استمع إلى الملخص
- **التحديات القانونية والسياساتية**: هناك فهم محدود لتأثير العنف الرقمي ضد المرأة، مع قوانين غير كافية أو متعارضة في البلدان المشمولة بالدراسة، مما يؤدي إلى عدم كفاية الحماية للضحايا.
- **الآثار الاجتماعية والاقتصادية**: العنف الرقمي يمتد إلى الحياة الحقيقية للنساء، مؤثراً على سلامتهن النفسية والجسدية، مع وجود قوانين غير فعالة تعيق الحماية الفعالة للضحايا.
وجدت منظمة روتجرز الهولندية غير الحكومية، أن التكنولوجيا تيسّر العنف ضد المرأة في المغرب والأردن ولبنان، ودول أخرى شملتها دراسة المنظمة. تيسّر التكنولوجيا تقليص المساحة التي يمكن للنساء أن يوجدن فيها على الإنترنت وأن يكون لهن صوت، بل ويُستَبعَدن من الحياة العامة ويُطلب منهن "العودة إلى المطبخ".
ونقل موقع ذا نيو آراب عن المديرة التنفيذية لمركز العدل للمساعدة القانونية في الأردن، هديل عبد العزيز، قولها: "اعتقدنا في البداية أن النشاط عبر الإنترنت يفتح الأبواب أمام النساء اللاتي لا يستطعن الخروج من المنزل ولا يزال بإمكانهن أن يكون لهن صوت، ولكن الآن يسعى كل هذا النوع من العنف عبر الإنترنت إلى صدّ هذه التطورات ويحاول جعل الوضع أسوأ بالنسبة للنساء".
أُجريت الدراسة متعددة البلدان بمشاركة من إندونيسيا والأردن ولبنان والمغرب ورواندا وجنوب أفريقيا وأوغندا. وأظهرت النتائج أن العنف ضد المرأة والتحرش عبر الإنترنت حاضر في جميع المجالات، من خلال إساءة استخدام التكنولوجيا لتبادل الصور من دون موافقة، والتهديدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي، والمطاردة خارج الإنترنت، إضافةً إلى عنف الشريك الحميم.
وعلى مستوى السياسات، هناك فهم محدود لتأثير العنف ضد المرأة الذي تيسّره التكنولوجيا والوضع القانوني. وأدّى انخفاض مستويات المعرفة الرقمية ومحدودية حملات التوعية إلى تفاقم المشكلة. علاوة على ذلك، غالباً ما تستهين السلطات بالعنف الرقمي، ما يؤدي إلى انخفاض معدلات الإبلاغ وعدم كفاية الحماية.
وبينما قد تحدث التهديدات والمضايقات والعنف ضد المرأة عبر الإنترنت، فهناك سلسلة متواصلة من العنف عبر الإنترنت وخارجه، إذ إن هذا العنف "الافتراضي" يتبع الضحايا في حياتهن الحقيقية والجسدية. على سبيل المثال، أوضحت مؤسِّسة منظمة "كيف ماما كيف بابا" المغربية غير الربحية، غزلان ماموني، لـ"ذا نيو أراب"، كيف تعرّضت هي وغيرها من الناشطات اللائي يدعمن قانون الأسرة الجديد المرتقَب في المملكة، إلى "رسائل مهينة" من الحملات المناهِضة، تلتها تهديدات بالقتل ضدهن وحتى ضد أطفالهن لإجبارهن على الصمت. ولم يوقف التهديد ماموني والناشطات، لكنها أشارت إلى أنهن صرن أكثر حذراً بشأن الكلمات التي يستخدمنها لأنهن يعلمن أن "الأمر له تكلفة".
والرقابة الذاتية هي إحدى التأثيرات في الأردن كذلك. تشير عبد العزيز إلى أنه يميل أولئك الذين يشغلون مناصب عامة والناشطون السياسيون أو الناشطون في مجال حقوق الإنسان أو حقوق المرأة إلى مواجهة العنف القائم على النوع الاجتماعي عبر الإنترنت، الذي يُستَخدَم كسلاح لأسباب سياسية.
