وسيعيّد السوريون لا محالة

26 مايو 2020
نظام الأسد دمر سورية وأفقر شعبها وهجرهم(Getty)
+ الخط -
 
ربما، أيام العيد هي الأثقل على أرواح السوريين، ففيها يتم نكء الأوجاع وخلالها تنبش المقابر وتستحضر أطياف الموتى وعبرها تتكشف احتياجات السوريين ويتبدى ضعفهم، حتى في إكساء أولادهم ثوباً جديداً أو بإسكات أفواههم بكعكة عيد، فسورية وبرعاية نظام الأسد وتصميمه، صارت الأفقر عالمياً وفق مؤسسة "World by map" ولم يعد من تتمة للدور الوظيفي الذي أوكل للأسد، بعد أن تعدى نسبة فقراء سورية 83% وناف قتلاها ومهجروها عن نصف السكان.

بعيداً عن المؤشرات الاقتصادية الكبرى، من بطالة تعدت 83% وتراجع الناتج المحلي الإجمالي وخسارة العملة 40 ضعفاً، منذ تطلع السوريين مطلع عام 2011 إلى العدالة في توزيع الثروة والعيش بكرامة وحرية، فالمؤشرات الصغرى التي تعكسها بطون الجائعين، ربما هي الأقرب للإحساس، إن لم نقل الأصوب حتى لمرتكزات الباحثين والاقتصاديين.

أول تلك المؤشرات التي سيكون القياس منها وعبرها، هو دخل السوريين المثبّت عند 50 ألف ليرة، رغم كل ما حصل لليرة من تهاوٍ وتراجعات في قيمتها الشرائية، وما شهدته الأسعار من ارتفاعات زادت عن 15 ضعفاً منذ عام 2011 حتى اليوم.

ليأتي مؤشر أسعار الحلوى في مناسبة العيد، والذي ارتفع بدوره عن العام الماضي فقط، بأكثر من 300%، ليبلغ سعر كيلوغرام الحلوى متوسطة الجودة والمصنوعة بسمن نباتي، أكثر من 30 ألف ليرة، ويبقى سعر كيلو الحلوى الشامية المصنوعة بسمن حيواني ومواد أولية غير منتهية الصلاحية، أعلى من الراتب الشهري لموظف فئة أولى تراكمت خدماته وعلاواته لثلاثين سنة.
 

وثاني مؤشرات العيد اللباس، رغم ما لسورية من عراقة وما تشتهر به من قطن وأنواع أقمشة وألبسة كانت محط أنظار ملكة بريطانيا، إليزابيث الثانية منذ أربعينيات القرن المنصرم.

فسعر الطقم الذي اعتاد السوريون ارتداءه خلال العيد، زاد عن ضعف الأجر الشهري، ويزيد لباس ولدين عن 50 ألف ليرة، بل ويسوق السوريون نكات مؤلمةً، أنهم يرون رقم راتبهم الشهري مكتوباً على حذاء في واجهات محال الألبسة بدمشق.

وما قيل عن حلوى العيد ولباسه، ينسحب وإن بوجع مضاعف على الطعام، فاللحوم باتت أمنية لا تطاول، بعد أن تعدى سعر كيلو لحم الخروف 15 ألف ليرة، وحتى الفروج، زادت أسعاره عن قدرة السوريين الشرائية، ما بدل أنماطهم الغذائية في عهد الأسد، ليستعينوا بالمنكهات البروتينية في موائد العيد.

نهاية القول: من مشاهدات المدينة الوحيدة المحررة في سورية "إدلب" ليلة العيد أمس، يمكن استشفاف العيد، فأن تغص المدينة وحتى ساعات الفجر، بأهلها وضيوفها وتشهد الأسواق رغم التفقير، ذلك الإقبال، فثمة بالأفق بشرى.

كما بدت ملامح الانفراج طاغية خلال هذا العيد على جل السوريين، رغم كل الذي يعانونه من حرمان وقهر وفاقة، فما يعد في مطابخ "الكبار" وما يحاك في غرف المحتلين المغلقة، من سيناريوهات إسقاط الأسد، أعطت روائحه الآمال لعودة سورية، بلد المليون طن من القطن ومثله من الحمضيات وأربعة ملايين طن من القمح، بلد تصدير النفط والفوسفات وموطن التجارة، بلد تصدير المهنيين والمفكرين، إلى ما قبل عصر الأسدين ونصف قرن من التجويع والإذلال...وزاد التعويل على المستقبل القريب، فعسى أن يعيّد السوريون.

 
المساهمون