وقود الفقر يشعل الثورة

19 أكتوبر 2014
حراك شعبي مستمر ضد الانقلاب العسكري في مصر (أرشيف/gette)
+ الخط -


في اليوم الذي أعلن فيه وزير الدفاع المصري الفريق عبد الفتاح السيسي، انقلابه العسكري يوم 3 يوليو/تموز الماضي، اندلع حراك ثوري موجه ضد الانقلاب، واتسعت رقعته لتشمل اعتصامي رابعة والنهضة ومظاهرات عارمة في العاصمة المصرية القاهرة، ومختلف أنحاء البلاد من أنصار الرئيس المصري المنتخب الدكتور محمد مرسي الذي أطاح به الجيش.

وظلت هذه المظاهرات تتصاعد، إلى أن ارتكب النظام العسكري مجزرة بشعة في النهضة ورابعة يوم 14 أغسطس/آب 2013، فاستشهد وأصيب الآلاف واعتقل أكثر من 40 ألفا آخرين، وبدأ النظام الحالي في استخدام الرصاص الحي لتفريق المظاهرات، الأمر الذي جعل الشارع يتراجع مؤقتاً، وظن الجميع بعد إقرار دستور 2013 وانتخاب السيسي رئيساً أن الأمور بدأت تستقر له.

ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن للنظام الحالي، فالفوضى والانقسامات السياسية والانفلات الأمني أثر سلباً على مختلف القطاعات الاقتصادية، فتراجعت معدلات النمو إلى 1.2% نهاية العام الماضي، وإن تحسنت مؤخراً إلى 3.2% حسب إحصاءات حكومية، كما انخفض دخل السياحة إلى 5.9 مليار دولار في عام 2013 مقارنة بأكثر من عشرة مليارات دولار في عام 2012، وزاد التضخم، وبلغت البطالة 13.3%، حسب أحدث إحصائية للجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، كما اندلعت أزمات معيشية ومنها انقطاع الكهرباء.

ولم تحقق الحكومات المتعاقبة بعد الانقلاب أي إنجاز ملموس للمواطن، حتى الحد الأدنى للأجور الذي وعدت بتطبيقه في يناير/كانون الثاني الماضي، لم تستطع أن تفي به، بل ولجأت إلى زيادة أسعار الوقود وتقليص الدعم من أجل مواجهة عجز الموازنة الحالية البالغ 240 مليار جنيه.

كل ذلك دفع الحراك الثوري إلى تغيير تكتيكه، فلم يعد يطالب بالحريات وإعادة الشرعية فقط، بل استوعب أن هناك نقطة ضعف للنظام الانقلابي وهو الملف الاقتصادي المتدهور، فتحولت الاحتجاجات إلى لقمة عيش الناس لتتبناها لتعود مطالب الثورة من جديد "عيش حرية عدالة اجتماعية"، ولتبدأ معركة صفرية بين الثورة والثورة المضادة، قد تجمع الفرقاء مرة أخرى، فلم يعد الأمر خاصاً بجماعة معينة أو تيار، بل أصبح الجميع يتقاسمون المعاناة من نظام فشل سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، ورأينا اندلاع الاحتجاجات العمالية، كما انضم جزء كبير من الشارع إلى الحراك بسبب تدهور الاقتصاد، الذي زاد فقراء مصر الذين وصلت نسبتهم حسب إحصاءات حكومية إلى 26%، لينسكب وقود غضبهم على نار الثورة فتزداد اشتعالاً.
المساهمون