يا وطن يا حبيب

16 يوليو 2017
+ الخط -

ما إن تجتمع بسوريي المهجر/المنفى للحديث عن وطن اضطرتهم ظروفهم لمغادرته، وهي ليست طارئة فيما يكشفه واقع اغترابهم القديم ومرتبط بأسبابه السياسية، والمتفرع عنها من استبداد تجلى في الاقتصاد والأمن والتلويث والتصحير المتقصد والتجفيف لسورية، إلا ويعيدون عليك فصلا من رواية كانت مكتومة.
يستهزأ مهاجر في السويد، منذ 30 سنة، بما علق في ذاكرته من أحد خطابات الأسد عن تصنيف السوريين "فقد أخبرنا بأن السوري ليس من يحمل هوية سورية، بل من يدافع عن نظامه الذي هجرنا منذ انقلاب أبيه".
وبالرغم من كل محاولات استبعاد الجدل السياسي في تناول سفر المهجر/المنفى السوري، يعيدنا أبو العبد النبكي، وشبان حديثو العهد بالهجرة متحلقون حوله، إلى حيث لا يمكنك تجنب الخوض في الأسباب الواضحة غالباً. الشواهد التي يأتي عليها هذا الرجل كثيرة. لكن أكثرها وضوحا يقول "حين كنت في صفوف الثورة الفلسطينية كسوري عائد إلى بلدي اعتقلت وأُهنت، وما كان أمام من مثلي سوى المغادرة أو الخنوع. وما يؤسف أن مئات آلاف السوريين منذ زمن بعيد ممنوعون عن هويتهم وجواز سفرهم، وليس الأمر جديدا. لقد أسقطتنا عقلية الاستبداد من مواطنتنا وفقط منذ 2011 صرنا تحت مجهر تجربة أخرى في احتقار قيمتنا كبشر على يد مدعين للقومية والوطنية". يردد هؤلاء بصوت حزين أهزوجة الحنين: جنة جنة جنة .. والله يا وطنا يا وطن يا حبيب .. يا بو تراب الطيب حتى نارك جنة".
...........................
وعلى الجانب الآخر لا تغيب خشية العارفين بواقع ما يجري بحق الشعب السوري من أن "نصبح أمام نكبة أعقد بكثير من نكبة الفلسطينيين، فنصبح مطالبين بحق العودة والمحتل المحلي يقوم بإحلال غيرنا مكاننا ويدمر مدننا وتاريخنا".
بعض المهاجرين السوريين يصب غضبه على السياسة والمثقفين ونخب الشعب بكثير من المرارة. ويعود هؤلاء ليذكروا بقدرات وكفاءة السوريين "في بناء وطن يتسع للجميع، ولدينا شخصيات منتشرة حول العالم وهي معروفة وناجحة، وما ينقصنا هو أن نجد ما يجمعنا لأجل مستقبل أطفالنا الذين يولدون في الشتات اليوم وبعضنا غير قادر على تسجيلهم كسوريين". ويشكو السوريون بتهكم كيف "تقوم سفارات بلدك بكل وقاحة بمساومتك لإصدار جواز سفر ونهبك بما لا يشبه حتى عصابات المافيا، ثم يقولون لك بأن بلدنا يواجه مؤامرة".
وللمهاجرين السوريين أملهم الخاص بأن "بقايا أشلاء الوطن والمجتمع المشظى لا يمكن لأحد أن يلملمه ويداوي جراحه سوى السوريين وبدون سلطة الفساد والاستبداد"، ينهي ببساطة ولكن حازمة "أبو العبد النبكي" رؤيته لمستقبل ملايين المهاجرين السوريين.
المساهمون