يمثّل "إضفاء الطابع الجنسي" على النساء تكتيكاً شائعاً، لأن الآثار الاجتماعية أكثر ضرراً. فيوصفن بـ"العاهرات" عبر الإنترنت، ويتعرّضن إلى الابتزاز باستخدام صور خاصة وحميمة لهن، أو لقطات من محادثاتهن، مع التهديد بإرسالها إلى آبائهن أو نشرها عبر الإنترنت. ويمكن أن تكون التهديدات لمزيد من الخدمات الجنسية على سبيل المثال.
كذلك، يطالب المعلّقون الناشطات بـ"العودة إلى المطبخ"، إذ تشكل المعايير الأبوية التيار الخفي لمثل هذه الانتهاكات. كما وجد بحث "روتجرز" أن مثل هذه الأفكار الأبوية يمكن أن تنتشر بسهولة أكبر عبر الإنترنت مع ظهور التكنولوجيا.
ويمكن أن يكون الفقر أو الآثار المالية أيضاً عاملاً محفِّزاً على العنف ضد المرأة الذي تسهله التكنولوجيا. على سبيل المثال، قال أحد المشاركين في الاستطلاع: "لقد بدأنا في توثيق بعض الفتيات المراهقات اللاتي يستخدمن "تيك توك"، وهن يظهرن عاريات على التطبيق لأنهن يحصلن على بعض المال. إنهن يشجعن الآخرين على المرور بذلك، وهذا خطير للغاية لأنه ليس لدينا أي سياسات احترازية وحماية".
وعلى الرغم من وجود قوانين في البلدان الثلاثة تسعى إلى معالجة الجريمة، إلا أنها لا تحمي الأشخاص بما يكفي من العنف ضد المرأة الذي تسهله التكنولوجيا بسبب تعارض القوانين أو التطبيق الانتقائي. مثلاً، لا يزال القانون رقم 10 المغربي يتضمن قوانين تجرم ممارسة الجنس خارج إطار الزواج، والعلاقات المثلية، والزنا، والإجهاض. ويشكّل هذا القانون الموروث عن فرنسا عائقاً كبيراً أمام ضحايا العنف القائم على النوع الاجتماعي في المغرب في سعيهن إلى الحصول على الحماية التي توفرها قوانين أخرى، بحسب ماموني. لذلك، على الرغم من أن التقاط أو بث صور خاصة لشخص ما من دون موافقته محظور قانوناً، فإن قوانين أخرى ستؤدي إلى محاكمة الضحايا.
وفي الأردن، كما تعترف عبد العزيز، فإن قانون الجرائم الإلكترونية مطبق لكن مع فوارق. على سبيل المثال، سيتصرّف القانون بسرعة بشأن الإهانات الموجهة إلى مسؤول أو زعيم. ويمكن للمدعي العام أن يبدأ قضية تتعلّق بإهانة موظف عام عبر الإنترنت من دون الحاجة إلى الإبلاغ عنها، إلا أنه يقع على عاتق الأفراد العاديين من الجمهور مسؤولية الإبلاغ عن الحوادث وتقديم الأدلة على الجريمة، وتقديم الأوراق المناسبة، وفي بعض الأحيان حتى هواتفهم، الأمر الذي يمكن أن يكون رادعاً للإبلاغ.
في جميع البلدان التي شملتها دراسة "روتجرز"، لا يجري التعامل مع العنف ضد المرأة الذي تيسره التكنولوجيا على محمل الجد باعتباره جريمة. كما وجد استطلاع أجرته هيئة الأمم المتحدة للمرأة في عام 2022 في ثماني دول عربية أن 41% من النساء، و48% من الرجال، يعتقدون أن العنف ليس مسألة خطيرة طالما ظلّ على الإنترنت، لكن التأثيرات تمتد إلى خارج الإنترنت