وليام تريفور.. موت في الخريف

24 نوفمبر 2016
(وليام تريفور، تصوير: دارغ ماكسويني)
+ الخط -

لقبه النقّاد بـ "تشيخوف الإيرلندي"، وهاهو وليام تريفور (1928-2016) أحد أبرز كتاب القصّة القصيرة في القرن العشرين، يرحل عن عالمنا قبل أيام، ليترك عشرات الروايات والمجموعات القصصية التي كان مفتوناً بكتابتها، والتي لم يترجم منها إلى العربية إلا أقل القليل.

في بداياته، لم يكن الكاتب الإيرلندي يفكّر في الكتابة، بل إنه درس النحت وكان مولعاً به، وفي شبابه انتقل من إيرلندا إلى وسط إنكلترا بهدف دراسة النحت، حيث عمل مدرّساً للفن وقدّم مجموعة من المنحوتات التي لم تلق نجاحاً يذكر، وقد وُصف عمله في النحت بأنه "بلا موهبة". ربما يجوز القول إن ذلك كان من حسن حظ الرواية والقصة القصيرة.

لم يبدأ تريفور التفكير في الكتابة، إلا بعد أن عمل في وكالة للإعلانات، كاتباً ومصمّماً لها. في تلك السنوات ظهرت روايته الأولى والقصيرة "معيار سلوكي" (1958)، تلتها رواية "أولاد كبار" (1964) التي نال عنها أولى الجوائز الأدبية في حياته وهي جائزة "هوثورندن"، لتصبح الجوائز في ما بعد حدثاً عادياً في حياة الكاتب.

ورغم أن صاحب ""موت في الصيف" انطلق في عالم الكتابة روائياً واستمر كذلك، لكنه برع حقاً وتجلّت موهبته في كتابة القصة القصيرة أكثر من الرواية. أصدر مجموعته القصصية الأولى "يوم سكرنا على كعكة" (1967) وأتبعها بعدة إصدارات، لكن المجموعة التي لفتت إليه الأنظار كقاص، كانت "ملائكة في ريتز" (1975)، حتى أن الروائي البريطاني غراهام غرين كتب عنها مراجعة، يقول فيها: "إنها أفضل مجموعة قصصية كتبت بعد "أهالي دبلن" لـ جيمس جويس".

كانت أجواء أعماله المبكرة في مجملها تتحدّث عن بلاده بعد الحرب العالمية الثانية، وكانت محاور قصصه ورواياته القصيرة والطويلة في العقدين الأوّلين من تجربته في التأليف تتناول الصراع بين الطبقة الأنكلو-إيرلندية والطبقة الشعبية.

ولطالما صوّر تلك البيئات الاجتماعية المعقّدة في بلدات إيرلندية صغيرة، حيث استعار من جويس طريقته في دفن صوته تحت أصوات الشخصيات، التي أصبحنا نعرف ملامحها العامة عند تريفور، هي شخصيات ضحايا أفكارها الكبرى أو سذاجتها الكبرى أيضاً، مجنونة ومتلهفة وغرائبية ومحطمة بل ومتعجرفة.

وإن كان صاحب مجموعات "الأخبار من إيرلندا" و"خيانة كانساتا" و"خطايا العائلة"، قد أصبح نجماً في القصة القصيرة، فإن نجاحه الروائي الكبير تأخر قليلاً حتى صدور "حكاية لوسي غولت" التي كتبها في 2002 ووصلت قائمة "بوكر" القصيرة في ذلك العام (وصل إليها خمس مرات ولم يفز بها)، وكانت أحداثها تقتصر على شابة تعيش وحيدة تقرأ وتربّي النحل بعد أن انهارت عائلتها عقب حرب استقلال إيرلندا في العشرينيات من القرن الماضي.

كان تريفور قد اختير العام الماضي عضواً في جمعية "أسودانا"، التي لا تمنح عضويتها إلا لكبار الفنانين والكتّاب، وقد سبقه إليها صامويل بيكيت وشيموس هايني. من أهم أعماله الروائية أيضاً "عوالم الناس الآخرين" و"موت في الصيف" و"الطفل خياط الملابس" و"الماضي البعيد".

المساهمون