1200ساعة قتال تمهّد الطريق للموصل: مهاجمة الجانب الأيمن قريباً

03 ديسمبر 2016
نفذ "داعش" أمس هجمات ضد القوات المهاجمة(أحمد الربيعي/فرانس برس)
+ الخط -
تواصل القوات العراقية المشتركة معاركها في مدينة الموصل وضواحيها لانتزاع المدينة من قبضة تنظيم "الدولة الإسلامية" (داعش) بدعم واسع من التحالف الدولي، مسجلة حتى يوم أمس، الجمعة، 49 يوماً من المواجهات بنحو 1200 ساعة قتال متواصلة وعلى مختلف محاور المدينة، في الوقت الذي أطلقت عشائر جنوب ووسط العراق حملات مساعدة للنازحين من سكان الموصل الفارين من مناطق القتال، في خطوة تضفي مزيداً من الإيجابية على المجتمع العراقي ونبذ الطائفية.


قتال بخطة جديدة

وشهدت معارك أمس، الجمعة، عمليات كر وفر في مختلف المحاور بسبب سوء الأحوال الجوية، إذ استمر تساقط الأمطار مع انخفاض درجات الحرارة فضلاً عن انخفاض مستوى الرؤية في مناطق عدة بفعل الضباب. لكن الأحوال الجوية لم تمنع مقاتلات التحالف الدولي من توجيه ضربات وصفت بـ"الدقيقة" استهدفت مواقع تنظيم داعش في مناطق عدة داخل الموصل وفي محيطها.

ووفقاً لقيادات عسكرية عراقية، منح سوء الأحوال الجوية الأفضلية لمقاتلي تنظيم داعش في شنّ هجمات مختلفة أغلبها انتحارية على المحورين الشرقي والجنوبي والغربي استهدفت الجيش وجهاز مكافحة الإرهاب ومليشيات الحشد الشعبي التي ترابط على المحور الغربي قرب مطار تلعفر.
وقال الضابط في جهاز مكافحة الإرهاب، الرائد إيهاب العزاوي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "معارك عنيفة تجددت منذ فجر أمس الجمعة، في أحياء الزهور والنور والإعلام والبريد بعد هجمات عنيفة نفذها عناصر داعش ضد قوات الأمن العراقية التي تحاول التقدم في هذه الأحياء". ولفت إلى أن "القوات العراقية نجحت في امتصاص أغلب الهجمات ونفذت هجمات وقائية مضادة بغطاء من مقاتلات التحالف". وعلى الرغم من أن المعارك اتسمت بطابع الكر والفر، إلا أنها تستنزف قوات تنظيم داعش بشكل كبير، خصوصاً في محور شرق الموصل، على حد قوله.
من جهته، أعلن نائب قائد جهاز مكافحة الإرهاب، الفريق عبد الوهاب الساعدي، في تصريحات صحافية، أن "قوات جهاز مكافحة الإرهاب تواصل توغلها لاستعادة السيطرة الكاملة على حي القادسية الأولى شرق الموصل"، مؤكداً أن "القوات العراقية تواجه مقاومة شرسة".
بدوره، أفاد قائد الجهاز، الفريق عبد الغني الأسدي، بأن "القوات الأمنية العراقية ستبدأ خلال الأيام المقبلة بمهاجمة الجانب الأيمن من مدينة الموصل، وذلك بعد تمكن قوات مكافحة الإرهاب والشرطة الاتحادية والجيش العراقي من السيطرة على معظم الأحياء الواقعة شرق وجنوب مدينة الموصل التي لا تفصلها عن نهر دجلة سوى ثلاثة كيلومترات فقط".



في موازاة ذلك، أعلن قائد شرطة محافظة نينوى، العميد واثق الحمداني، في حديث مع "العربي الجديد"، أن فوجين من شرطة طوارئ محافظة نينوى سيتوليان مسؤولية حفظ الأمن في المناطق التي تم تحريرها في مناطق شرق وجنوب شرق مدينة الموصل.
كما أعلن مصدر عسكري في قيادة عمليات نينوى أن "قيادة عمليات نينوى أرسلت تعزيزات عسكرية قوامها لواء إلى أحياء الخضراء والقدس والزهراء، شرقي الموصل، من أجل مسك الأرض ومساندة قوات جهاز مكافحة الإرهاب التي تخوض معارك مستمرة في مناطق شرق الموصل".
وفي محور غرب الموصل، كشفت مصادر من مليشيات الحشد الشعبي عن تعرض قواتها في مناطق جنوب مدينة تلعفر (60 كيلومتراً غرب الموصل) إلى هجوم عنيف نفذه العشرات من عناصر تنظيم داعش. وقال القيادي في مليشيات الحشد الشعبي، علي البديري، إن "عناصر داعش استغلوا سوء الأحوال الجوية وهطول الأمطار في مناطق غرب الموصل وشنّوا هجوماً عنيفاً بعربات مفخخة وأسلحة متوسطة استهدف قوات الحشد الشعبي في قريتي الشريعة وتل زلط القريبتين من مدينة تلعفر". وأوضح البديري، في حديث مع "العربي الجديد"، أن "قوات الحشد تمكنت من صد الهجوم وقتل عدد من عناصر التنظيم وتفجير ثلاث عربات مفخخة خلال الهجوم". في المقابل، نشرت و"كالة أعماق"، الناطقة باسم "داعش"، مقطع فيديو يظهر سيطرة عناصر "داعش" على قرية تل زلط. كما أفادت عن مقتل "ما لا يقل عن 15 عنصراً من مليشيات الحشد في الهجوم".
في غضون ذلك، أعلنت قيادة عمليات تحرير نينوى عن حصيلة معركة تحرير نينوى طيلة الأيام الخمسة والأربعين الماضية.
وقال قائد عمليات الجيش في نينوى، الفريق أول الركن عبد الأمير رشيد يار الله، في بيان صحافي صدر في ساعة متأخرة من ليلة الخميس، إن القوات العراقية حققت انتصارات واسعة على تنظيم "داعش" في مختلف المحاور. وأشار إلى أنه في المحور الجنوبي تم تحرير 96 قرية وثلاث بلدات فضلاً عن 56 بئراً نفطياً. وأوضح أن القوات المهاجمة أصبحت على مشارف البوسيف، جنوب مدينة الموصل، وتمكنت من تطهير مساحة أراض تقدر بـ1855 كيلومتراً مربعاً.

