ولادات خارج مستشفيات اليمن

21 يناير 2018
هل ولد في مستشفى؟ (فرانس برس)
+ الخط -

كثيرات هنّ النساء اليمنيات الحوامل اللواتي يجدنَ أنفسهنّ اليوم غير قادرات على وضع أطفالهنّ في ظروف مواتية، إن في المرافق الصحية الخاصة أو في المستشفيات الحكومية المهيّأة لذلك، لا سيّما بعد تضرر تلك المؤسسات الصحية بسبب الحرب أو نظراً إلى بُعدها عن التجمعات السكنية.

وهؤلاء إمّا يسكنّ في أماكن بعيدة عن المدن حيث المرافق الصحية، أو هنّ لا يملكنَ المال الكافي الذي يساعدهنّ على دخول تلك المرافق لوضع مواليدهنّ الجدد. فيضطررن بالتالي إلى اللجوء إلى خدمات القابلات أو بعض النساء صاحبات الخبرة في المجال، وهذا ما قد يعرّضهنّ أو يعرّض مواليدهنّ لمضاعفات صحية كبيرة أثناء الولادة وبعدها.

سامية سلطان، امرأة يمنية تعيش في منطقة ريفية شماليّ صنعاء، وضعت مولودها قبل أشهر في منزل العائلة، إذ إنّ زوجها لم يتمكّن من اصطحابها إلى المستشفى نظراً لعدم توفّر المال اللازم. تخبر "العربي الجديد": "تألمت وعانيت كثيراً من النزيف. فقد تعسّرت الولادة ولم أحصل على أيّ رعاية صحية، واختنق الجنين بسبب نقص في الأكسجين وعدم القدرة على إنقاذ حياته. ولا تخفي سلطان شعورها بالألم كلما فكّرت بأنّ "طفلي البكر كان سيبقى على قيد الحياة لو أنّني أصررت على الذهاب إلى المركز الصحي في المديرية، حتى لو كلف الأمر بيع حليّ مهري". وتقول: "أيقنت بعد فوات الأوان أنّ الرعاية الصحية والولادة في المستشفى أمران مهمّان للغاية بعدما كنت أظنّ أنا وأفراد أسرتي أنّ هذا نوع من أنواع الترف".

التكاليف الباهظة هي إذاً من أبرز الأسباب التي تجعل كثيرين يرفضون نقل زوجاتهم إلى مراكز صحية حتى يضعنَ مواليدهنّ بطريقة آمنة. إلى ذلك، يشير مفيد الصبري إلى "وجود من لا يؤمن بضرورة الرعاية الصحية". ويشرح لـ"العربي الجديد" أنّ "التكاليف كبيرة وكذلك ثمّة معاملة لاإنسانية من قبل العاملات الصحيات مع الأمهات الحوامل". يضيف أنّه يكتفي بإحضار "قابلة صحية إلى المنزل لتوليد زوجتي وتقديم الرعاية لها ومراقبتها بعد الولادة. بالتالي تأتي النتيجة أفضل لجهة الرعاية والخصوصية وكذلك توفير مبالغ كبيرة".




من جهته، ما زال الحاج عبد الغني الأنسي يحثّ أولاده على تشجيع زوجاتهم على الولادة في المنزل. ويقول لـ"العربي الجديد" إنّ "المرأة تكشف للغرباء خلال عملية الوضع في المستشفى، أو قد تتعرّض لإهانة أو تتسبب بخسارة كبيرة". يضيف: "لديّ سبعة أبناء، وكلهم وُلِدوا في منزلي في القرية، وها هم أحياء يرزقون وبعضهم تزوّج"، مقللاً من مخاطر الولادة في المنزل.

في السياق، تقول الطبيبة المتخصصة بالأمراض النسائية والتوليد في صنعاء، ندى سلام، لـ"العربي الجديد" إنّ "عمليات الوضع خارج المستشفيات أو المرافق الصحية تكون محفوفة بمخاطر كثيرة، ولعلّ أبرزها وفاة الأم أو وفاة المولود الجديد أو الاثنَين معاً، لأنّها في معظم الأحيان تجري بطرق تقليدية داخل المنزل". وتشدّد على أنّ "عمليات الوضع خارج المرافق الصحية أشبه بمغامرة قد تكون كلفتها حياة الأم أو طفلها، خصوصاً إذا كانت الأم تعاني من مضاعفات صحية أخرى مثل ارتفاع ضغط الدم أو فقر الدم أو غيرهما". تضيف سلام أنّ "من أخطار الولادة داخل المنزل تعرّض المرأة لجراثيم تكون سبباً في إصابتها بالعقم لاحقاً. كذلك قد يكون الجنين عرضة للإصابة بإعاقة ذهنية وداء الكزاز، أو للاختناق داخل بطن أمه نتيجة نقص الأكسجين في الدم أثناء الولادة المتعسّرة. والحلّ الوحيد للتعاطي مع الحالات الصعبة يكون بخضوع الحامل لعملية قيصرية هي الكفيلة بإنقاذ حياة الجنين ووالدته".

أمّا القابلة سميحة مرشد، فتشير إلى أنّ "نساء يمنيات كثيرات يفضّلنَ الولادة داخل المنزل لأسباب عدّة، أبرزها الظروف المعيشية الصعبة التي تعيشها أسرهنّ وعدم القدرة على تحمل نفقات الولادات في المرافق الصحية". تضيف لـ"العربي الجديد": "أقوم بتوليد كثيرات من هؤلاء اللواتي لا يرغبن في الذهاب إلى المستشفى، إمّا لخوفهنّ من المعاملة القاسية من قبل بعض الطبيبات أو لظروفهنّ المالية الصعبة". وتخبر أنّ "المبلغ الذي أحصل عليه زهيد، في حين أقدّم النصيحة للمرأة وزوجها في حال تعسّرت عملية الولادة، حتى يجري إسعافها إلى المستشفى حفاظاً على صحتها وعلى صحة مولودها والحصول على رعاية طبية أفضل".
المساهمون