يواكيم لوف..المدرب الهادئ ورحلة الجمع بين اليورو والمونديال

09 يونيو 2016
+ الخط -

حكمت ألمانيا العالم مرة أخرى في البرازيل 2014، المانشافت وضع كلمته الأخيرة في وقت صعب للغاية، ليحصل لام ورفاقه على كأس العالم أخيرا، ويُتوّج هذا الجيل الرائع بالبطولة الكبيرة بعد مشوار ماراثوني منذ سنوات متتالية. كانت الكلمة الأخيرة لصاحب الصوت لا الصدى، والألمان أدركوا سر اللقب وخطفوه في الدقائق الحاسمة من عمر النهائي.

نجوم الكرة الألمانية وصلوا إلى نهائيات عديدة وهذا الكأس يعتبر تتويجا حقيقيا لهم، ليصبح فريق يواكيم لوف هو الأهم عالميا في السنوات الأخيرة، لكن هذا التفوق يجب أن يترجم قاريا، في محاولة حقيقية لكسر هيمنة الإسبان في آخر نسختين من اليورو، والوعد حتما بطولة 2016.

فريق المعجزات
إذا ألقينا نظرة سريعة على تاريخ البطولات القارية والعالمية، فبكل تأكيد سنلاحظ أن المنتخب الألماني يفوز في أصعب الظروف، ويحقق الألقاب أمام أعتى وأقوى الفرق في تاريخ اللعبة. في 54، كمثال، أطاحوا بالمجر، كذلك في مونديال 74 هزموا المنتخب الأشهر في تاريخ اللعبة، هولندا، وكتبوا النهاية الأخيرة لملك كرة القدم دييغو مارادونا بالتسعين، وبالتالي مع أي غيابات وتحت أي ظروف، الألمان يجب ألا ننساهم أو نقلل من حظوظهم.

ومع كثرة الإصابات، فإن يواكيم لوف أمامه طريقتان، إما الاعتماد على الخطة القديمة واللعب بالطريقة التقليدية 4-2-3-1، بتواجد مهاجم صريح في خط الأمام، وخلفه ثلاثي صريح أمامه ثنائي محوري، أو التفتيش في الحلول المبتكرة، ومحاولة التحايل على قلة المهاجمين في التشكيلة، والاستفادة من لاعبي الوسط في هذا المركز الهام.

لذلك من الممكن الاستمرار على النهج الجديد بالرهان على 4-3-3 دون مهاجم حقيقي، في ما يُعرف تكتيكيا باللاعب الوهمي في الثلث الأخير، من أجل ضمان أكبر قدر ممكن من السيطرة على منطقة المناورات، ومن ثم ملء الفراغات أمام وداخل منطقة الجزاء، بالتحركات المستمرة دون الكرة لخلخلة دفاعات المنافسين.

الرجل الهادئ
واجه يواكيم لوف انتقادات كبيرة بعد فشله في الوصول إلى نهائي يورو 2012، وخروجه أمام الطليان في نصف النهائي، لكنه عاد أكثر شراسة في البرازيل، حينما حقق البطولة عن جدارة، بجيل رائع يعتبر مزيجا بين عناصر الخبرة كفيليب لام وموللر وشفاينشتايغر وخضيرة وأوزيل وكلوزة، مع مجموعة العناصر الشابة، كماريو غوتزه، اللاعب الذي سجل هدف الفوز في النهائي أمام الأرجنتين.

ويواجه لوف بعض المشاكل قبل انطلاقة اليورو، بسبب إصابة النجم ماركو رويس، وغياب بعض العناصر مثل كريم بلعربي، مع قلة عدد المهاجمين في التشكيلة، وبالطبع تمثل عملية سوء النتائج في المباريات الودية الأخيرة جرس إنذار قويا، خصوصا أن الألمان خسروا كثيرا من عدة فرق كإنجلترا ثم سلوفاكيا.

وسيحاول المدير الفني الهادئ الذي لا يتأثر كثيرا بالعوامل الخارجية، أن يعيد صيغة النجاح المونديالية في اليورو، باستغلال قيمة لاعبين، مثل كروس وخضيرة في المنتصف، وبراعة الصانع أوزيل بالأمام، مع تواجد بعض المفاجآت في الخانة الأساسية، كنجم شالكه ساني، الشاب الذي يستحق أن يكون أساسيا، خصوصا مع إصابة رويس، بالإضافة إلى بعض الأسماء الأخرى، كفيجيل ارتكاز دورتموند.

السلاح الثمين
اللاعب المزور أو الوهمي يعود من جديد إلى الساحة، ليس فقط كمهاجم بل كصانع لعب، وفعلها مسعود أوزيل في مونديال 2010، عندما تبادل مراكزه مع المهاجم المتقدم، ليتحول سريعا من المنتصف إلى داخل منطقة الجزاء، كصانع لعب وهمي في المركز 10 بالملعب، ونجحت الخطة وقدمت ألمانيا بطولة مميزة.

الكرة في المنتصف، المهاجم الصريح يتحرك يميناً أو يساراً، يأخذ معه مدافعا أو اثنين، هنا ينطلق صانع اللعب من الثلث الهجومي إلى منطقة الجزاء أو خارجها ليصبح رأس حربة وهمي بلا أي رقابة، لأنه بمثابة الموج الذي يأتي بدون حسبان، وهذا ما يتقنه بشدة الألمان في مختلف البطولات.

أوزيل في ألمانيا أيضاً وهمي لكن كجناح، مسعود يبدأ المباراة على الطرف لكنه يدخل كثيراً في العمق لكي يصنع اللعب. أما ماريو غوتزه فقد سجل هدف الانتصار الغالي بعد خروج كلوزه المهاجم الصريح ونزول اللاعب الشاب، ومن الممكن إعادة الأدوار نفسها في اليورو، عن طريق أسماء جديدة، كدراكسلر وساني والبقية.

يمتاز الألمان بالنفس الطويل في البطولات المجمعة، ورغم انخفاض مستوى الفريق في الفترة الماضية، وغياب بعض النجوم عن القائمة النهائية، إلا أن يواكيم لوف يستطيع الذهاب بعيدا والجمع بين البطولة القارية ونظيرتها العالمية، من خلال تنوع واضح في اللعب، بالقدرة على التنظيم الدفاعي مع المرتدات السريعة، رفقة اللعب الهجومي المنظم والاستحواذ على الكرة. ربما تكون البطولة الأخيرة لهذا الرجل مع منتخب بلاده، لذلك الفوز بها سيكون مسك الختام.
المساهمون