وفي المحور الجنوبي الشرقي، تمكنت القوات المهاجمة من تحرير 54 قرية ومدن وبلدات عدة، أهمها الحمدانية وكرملس وناحية النمرود والسلامية، فضلاً عن تطهير 4 أحياء من الساحل الأيسر وتطهير أرض بمساحة 950 كيلومتراً مربعاً. أما في محور الزاب فقد تمكنت القوات من تحرير 17 قرية وتطهير أراضٍ بمساحة 320 كيلومتراً مربعاً.

ووفقاً لقائد عمليات الجيش في نينوى، فإنه في المحور الشمالي تم تحرير 21 قرية، ومنها منطقة الشلالات والبعويزة ودجلة مول وتطهير أراضي بمساحة 112 كيلومتراً مربعاً. وتكرر مشهد التقدم في المحور الشرقي، إذ تم تحرير 15 قرية، أهمها ناحية برطلة وبزوايا وتطهير وتحرير 23 حياً من أحياء الساحل الأيسر للموصل، فضلاً عن السيطرة على العديد من المؤسسات والبنية التحتية. وواصلت القوات المهاجمة التحرك بهدف تحرير الأحياء الباقية والبالغة 56 حياً للساحل الأيسر بعدما تمكنت من تطهير أرض بمساحة 140 كيلومتراً مربعاً.
أما في محور قوات البشمركة، فتم تحرير 28 قرية ضمنها ناحية بعشيقة وتطهير مساحة 500 كيلومتر مربع.
وبحسب بيان قيادة عمليات تحرير نينوى، فإن التقدم انسحب أيضاً على المحور الغربي عقب تحرير 130 قرية، ومن أهم المناطق السيطرة على مطار تلعفر بالكامل. وتمكنت القوات المهاجمة من تطهير أراضٍ بمساحة 1800 كيلومتر مربع. وأكد البيان أن القوة الجوية العراقية نفذت 165 طلعة جوية قتالية و92 طلعة استطلاعية و381 طلعة نقل، فيما نفذ الطيران المروحي للجيش العراقي677 طلعة قتالية و23 طلعة استطلاع و632 طلعة نقل. كما نفذ التحالف الدولي 1584 طلعة قتالية.

تكاتف الشارع العراقي
وبالتزامن مع تقارير منظمات محلية ودولية أكدت تسجيل حالات وفاة بين سكان الموصل الفارين من مناطق القتال، أطلقت عشائر عراقية من جنوب ووسط العراق، فضلاً عن رجال دين ووجهاء في مدن البصرة والنجف وكربلاء، حملات واسعة لجمع الملابس والطعام والتوجه بها إلى مخيمات النازحين. وقال عضو مجلس عشائر الجنوب، محمد العبدان، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "عادات العرب والإنسانية قبل الطائفة، والوطن أكبر من كل ذلك، وانتخينا لأهلنا في الموصل". ولفت إلى أنه تم جمع "أطنان عدة من الطعام وتوجهت قوافل إلى المخيمات، وهناك قوافل أخرى ستتوجه قريباً. ونعمل على إقناع الحكومة والجيش بالسماح لنا بنقل العوائل إلى منازلنا في الجنوب ليشاركونا كل شيء". وأعرب عن أمله في "أن تكون الموصل بادرة خير لجمع الصف مرة أخرى ولعن الطائفية".

وشاهد مراسل "العربي الجديد" في محور خازر شاحنات كبيرة محملة بمساعدات كتب عليها "فزعة أهل الجنوب لإخوانهم" تحمل مواد غذائية وأغطية ومفروشات.
وفي السياق، قال المسؤول في وزارة الهجرة العراقية، محمد الموسوي، في حديث مع "العربي الجديد"، إن "مساعدات المواطنين الشعبية ستخفف من الضغط على الحكومة والأمم المتحدة".
وأوضح الموسوي أن "الأعداد تتزايد كل يوم، والفارون يدخلون على شكل موجات بشرية كبيرة وأغلبهم نساء وأطفال، وسوء أحوال الطقس فاقم المأساة". كما أشار إلى أن "حملات أخرى من محافظات عراقية عدة بدأت بالوصول إلى السكان".