20 مارس 2016
وهل أَنَا إِلَّا مِنْ غَزِيَّةَ .. في الكويت
ذلك الشطر من قصيدة الشاعر الجاهلي، دريد ابن الصمّة، يضرب مثلاً للحمية الجاهلية، والتعصب الأعمى للقبيلة، بغض النظر عن أن القبيلة، أو المجتمع، على حق، أو على باطل، فذلك ليس مهماً. الأهم هو الاصطفاف والتحزب. وفي هذا العصر، تعيش بيننا عقول تحكم وتفكّر بالمنطق الجاهلي.
ففي الكويت، أصدرت، أخيراً، محكمة الجنايات الكويتية أحكامها في ما عرف بـ"خلية العبدلي"، بحق مجموعة من 26 متهماً شيعياً، بينهم 23 موقوفاً متهمين بالتخابر مع إيران وحزب الله، بتهمة تهريب الأسلحة والتخطيط لتنفيذ تفجيرات في الكويت. وفي سابقةٍ تحمل أبعاداً خطيرة، قرّر النواب الشيعة في الكويت مقاطعة جلسات مجلس الأمة (البرلمان)، احتجاجاً على حكم محكمة الجنايات الكويتية، في سلوكٍ جانبه الصواب، لأن النواب نسوا، أو تناسوا، في غمرة الانفعال والشحن العاطفي، والغضب من أجل المذهب، أنهم لم ينتخبوا من أجل تمثيل طائفة، أو التخندق بمواقف تؤيد دولاً أو أحزاباً إرهابية خارجية، بل تم انتخابهم والتصويت لهم من مواطنيين كويتيين عن دوائر ومناطق انتخابية كويتية، بمختلف خلفيات سكانها المذهبية والفكرية، توسموا فيهم أنهم من الكفاءات الوطنية الحريصة على مصالح الناخبين، ناهيك عن مصلحة الوطن.
مبعث القلق هنا ليس الاصطفاف الطائفي وحده الذي أصبح ثقافة وسلعة رائجة في المنطقة، يمارسه بعضهم بوعي وتخطيط، ويمارسه آخرون من باب الانجرار وراء بعض المتشددين عقائدياً، في منطقة تضطرم ويتأجج فيها النزاع والصراع الطائفي الذي دمر كل ما هو جميل في البلدان المنكوبة، ونسف ما كان قائماً من تعايش مذهبي لا نعتبره تسامحاً، لأن التعايش يفرض بواسطة سيف القانون وسوطه على جميع المواطنين، أما التسامح فينبع من صفاء النفس وسمو إنسانية الفرد، والتي لا يصل إليها إلا قلة من البشر، بل أن يصدر رد الفعل هذا من نواب منتخبين، للمساهمة أساساً في استقرار وطنهم وبنائه وتنميته.
أولئك النواب بفعلتهم التي أساءوا التقدير فيها، من حيث ظنهم أنهم يفعلون الصواب، سددوا سهماً مسموماً في الديمقراطية الكويتية، والتي تعد من بين أنجح التجارب الديمقراطية في الخليج العربي، بل في معظم الدول العربية، وأعطوا العذر والمبرّر للمتربصين بهم، ليتم تعميم الفكرة التي تلقى رواجاً شائعاً، وهي أن ولاء الشيعة العرب لإيران أقوى من ولائهم لدولهم التي يتمتعون فيها بكامل حقوقهم الوطنية، ويمثل فرصة، في الوقت نفسه، للمؤيدين للمشروع الإيراني في العزف على أن انتماءهم وولاءهم يجب أن يكون لإيران، وليس لمن يتهمهم ويخونهم. التسرع في اتخاذ ذلك الموقف من مجموعة النواب الذين كان من المؤمل أن تكون على قدر عالٍ من الوعي والثقافة، الاجتماعية والسياسية، وأن تكون أشد حرصاً على تطبيق الهوية الوطنية وتجسيدها، ووحدة الوطن، باختيار الاصطفاف مع الدولة ضد الأخطار الخارجية التي تهدد وحدتها، وليس أن تغضب وتنتفض ضد قرار وحكم محكمة كويتية، طبقت القانون على من كان يتآمر ويتربّص بأمن الوطن والمواطنين، وليس بالوقوف مع الآخر والمساهمة في نسف مفهوم هوية الدولة، وهيبتها بتبني مواقف تتعارض مع أمن دولتهم ومصلحتها.
وبغض النظر عن مدى قانونية الخطوة التي أقدم عليها النواب من عدمها، إلا أنه يجب عدم التقليل من خطورتها على وحدة صف المجتمع الكويتي، فقد كان مطلوباً من النواب التعامل مع الأزمات والأحداث بمزيد من الحكمة، والبعد عن الانفعالات والضغوط، وإن كان المبرر الذي قدم لهذا الموقف هو الاحتجاج، على حد زعمهم، على أن قضية "خلية العبدلي" اتخذت ذريعة لاتهام شيعة الكويت بعدم الولاء. ولكن، هل رد فعل النواب الشيعة بمقاطعة جلسات مجلس الأمة الوسيلة المثلى لدحض تلك التهم، وإثبات العكس، إم أنه إعطاء مزيد من المبررات والذرائع لمن يحاول أن يصيد في ماء الطائفية العكر، وهل إطفاء الحرائق يتم بصب مزيد من الزيت عليها، وخصوصاً عندما تكون النار مشتعلة في البيت الداخلي.
