يوميات معتقل

26 فبراير 2015
تمر بك الدقائق كالساعات (Getty)
+ الخط -

الجميع يُبلغهم بأن قضية اعتقالهم بمثابة قضية وطن، الجميع يؤكد لمن يقبع خلف القضبان "لن ننساكم.. نحن نشعر بآلامكم دوماً"، ولكن اسمحوا لي، كل هذا هراء، أو بمعنى أدق، لم تصلوا لهذه الدرجة من المهانة وأنتم على فراشكم النظيف في بيوتكم، لم تقضوا ليالي طويلة بائسة نائمين على أرض مبللة، وبجواركم صندوق حديدي تفوح منه رائحة "قضاء الحاجة" الكريهة، لن تصحوا على جرذان تمزق بقايا الثياب الشفافة التي ترتدونها، بقايا ثياب يوهمون بها أنفسهم بأنها تمنحهم الدفء، كي تبقيهم على قيد الحياة وقتاً أكثر.. إنه حال المعتقل..
حسناً، سوف أترككم تطالعون كلمات توثق وضعاً مزرياً، تصف حالة أكثر بؤساً مما تتخيلون. آلام السجن الانفرادي تكشف لكل من يرى نور الشمس ويمارس حياته الطبيعية عن وجهها القبيح، فربما يحظى المعتقل بتعاطف حقيقي لم يلقه من قبل.

وتمر بك الدقائق كالساعات، وبمرور الوقت يحل عليك الظلام، ولكن كلما اقتربت من هذه الفوهه الصغيرة لا تشم سوى رائحة الحشرات الزاحفة المستوطنة فيها، وربما يفاجئك أحدهم بالقفز على وجهك، ولكن بمرور الوقت يصبح أمراً اعتيادياً! فطوال الوقت يمرون بجوارك أثناء النوم والاستيقاظ، هذا فضلا عن الوجبة الشهية المكونة من رغيف خبز حجري، أو ما شابه، وعليه القليل من فتات الجبن العفن، والذي يمكنك التبرع به للحشرات من ساكنة المكان، حتى تتمكن من إبعادها عنك، ولو لساعة واحدة كي تغفو خلالها.

أصف لكم هذا القبر، الذي نقبع بداخله، مؤكداً لكم عدم تواجد أي منفذ صغير لدخول الهواء، سوى الفتحة الصغيرة، التي ذكرتها من قبل، والتي تطل علينا دائما بالحشرات، ولكن تمنحنا أيضاً بصيصاً من الضوء في السابعة صباحاً حتى حلول آذان الظهر. أدوّن هذه الكلمات من غرفة الأموات وآلة التعذيب السلمية.

إمضاء.. معتقل سياسي، الحبس الانفرادي

البكاء رحمة..

كلمة سمعتها "النهارده واحنا بنودع الشباب"..

موقف صعب جدا، عندما تنتزع منك "حاجة بقت أساسية في حياتك"..

"لما تصحى من النوم وتصحيه علشان يصلي وﻻ يفطر، أو تصحى على صوته بيندهلك علشان عاوزك تقوم تساعده في حاجة..

ولما تعمل حاجة تضايقه يعديها ويقلبها ضحك، آه والله ضحكته مفارقتش وشه..

وﻻ تبكي وانتا بتصلي وراه من جمال صوته..

السجن جمعنا أغراب وفرّقنا أحباب"


(مصر)