وصايا مفلسة

30 يناير 2016
ألكس أندريف/ روسيا
+ الخط -

أوّلاً.. لملم جميع مدّخراتك من السقطاتِ لتحصلَ على ثروةٍ هائلة في شكل خيبة، ثم باشر تقسيم المحصلة كالآتي

قم بصرفِ صكّ في شكلِ هبة لذاكرة عابرة،
الذاكرةُ وحدها من تستحقُ الاتصاف بالعبور،
من يدري، لعلّها تصادف في رحلتها، مدمعاً تبتاعُ منه الشهقات لجديد ضلوع في الآه.

اقتنِ لحبيبتكَ سريراً من الروحِ، وزخرف شراشفهُ بأنفاسك
الــ ذهبتْ سدى في الحاناتِ والمساجد،
ثم ما قيمةُ الأنفاس إن هربت من الحبر والتعب ولم تهذّب لبشرةِ الخيال يا صاح؟

زوّد زفيركَ بصافرات، واجعلها صافرات فجيعة، كيما تبوصل غصّتك عصفوراً نافقاً في البحثِ، عن نايٍ يُنيمُ ذئبَ الأسئلة، تاركاً الإجابات تنعمُ بالعشب

سلّحْ جيشاً من الشرودِ بانتباهات مدسوسة، كيما تقبضَ على ثانية ما، تلك الثانية الـــ ما تصلحُ مسافة لقياسِ الذات.

اخترْ لوناً واحداً لتلوينِ العالم،
وليكُن لون العري، فبه ترتسمُ البسماتُ والصّح،
ولتكتشف أن كل الألوان التي تتسكّع حولنا عبارة عن لحية.

اشترِ شوكاً لكلّ الحفاة، واتركِ الزهرةَ لكائناتِ النقدِ،
اسبر أغوار الجرحِ بالثرثرة،
لتكتشف أن الشوك كبت طالعَ زهرةً هفتْ رغبتها للريح.

أنشئ صندوقاً، واتخمه بالفراشاتِ، لتكونَ شرنقةُ قسوتك ذات فائدة،
ولتتعلمَ أن جناح الفراشةِ غوايةٌ تلهمُ أصحاب الأحجياتِ التي من نار، وتفهم أن اللهبَ حكمةُ الروحِ حينَ تصير خشباً.

اترك الحانة تشربك حتى آخرِ فلس فيك، وافعلْ مثلي، انتقل من بار لبار على أطراف صحوك،
واترك للمنيةِ بعضاً من بصاقك،
المهمّ أن يقتنعَ الملاكُ أنّك مجرم، أنكّ ميتٌ يحتجزُ روحه كي لا تخرج من العالمين،
وهنا يتضاعفُ عذابكَ، فتشربُ متضاعفاً في الحزنِ، إلى أن تصير الخمرَ

اسكرْ، واترك الكتابة جانباً، وإن سألتكَ ادّعي أنْ بكَ جربٌ،
فالنص لا يحب من يحكُ خيالهُ كحيوان..
أو لأقل لك: امنحْ خيالك لأول متسوّلٍ، وابحث لك عن الفراغِ،
الفراغُ جنّة من لا يعرف نفسهُ..
وأنت يا صاح، أنا، كلّنا،
ما زلنا نصدّق المرآة،
ونحصّلُ المعنى بالهروب.

* شاعر من الجزائر من مواليد 1987

اقرأ أيضاً: باب الإفلاس

دلالات
المساهمون