ففي الكويت، أصدرت، أخيراً، محكمة الجنايات الكويتية أحكامها في ما عرف بـ"خلية العبدلي"، بحق مجموعة من 26 متهماً شيعياً، بينهم 23 موقوفاً متهمين بالتخابر مع إيران وحزب الله، بتهمة تهريب الأسلحة والتخطيط لتنفيذ تفجيرات في الكويت. وفي سابقةٍ تحمل أبعاداً خطيرة، قرّر النواب الشيعة في الكويت مقاطعة جلسات مجلس الأمة (البرلمان)، احتجاجاً على حكم محكمة الجنايات الكويتية، في سلوكٍ جانبه الصواب، لأن النواب نسوا، أو تناسوا، في غمرة الانفعال والشحن العاطفي، والغضب من أجل المذهب، أنهم لم ينتخبوا من أجل تمثيل طائفة، أو التخندق بمواقف تؤيد دولاً أو أحزاباً إرهابية خارجية، بل تم انتخابهم والتصويت لهم من مواطنيين كويتيين عن دوائر ومناطق انتخابية كويتية، بمختلف خلفيات سكانها المذهبية والفكرية، توسموا فيهم أنهم من الكفاءات الوطنية الحريصة على مصالح الناخبين، ناهيك عن مصلحة الوطن.
مبعث القلق هنا ليس الاصطفاف الطائفي وحده الذي أصبح ثقافة وسلعة رائجة في المنطقة، يمارسه بعضهم بوعي وتخطيط، ويمارسه آخرون من باب الانجرار وراء بعض المتشددين عقائدياً، في منطقة تضطرم ويتأجج فيها النزاع والصراع الطائفي الذي دمر كل ما هو جميل في البلدان المنكوبة، ونسف ما كان قائماً من تعايش مذهبي لا نعتبره تسامحاً، لأن التعايش يفرض بواسطة سيف القانون وسوطه على جميع المواطنين، أما التسامح فينبع من صفاء النفس وسمو إنسانية الفرد، والتي لا يصل إليها إلا قلة من البشر، بل أن يصدر رد الفعل هذا من نواب منتخبين، للمساهمة أساساً في استقرار وطنهم وبنائه وتنميته.
أولئك النواب بفعلتهم التي أساءوا التقدير فيها، من حيث ظنهم أنهم يفعلون الصواب، سددوا سهماً مسموماً في الديمقراطية الكويتية، والتي تعد من بين أنجح التجارب الديمقراطية في الخليج العربي، بل في معظم الدول العربية، وأعطوا العذر والمبرّر للمتربصين بهم، ليتم تعميم الفكرة التي تلقى رواجاً شائعاً، وهي أن ولاء الشيعة العرب لإيران أقوى من ولائهم لدولهم التي يتمتعون فيها بكامل حقوقهم الوطنية، ويمثل فرصة، في الوقت نفسه، للمؤيدين للمشروع الإيراني في العزف على أن انتماءهم وولاءهم يجب أن يكون لإيران، وليس لمن يتهمهم ويخونهم. التسرع في اتخاذ ذلك الموقف من مجموعة النواب الذين كان من المؤمل أن تكون على قدر عالٍ من الوعي والثقافة، الاجتماعية والسياسية، وأن تكون أشد حرصاً على تطبيق الهوية الوطنية وتجسيدها، ووحدة الوطن، باختيار الاصطفاف مع الدولة ضد الأخطار الخارجية التي تهدد وحدتها، وليس أن تغضب وتنتفض ضد قرار وحكم محكمة كويتية، طبقت القانون على من كان يتآمر ويتربّص بأمن الوطن والمواطنين، وليس بالوقوف مع الآخر والمساهمة في نسف مفهوم هوية الدولة، وهيبتها بتبني مواقف تتعارض مع أمن دولتهم ومصلحتها.
وبغض النظر عن مدى قانونية الخطوة التي أقدم عليها النواب من عدمها، إلا أنه يجب عدم التقليل من خطورتها على وحدة صف المجتمع الكويتي، فقد كان مطلوباً من النواب التعامل مع الأزمات والأحداث بمزيد من الحكمة، والبعد عن الانفعالات والضغوط، وإن كان المبرر الذي قدم لهذا الموقف هو الاحتجاج، على حد زعمهم، على أن قضية "خلية العبدلي" اتخذت ذريعة لاتهام شيعة الكويت بعدم الولاء. ولكن، هل رد فعل النواب الشيعة بمقاطعة جلسات مجلس الأمة الوسيلة المثلى لدحض تلك التهم، وإثبات العكس، إم أنه إعطاء مزيد من المبررات والذرائع لمن يحاول أن يصيد في ماء الطائفية العكر، وهل إطفاء الحرائق يتم بصب مزيد من الزيت عليها، وخصوصاً عندما تكون النار مشتعلة في البيت الداخلي.