على الرغم من مرور 100 يوم على تشكيل الحكومة العراقية، برئاسة مصطفى الكاظمي، التي نالت الثقة في السابع من مايو/ أيار الماضي، إلا أنها لا تزال تواجه عدداً من التحديات التي تمثّل مثاراً للجدل في الأوساط السياسية والشعبية، وفي مقدمتها الانتخابات المبكرة والخلاف بشأن موعدها وإجراءاتها، فضلاً عن عدم المضيّ بإجراءات محاسبة قتلة أكثر من 700 متظاهر في عهد الحكومة السابقة برئاسة عادل عبد المهدي، إضافة إلى غموض موقف بغداد تجاه مستقبل الوجود الأميركي في العراق.
النائب عن تحالف "الفتح"، عامر الفايز، قال لـ"العربي الجديد"، إن البرنامج الحكومي للكاظمي لم يطبَّق منه بعد مضيّ 100 يوم سوى تحديد موعد الانتخابات فقط، مؤكداً أن الحكومة لم تحاسب قتلة المتظاهرين، ورؤوس الفساد.
وتابع: "الحكومة حدّدت موعد الانتخابات (في 6 يونيو/ حزيران 2021)، ومن المفترض إجراء الترتيبات اللاحقة تباعاً"، مبيّناً أن إجراء الانتخابات يتطلب استكمال عدة قضايا، منها قانون الانتخابات، وإكمال نصاب المحكمة الاتحادية، وتخصيص الأموال اللازمة.
وأشار إلى أن الوضع الصحي والخدمات في تراجع، ولم نشهد أي تقدم في هذه الملفات، مضيفاً: "ننتظر في الأيام المقبلة لنرى ما الذي ستفعله حكومة الكاظمي".
ولفت إلى أن الحكومة لم تقم خلال الـ100 الماضية من عمرها بالعمل على وضع جدولة لخروج القوات الأميركية من العراق، مؤكداً أن "الكاظمي، المنتظر أن يزور الولايات المتحدة الأميركية في وقت لاحق من الشهر الحالي، مطالب بالتزام قرار سابق لمجلس النواب بشأن خروج القوات الأميركية من البلاد".
وبيّن أن "على الكاظمي مفاتحة السلطات الأميركية من أجل إخراج قواتها، لأن العراق ليس بحاجة إليها"، موضحاً أن "العراقيين اكتسبوا خبرة في مجال الدفاع عن أرضهم".
وانتقد الفايز صمت الحكومة وعدم وضوح موقفها تجاه إشهار الإمارات التطبيع مع إسرائيل، مبيّنا أن "الحكومة لم تصدر أي موقف بهذا الشأن، لا سلباً ولا إيجاباً".
وأشار إلى أن "الكاظمي لم يكن قادراً على إرضاء الشعب والقوى السياسية خلال الفترة الماضية من حكومته"، مستدركاً: "إلا أنه لم يستفزهم".
وقال عضو البرلمان، حسين العقابي، إن حكومة الكاظمي لم تتخذ خطوات إصلاحية حقيقية خلال الـ100 يوم الماضية، مع غياب للبرنامج الحكومي الواقعي، مضيفاً، في بيان: "مما يؤسف له، أن الكاظمي لا يتعاطى مع المشاكل والأزمات بروح رجل الدولة، بل بعقلية الناشط في مواقع التواصل الاجتماعي، وقد رأينا كثيراً من مواقفه عبارة عن استعراضات إعلامية لا تمت إلى جوهر الإصلاح والمعالجات الحقيقية بصلة".
أكد ناشطون في احتجاجات ساحة التحرير في بغداد أن الحكومة مطالبة بالإيفاء بوعودها التي أطلقتها عند تشكيلها، وفي مقدمتها إجراء انتخابات مبكرة نزيهة، ومحاسبة قتلة المتظاهرين، وملاحقة الفاسدين، وتحسين الواقع الخدمي
وعبّر عن أمله في أن تشهد المرحلة المقبلة خطوات واقعية تثبت جدّية الحكومة في تحقيق مطالب العراقيين، ومعالجة أخطاء الحكومات السابقة.
وأكد ناشطون في احتجاجات ساحة التحرير في بغداد أن الحكومة مطالبة بالإيفاء بوعودها التي أطلقتها عند تشكيلها، وفي مقدمتها إجراء انتخابات مبكرة نزيهة، ومحاسبة قتلة المتظاهرين، وملاحقة الفاسدين، وتحسين الواقع الخدمي، موضحين، لـ"العربي الجديد"، أن "ما حققته الحكومة خلال الأشهر الماضية أقل بكثير مما وعدت به، كذلك فإنه لا يوازي التحديات التي تمرّ بها البلاد، ولا ينسجم مع مطالب المتظاهرين".
واعتبر رئيس مركز التفكير السياسي إحسان الشمري، أن حكومة مصطفى الكاظمي "حكومة انتقالية جاءت كسياق وحركة طبيعية نتيجة لثورة تشرين (أكتوبر)"، مؤكداً لـ"العربي الجديد" أن "مهامها حددت بالتهيئة للانتخابات المبكرة، وانبثاق جيل سياسي يمهد للإصلاح".
ولفت إلى أن "بعض القضايا، مثل ملاحقة قتلة المتظاهرين، ووقف انهيار الدولة الذي سببته الحكومة السابقة برئاسة عادل عبد المهدي، كانت من أولويات الكاظمي"، مبيناً أن "رئيس الحكومة يعمل من أجل وقف هذا الانهيار، وفي الوقت ذاته انطلق باتجاه بدء حوارات عميقة مع مفوضية الانتخابات والأمم المتحدة من أجل تحديد موعد الانتخابات المبكرة، فضلاً عن التوجه نحو إعادة هيكلة المؤسسة الأمنية، من خلال تغيير بعض الضباط".
وتابع قائلاً: "حكومة الكاظمي كحكومة انتقالية لا يمكن أن تحدث تغييرات جذرية، لأنها لا تمتلك الوقت الكافي لذلك، فضلاً عن تركة دماء وفساد وسوء إدارة ومحاصصة ثقيلة"، مضيفاً أن "الكاظمي نجح في وقف الانهيار إلى غاية الآن".
وأشار إلى أن "حكومة عبد المهدي كانت توصف بأنها حكومة قاتلة"، لذلك فإن "الحكومة الحالية تعمل من أجل إعادة الثقة بها"، ومشدداً على أن الحكومة السابقة خلّفت "جغرافية قتل" للمتظاهرين الذين توزعوا على مختلف المحافظات، و"هذا الأمر يحتاج إلى وقت طويل لحسمه".
ولفت إلى أن الحكومة الحالية مطالبة بإعلان التحقيقات الأولية في قتل المتظاهرين، مبيّناً أن "إحصاء عدد قتلى ومصابي التظاهرات غير كافٍ ما لم يُقدَّم القتلة للعدالة".
وأوضح الشمري أن "العراق لا يزال بحاجة إلى التعاون مع الأميركيين"، مبيناً أن "هذا التعاون قد يستمر، وهذا سيُناقَش بين الرئيس الأميركي دونالد ترامب والكاظمي خلال الزيارة المرتقبة".
وأشار إلى أن رئيس الوزراء العراقي سار، خلال الفترة الماضية، على مبدأ توازن المصالح، مبيناً أن "بعض القوى السياسية الآن غير داعمة للكاظمي إلى حد ما، بسبب وجود حسابات سياسية".
وختم قائلاً: "إننا أمام التأسيس لأزمات من قبل بعض الأحزاب، ومع ذلك فإن أمام الكاظمي المزيد من أجل إرضاء الشارع العراقي".