وهران للفيلم العربي: مهرجان لا يغادر خريفه

09 ديسمبر 2014
من "ظل البحر" لـ نواف الجناحي (الدورة الماضية)
+ الخط -

حسم أخيراً مصير "مهرجان وهران للفيلم العربي" هذه السنة. فبعد انتظار وترقب طويلين من المخرجين والمنتجين الجزائريين الذين اعتقدوا بأن الدورة ستنطلق في موعدها المحدد كالعادة، أعلنت وزيرة الثقافة الجزائرية رسمياً إلغاء نسخة 2014، وإعطاء موعد جديد في ربيع 2015.

المفارقة الأولى التي يمكن رصدها في هذا الإطار، هي أن قرار الإلغاء جاء في السنة نفسها التي عُيّنت فيها مخرجة سينمائية على رأس وزارة الثقافة في الجزائر (نادية العبيدي)، والتي كان ترك تعيينها، في البداية، ارتياحاً كبيراً لدى السينمائيين الذين توقعوا أنها ستهتم بمشاكلهم.

فالسينما الجزائرية بحاجة إلى إجراءات عديدة تؤسس لتقاليد ضامنة لهذا الفن، كإعادة فتح قاعات العرض المغلقة، وإعادة تأهيل المفتوح منها (25 قاعة فقط)، وتحريرها من التبعية للإدارات غير الثقافية، وتجديد روح المهرجانات السينمائية، ومنها مهرجان وهران.

المهرجان شكّل حدثاً ثقافياً عند انطلاقه عام 2007، ليس فقط لقدرته على استقطاب التجارب والأعمال البارزة منذ دورته الأولى، ولكن أيضاً لكونه مختصّاً في السينما العربية، في مشهد سينمائي هواه الغالب فرنسي، وهو المعطى الذي جعل بعض المتتبعين، يُرجعون تذبذبه، ثم إلغاء دورته الحالية، إلى الصراع المعروف بين المعربين والمفرنسين في المشهد الجزائري.

بكل الأحوال، فإن بداية المشاكل التي اعترضت المهرجان بدأت في دورته الثانية، عندما استقال مديره حمراوي حبيب شوقي (وزير ثقافة ومدير التلفزيون الرسمي سابقاً) بسبب تعيينه سفيراً في رومانيا، الأمر الذي ترك أثره على عمليات التنظيم والانتقاء والتحكيم. واستمرت تعثرات "وهران للفيلم العربي" بعد حادثة اللقاء الشهير الذي جمع منتخبي كرة القدم، الجزائري والمصري في السودان عام 2010، والتي ألغيت على أساسها المشاركات المصرية في المهرجان آنذاك.

وأخيراً، تعرّضت إدارة المهرجان إلى نقد لاذع في وسائل الإعلام الخاصة ومواقع التواصل الاجتماعي، وصلت إلى حد المطالبة بإقالة المديرة الجديدة ربيعة موساوي (تشغل إدارة الثقافة أيضاً في محافظة وهران)، لأنها، بحسب المعترضين على تعيينها، دخيلة على مثل هذه المهام، ولا تعرف ملامح المشهد السينمائي العربي، وهو ما أدى بها إلى أن طلبت من الوزيرة الحالية إعفاءها.

وكانت بعض الشائعات التي تداولتها منابر إعلامية كثيرة أفادت بأن وزيرة الثقافة أوكلت مهمة تسيير المهرجان إلى الناقد السينمائي أحمد بجاوي، ما أعاد بعض الأمل إلى المهتمّين بالقضية، نظراً إلى ما يتمتع به بجاوي من خبرة في المشهد السينمائي المحلي والعربي. غير أن بجاوي نفى أن تكون الوزارة قد اتصلت به أصلاً.

وفي عودة لخلفيات قرار إلغاء دورة هذه السنة، كشف مصدر من وزارة الثقافة (رفض الكشف عن نفسه) لـ"العربي الجديد" أن الوزيرة "رأت أن تمنح نفسها فسحة كافية من الزمن، حتى تعيد النظر في سياسة المهرجان، وفي الفريق الجدير بتسييره، وهو ما أدى بها إلى اتخاذ قرار إلغاء دورة 2014"، نافياً أن يكون ذلك مقدمة لإلغاء المهرجان.

المصدر نفسه قال إن الدورة القادمة "ستكون متميزة على أكثر من صعيد، وستستفيد من تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية التي ستنطلق بعد شهور قليلة"، ولم يستبعد أن تنتقل بعض فعاليات المهرجان في وهران إلى قسنطينة.

الحديث عن مصير دورة 2014 من المهرجان يرافقه أيضاً حديث عن مصير جوائزه التي لم يستلمها الفائزون بها في الدورات السابقة، بسبب خلافات لم تُحلّ حتى الآن بين وزارة الثقافة والبنك المركزي.

المساهمون