في روايته "قط أبيض جميل يسير معي" التي صدرت ترجمتها الفرنسية حديثاً، يخطّ الروائي المغربي يوسف فاضل بورتريهاً للطاغية عبر قصة مهرّجه الذي يعرفه أكثر من أي شخص آخر ويسمح لنفسه بأن يقول له ما لا يتلفّظ الآخرون به، حتى خفيةً، شرط إضحاكه.
و"بلّوط" مهرّج بسيط كان ناشطاً في ساحة "جامع الفناء" بمدينة مرّاكش، قبل أن يصبح في أحد الأيام، وبمحض الصدفة، مجنون الملك. وبفضل حضوره في القصر، داخل حميمية "سيّدنا"، سيتمكّن من الاطّلاع على دسائس الحاشية وتزلّف رجالها، وعلى طقس التسلّط والخضوع، والقسوة الكيفية التي بدونها لا يكون السلطان سلطاناً؛ قبل أن ينتهي به الأمر إلى إدراك أن السلطة المطلقة لأي طاغية لا تحتمل أي سلطة أخرى، بما فيها سلطة إضحاكه.
وبعد أن هجر زوجته وولديه، بسبب موقعه الاجتماعي الجديد، يجد المهرّج بلّوط نفسه مجبراً على العودة إلى داره في حالة يرثى لها، ليتبيّن له أن ابنه حسن جُنّد في الجيش أثناء غيابه وأُرسِل إلى الصحراء بعيداً عن زوجته التي يحبّها بجنون.
وفي الصحراء، يختبر حسن المولع بالمسرح، حيث كان يمارس حسّه النقدي الساخر ضد رجال المملكة الكبار، صراعاً عبثياً ضد "أعداء" يشبهونه، تحت قيادة أحد الضباط الأوفياء إلى الملك، ويكتشف بمرارة إلى أي حد أفسد الطغيان المجتمع بكامله، بما فيه أولئك الذين يدّعون مقاومته.
وتدريجياً، يختلط في الرواية صوتا الأب والابن ضمن شعورٍ ضاغط بالرتابة والحنق والغبن، وضمن تسلسل مشاهد يتم فيها فضح الاستبداد، من خلال نثرٍ محكَم يقترب بعفويته من اللغة المحكية، وتلوّنه بمهارة سذاجةٌ ماكرة ودعابة سوداء.
من مواليد 1949 في الدار البيضاء، صدر لفاضل عشر روايات، منها: "الخنازير" (1983)، "أغمات" (1990)، "سلستينا" (1993)، "ملك اليهود" (1995)، "حشيش" (2000)، "ميترو محال" (2006)، "قصة حديقة الحيوان" (2007)، و"طائر أزرق نادر يحلّق معي" (2013).
وفي مجال المسرح، له: "حلاق درب الفقراء"، "صعود وانهيار مراكش" (1980)، "سفر السي محمد" (1984)، "جرّب حظك مع سمك القرش" (1978)، إلى جانب "أطفال البلد" و"أعبر غابة سوداء" اللتين نقلتا إلى الفرنسية، الأولى عام 2000، والثانية عام 2002، ومسرحية "الحرب" التي سُجن بسببها ثمانية أشهر.