يمنيو أميركا... قلق على المصير

19 فبراير 2018
يتزايد القلق وسط اليمنيين في أميركا بسبب الحرب(العربي الجديد)
+ الخط -


يستنجد اليمني ابراهيم محرم: "أنا أحد العالقين في مصر وفزت بقرعة (للهجرة إلى أميركا) وللآن ما زلت أنتظر مع زوجتي وأطفالي دون نتيجة تذكر".
لإبراهيم أقارب، كآلاف اليمنيين الآخرين المنتمين لجالية كبيرة وعريقة على الأراضي الأميركية، ومنذ أن أصبح دونالد ترامب رئيسا، بقراراته المعادية للهجرة، باتت المعاناة "مزدوجة"، كما يصفها أبناء الجالية.

صعوبة واستحالة استقدام الهاربين من الحرب في اليمن، لم تثن هؤلاء عن تفعيل قضية الممنوعين من القدوم والمهددين بالإبعاد. وبنفس الوقت يتبادل اليمنيون معلومات عن الواقع الأميركي الجديد وتعقيدات ومنغصات حياة جاليتهم التي تعيش في أميركا منذ نحو قرنين، حيث يتحول النشاط، وبشكل ملحوظ إلى تحويلات مالية وعينية للأقارب، وخصوصا هؤلاء الذين تقطعت سبلهم في بلدان كمصر وإرتريا وإثيوبيا، وشهادات بعضهم عن الاستغلال "أصبحت مرهقة ومعقدة". الأمر أيضا يتعلق بتشتت أسر بأكملها في بلدان مختلفة، واضطرار المرء للسفر من أميركا إلى حيث شتات هذه الأسر ليس بالأمر البسيط.


خلقت سياسات ترامب المتشددة مع المهاجرين واقعا يصفه هؤلاء بالمأساوي، فاتسع استغلال "عصابات تهريب البشر، وبعض المحامين ومكاتب السمسرة للتربح المالي فحسب، تصل في بعض الحالات إلى 20 ألف دولار عن الفرد، بحجة تسريع معاملات استقدام الأقارب"، بحسب شهادات بعضهم لـ"العربي الجديد" من أفراد الجالية اليمنية في ديترويت، وبقية المناطق التي تنتشر فيها الجالية اليمنية في أميركا.


وفي هذا الاتجاه يكشف مدير المجلس "الأميركي لحقوق الإنسان" عماد حمد في حديث مع "العربي الجديد "عن حصول "عمليات احتيال مالي على العديد من اليمنيين في ديربورن دفعوا آلاف الدولارات، إما لمحامين في الولايات المتحدة، أو لمكاتب في الشرق الأوسط، دون أن ينجحوا في إتمام معاملات أقاربهم العالقة في دائرة الهجرة الأميركية".
يرى حمد، الناشط في قضايا حقوق الإنسان العربي في أميركا، أن "هما يمنيا جديدا أضيف إلى تلك الهموم"، في هذا الواقع المعرقل للم شمل أسرهم إلى إقامتهم كمواطنين أميركيين من أصل يمني، إذ "بات يشغل بال الجالية اليمنية قلق الترحيل بعد مصادرة سلطات الهجرة الأميركية لجوازات السفر الأميركية من عشرات المهاجرين اليمنيين، في إطار إعادة التدقيق والتحقق من هوية أصحابها، وللتأكد من عدم وجود أي شائبة في بيانات المعلومات الشخصية التي حصلوا بموجبها على إذن دخول إلى الولايات المتحدة".

المجلس الأميركي لحقوق الإنسان يؤكد تلقيه عشرات الشكاوى والمعلومات عن أميركيين من أصول يمنية تمت مصادرة جوازات سفرهم في المطارات، أو في المراكز الحدودية الأخرى لإعادة التدقيق. وتدعي السلطات أنها تدقق بمعلومات حول حامليها لأنها ترتبط بـ"طريقة الحصول على الجنسية الأميركية لبعض أبناء اليمنيين".

تذرع بالأمن
وتتسلح السلطات الأميركية بما يخوله القانون بإصدار أحكام ترحيل عن الولايات المتحدة الأميركية حتى لحاملي الجنسية، "في حال اكتشاف معلومات خاطئة أو مزورة في البيانات الشخصية التي حصل بموجبها على حق الإقامة أو اللجوء إلى الولايات المتحدة". هذا التسلح يعمق قلق اليمنيين، مع الانقسام والشكوى من غياب متابعة السلطات الرسمية لأوضاع جاليتهم، وتعقيد العلاقة التي يشكوها كثيرون مع سفارة بلدهم، إذ يرى هؤلاء بأنه "يمكن الزج بأي ادعاء عن معلومة ما للتسفير".

السلطات الأميركية تتذرع في الجانب الآخر بأن "التشدد في مراجعة الملفات هو للخوف من قيام مجموعات وعناصر إرهابية بتزوير معلومات شخصية وانتحال صفة طالبي اللجوء أو الإقامة من أجل الدخول إلى الولايات المتحدة وتنفيذ عمليات إرهابية". لكن اليمنيين، وغيرهم أيضا، يتخوفون من أن يطاول التشديد من هو مقيم منذ عقود، كما في حالة أبناء المهاجرين الذين يريد ترامب طردهم.

يتبادل اليمنيون بشكل مكثف هذا القلق مع الكثير من تفاصيل حول طرق عمل دوائر الهجرة. فبعضهم بات يعبر حتى عن "الخشية من كتابة أي شيء ناقد للولايات المتحدة يمكن أن يؤدي لرفض الطلب"، مستندين بذلك إلى مدونات الخارجية الأميركية يوم 25 يناير/كانون الثاني الماضي عن "ربط التأشيرة بالأمن القومي".

واقع حال اليمنيين في المهاجر لا يتوقف عند هذا القلق فحسب، وليس في أميركا وحدها، حيث تنتشر مآسي الطلبة المبتعثين في مختلف الدول، وهؤلاء الذين انقطعت بهم السبل، وغياب حالة تمثيلية واضحة لمصالح عشرات، إن لم يكن مئات الآلاف، في القارة الأميركية عموما، في ظل استمرار مأساة الوطن اليمني.
دلالات
المساهمون