ياسمين ترينكا في كارلوفي فاري: لستُ ممثلة عظيمة

08 يوليو 2017
ياسمين ترينكا في "فورتوناتا" لسيرجيو كاستيلّيتو (المركز الإعلامي للمهرجان)
+ الخط -
أذهلَتْ الممثلة الإيطالية ياسمين ترينكا (1981) مشاهدي "فورتوناتا" (2017)، لمواطنها سيرجيو كاستيلّيتو (1953)، المعروض ـ للمرة الأولى دولياً ـ في مسابقة "نظرة ما"، في الدورة الـ 70 (17 ـ 28 يونيو/ حزيران 2017) لمهرجان "كانّ" السينمائيّ، ثم في برنامج "آفاق"، في الدورة الـ 52 (30 يونيو/ حزيران ـ 8 يوليو/ تموز 2017) لـ "مهرجان كارلوفي فاري السينمائيّ الدوليّ" في تشيكيا.
والدهشة نابعةٌ من إعجابٍ بأداءٍ يعكس تقلّبات مزاجية، وانفعالات متناقضة، ورغبات مكبوتة، وأحلامٍ موءودة، وصراعات تكاد لا تنتهي مع الذات والمحيطين بها، كما مع الحياة والسلوك البشري والأوهام والقلق. فالممثلة، التي لفتت انتباه كثيرين في الفيلم الأول لها "غرفة الابن" (2001)، للإيطالي ناني موريتّي (1953)، تؤدّي في "فورتوناتا" دور أم مطلّقة، تجتهد في يومياتها كي تحمي علاقتها بابنتها الوحيدة من كل خلل أو انزلاق في متاهات العيش، خصوصاً أنها تواجه تحديات شتّى لتأمين مدخولٍ يقيها شرّ العالم والجوع والقهر، فتعمل مُزيّنة ومُصفِّفة شعر مُستقلّة، لجمع مبلغ من المال يتيح لها امتلاك محلّ خاصٍ بها.
حصولها على جائزة أفضل ممثلة في "نظرة ما"، عن دورها هذا، يُكافئ شيئاً من حساسيتها الأدائية، وجمالية حضورها أمام الكاميرا. هذا يعني أنها ممثلة "عظيمة". لكنها ـ حين تُسأل عن هذا ـ تردّ، بخفر وتواضع واضحين، بأنها لا ترى نفسها هكذا، مؤكّدة ـ في الوقت نفسه ـ أنها تمكّنت من اكتساب صفات ومؤهّلات عديدة، "أستطيعُ الارتكاز عليها في تأدية أدواري، فتجعلني ممثلة محترفة، لأني عشتُ تجارب عديدة، واختبرتُ أموراً جمّة، والتقيتُ أناساً كثيرين، وعرفتُ معاناة حقيقية".
عن بدايتها السينمائية مع ناني موريتّي، تقول ياسمين ترينكا إنها "مَدِينةٌ" له بحبّ السينما واكتشافها والتمعّن في مسائلها وحكاياتها: عام 1991، بات موريتّي صاحب صالة سينمائية قديمة، تحمل اسم "سينما جديدة" (Cinema Nuovo)، وتقع في حيّ "تراستيفيري" في روما. بعد تأهيلها، أضاف صاحبها الجديد كلمة Sacher على الاسم القديم، وافتتحها في نوفمبر/ تشرين الثاني 1991: "بفضل تلك الصالة، شاهدتُ أفلاماً كثيرة، إلى درجة أني لا أتردّد أبداً عن القول إن موريتي ساهم، بطريقة ما، في حصولي على ثقافة سينمائية"، إذْ بدأت ـ منذ بلوغها الـ 16 عاماً ـ ارتياد تلك الصالة، القريبة جداً من المنزل العائلي حيث وُلدِتْ: "لم أكن أحبّ الذهاب كثيراً إلى السينما. قبل بلوغي الـ 16 عاماً، كنتُ أشاهد أفلاماً من طراز "أنديانا جونز". ومنذ اكتشافي صالة موريتي، الذي كان يتولّى بنفسه برمجة متميّزة جداً لأفلامٍ متنوّعة ومهمّة، بدأت أجد في السينما متعتي. منذ ذلك الوقت، صرتُ أشاهد أفلاماً كتلك التي أنجزها بروسّون".
لذا، يبدو طبيعياً أن تبدأ حياتها التمثيلية في فيلمٍ له، هي التي تخصصت بدراسة أكاديمية عن تاريخ الفن. "غرفة الابن" سيكون اطلالتها الأولى، مؤدّية فيه دور مراهقة تُقيم مع والديها وشقيقها البكر، وتواجه لحظة مرتبكة في حياتها، وتغرق في جحيم صدمة موت شقيقها، الذي يُزلزل الكيان العائلي الهادئ والمتماسك والمُسالم. بعد 5 أعوام، تلتقي موريتي مجدّداً، في "التمساح" (2006): مخرجة تريد إنجاز فيلم عن سيلفيو برلوسكوني (1936)، فتلجأ إلى منتج يعمل في صناعة أفلام ذات ميزانيات منخفضة.
ولأنها منتمية إلى جيل شبابي، فهي تُدرك المصاعب التي يُعانيها الشباب في بدايات مساراتهم المهنية: "في إيطاليا، لدينا مشاكل في إنتاج الأفلام وتوزيعها. بالنسبة إلى سينمائيّ شاب، فإن الأمر يزداد صعوبة إزاء إنجازه فيلمه، إذْ يواجه صعوبات جمّة في بحثه عن المال. هناك 30 فيلماً تُنتج كلّ عام، وهذا غير كافٍ. لكن المشكلة أننا قليلاً ما نعرف مخرجينا الشباب. فعندما كان يُذكر اسم باولو سورّينتينو (1970)، لم يكن كثيرون يعرفون أن هناك ايمانويل كرياليزي (1965) أيضاً، مخرج Respiro (2002)".



دلالات
المساهمون