد الأدنى من أجر عامل أو حارس لمدّة 11 شهراً، فيما تصل كلفة امتلاك بيت خاصّ إلى نحو 1.5 كيلوغرام من الذهب الخالص، أي بمعنى آخر أجرة 24 عاماً من العمل المتواصل مع الامتناع عن الأكل أو الشرب أو اقتناء أي شيء. وتشهد مبيعات الذهب في تونس ركوداً غير معهود، بحسب علي بن خليفة، وهو أحد كبار باعة الذهب في سوق "البركة" في تونس العاصمة، إذ يؤكد أنّ إقبال المواطنين على شراء الذهب تراجع بشكل ملحوظ خلال السنوات الخمس الأخيرة. ويقول: "لم يعد المصوغ الذهبي يجد له مكاناً بين مشتريات التونسيّين خارج ضرورات المناسبات، كحفلات الخطوبة أو الزواج". أمّا عن الحدّ الأدنى للأجور في تونس وتقييمه بالذهب، فيشير بن خليفة إلى أنّ قيمة الراتب الشهري للتونسيّ لا تساوي الغرامات التي يُصنع منها أي خاتم بسيط. أما عن باقي المصوغات، فيبدو أنّ المواطن محدود الدخل قد يفني عمره في العمل دون أن تكون له القدرة على اقتناء طقم كامل من الذهب. ويضيف: "إزاء انخفاض الرواتب وتواصل ارتفاع الأسعار، يقبل التونسيون على بيع ذهبهم الذي يكون عادة بقيمة بسيطة، لكنها تؤمّن فرجاً كبيراً لهم مقارنة بتدنّي مستوى المعيشة".
اقرأ أيضاً:مؤشر تعاسة التونسيين: البطالة واجهة فقط