الاسم المتعارف عليه لوصف الطالب النحيل بين أصدقائه هو "إتش"، بينما اسمه الحقيقي أحمد حسين، وهو طالب في جامعة عين شمس المصرية. قُتل "إتش" الجمعة الماضية في تظاهرات مناهضة للنظام الجديد في مصر، في ذكرى انقلاب الثالث من يوليو/ تموز على الرئيس المعزول، محمد مرسي.
ودُفن الشاب يوم السبت في مقابر "بهتيم" في ضاحية شبرا، شمال القاهرة، وسط أجواء متوترة، حيث طاردت قوات الأمن المشيعين، وأطلقت عليهم قنابل الغاز والخرطوش.
أصدقاء "إتش" يُعرفونه بأنه من شهداء حركة "أولتراس نهضاوي"، المعروفة بحراكها في الشارع وجامعة عين شمس بعد الانقلاب. يقول صديقه إسلام إن "الشهيد كان من أكثر الطلاب حماسةً في التظاهرات، حتى إنه أصيب قبل ذلك بطلقات خرطوش". يتابع: "كان الهتّيف الذي يصعد فوق الأكتاف ليهتف بعلو صوته، يسقط حكم العسكر، وكان من أحب الهتافات إليه، محدّش قدّنا ومعانا ربنا"، مشيرا إلى أنه كان متأثرا بوفاة زملائه داخل الحرم الجامعي، ولطالما تمنّى الشهادة لحاقا بهم.
يضيف إسلام: "إتش صلّى الجنازة على شهيد جامعة عين شمس، محمد أيمن، الذي قتل وهو صائم في نهاية العام الدراسي المنصرم، داخل الجامعة برصاص الداخلية. وكتب يا رب ألحقنا به على خير. كما كتب أيضا بعد مقتل زميله، عبد الرحمن يسري، الذي قتل هو الآخر أيضا داخل حرم عين شمس، مع السلامة يا أخويا سنلتقي عن قريب بإذن الله".
أصيب "إتش" برصاص حيٍّ في البطن مباشرة، وحصل "العربي الجديد" على نسخة من وصيته، التي قال فيها: "أوصي أصدقائي بأن يداوموا على زيارة أمي الحبيبة للتخفيف عنها، فإني بخست حقها، فأرجو منها أن تسامحني، وليشهد الله ستظل في قلبي، ويا أبي أشكرك على صبرك. بخست حقك، لكن أرجوك سامحني، وإخوتي أعلم أنكم ستصبرون وأوصيكم بأمي وأبي، وأعلم أنكم لن تغضبوهما ويشهد الله كم كنت أحبكم".
وجاء في الوصية: "أصدقائي، رفقاء الدرب، أنا أعلم أنكم ستكملون الدرب من بعدي، لأن الله لن يضيع حقـّاً وراءه رجالٌ لا يقبلون الضيم، رجال أعتز بهم، وأرجو من جميع أصدقائي أن يتقوا الله وأن يبعدوا عن أي شيء يغضب الله.. أوصيكم بعدم الاختلاف من بعدي، وأن تسيروا على طريق الحق".
ولم يكن "إتش" من أسرة تنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين، واشتهر بحبه الشديد لأمه، التي كتب عنها على صفحته على "فيسبوك" كثيراً، ومن ضمن كتاباته عنها أنها لما رأته مصابا قالت خيرا، وإنها منتظرة الشهادة، وإنها صابرة ومؤمنة بالدفاع عن القضية وباستمرار النزول في التظاهرات حتى سقوط الانقلاب.
وبين التدوينات التي كتبها قبل مقتله: "أمي تشجعني، ولو تكاسلتُ تقوّيني وتقف إلى جانبي. دائما تقول لي إنها وهبتني لله غير مضحية بي.. كانت دائما تذكرني بفلسطين وواجبنا لتحريرها".