يستحق الجيش اللبناني أفضل من هذه الإعلانات

05 ديسمبر 2014
من الحملة الأخيرة للجيش اللبناني (فيسبوك)
+ الخط -
الحديث في ما يلي لا علاقة له بالسياسة، ولا علاقة له بالخطط الأمنية، ولا علاقة له بمواجهات الجيش مع المجموعات المسلحة في البقاع والشمال... الحديث هنا حصراً عن إعلانات الجيش اللبناني، التي بدأت تزدهر وتكثر في الأشهر الأخيرة، نتيجة المعارك التي يخوضها الجيش، ونتيجة حاجته إلى التفاف شعبي يدعمه في معاركه ضدّ كل من يريد الاعتداء على لبنان.

الموضوع إذاً هو كيف يطرح الجيش صورته أمام الشعب، في وقت تتخبط مواقع التواصل الاجتماعي بين مناصر أعمى وبين من يطرح علامات استفهام حول حقيقة ما يجري، أو تحديداً حقيقة ما جرى في معركة عرسال التي أدت إلى خطف عدد من الجنود اللبنانيين.

بعيداً عن السياسة والخطط الأمنية، يمكن القول إن الحملات الإعلانية للجيش ببساطة، غير موفّقة. هدف هذه الحملات الإعلانية يفترض أن يكون تمسّك المواطن بوطنه، والتي من شأنها أن تُعزز هيبة الجيش أمام شعبه. إلا أنها تبعد كل البُعد عن الأهداف المطلوبة من الإعلان، وذلك بسبب غياب الإبداع في الحملات الدعائيّة الخاصة بالجيش، التي عادة ما تصوّر واقعاً مخمليّاً عن الجيش، لا يمثل ولا ينقل واقعه.

مثلاً دعاية "بالقلب" التي أُنتجت منذ أكثر من 5 سنوات، التي يظهر فيها مواطنون في شوارع بيروت يلقون التحية على عناصر الجيش، ويقوم الجيش بدوره برد التحية بابتسامة! والإضاءة الباردة التي تظهر القساوة والحزن... هذا الفيديو كليب درامي غنائي ببساطة لا يشبه تواصل المواطن مع العسكر في البلاد.

دعاية أخرى خاصة بالجيش بعنوان "بالأمان.. بيزدهر لبنان" التي تحتوي على جمل غريبة، تقول إن الجيش يؤمّن موسماً سياحياً وفرص عمل، وكأن الجيش اللبناني عبارة عن "جنّي" علاء الدين، وليس مؤسسة عسكرية، وظيفتها أساساً غير مرتبطة بازدهار السياحة ولا بتأمين فرص العمل.
فهل تحاول الحملات الإعلانية توريط الجيش في مهام لا علاقة له بها؟ أم أنها محاولات لتقريب الجيش من الشعب؟ في كلتا الحالتين فإن هذا الإعلان تحديداً يحمّل المؤسسة العسكرية أحمالاً ثقيلة وغير ضرورية.

وهنا نصل إلى الإعلان الأخير أو الحملة الإعلانية التي انتشرت أخيراً في لبنان بعنوان "أنا متطرف!". الفكرة ذكية، ربما. جذابة ربما في بحر التكفير والتطرف الذي يبدو لبنان غارقاً فيه ومتأثراً به في سورية والعراق....

الوجه الشاحب والألوان الباردة التي يحضنها جو قاتم، ودخان في الخلفية، ومشاهد "Close Up لوجه العسكريّ. هل يفترض أن تثير هذه المشاهد ألوفا في قلب أعداء الوطن؟ المتطرفين؟ ماذا عن النص المرفق للدعاية "أنا متطرف للبنان".. "اللعب على الكلام" واستخدام الحقل المعجمي الخاص بـ"الإرهاب" وتوظيفه بروح وطنية.. ما هو إلا معالجة ركيكة ومباشرة مراد منها فرض صور هوليوودية في رأس الشعب.

الشعب يحبّ الجيش، لأسباب كثيرة، منها العاطفي، ومنها الإيمان بأن الجيش هو آخر مؤسسات الدولة... ومنها أن جنود الجيش هم في النهاية من الشعب، هم من فقرائه، ومن أهله، هم هؤلاء الذين يؤمنون حقاً بأن الموت في سبيل الوطن "واجب"، وهؤلاء الشباب يستحقون حتماً أفضل من هذه الإعلانات.



المساهمون