وزير العدل وعامل النظافة..قراءة مختلفة للصراع في مصر

11 مايو 2015
وزير مصري: لا مكان لابن عامل النظافة في القضاء(أرشيف/Getty)
+ الخط -

تزداد قناعتي كل يوم بأن الصراع الدائر في مصر هو في جزء كبير منه صراع طبقي، مع عدم إغفال جوانب أخرى مهمة في الصراع، بعضها سياسي وبعضها ديني، لكن يظل الصراع الطبقي هو العامل الحاكم في الوضع الآن، من وجهة نظري.

الهجمة الشرسة، التي تعرض لها وزير العدل المصري عقب تصريحاته بخصوص استحالة دخول عامل النظافة مجال القضاء، ظلمت الرجل كثيراً رغم أنها ليست سوى تعبير صريح عن واقع ليس جديداً بل نعيشه منذ سنوات تمتد لما قبل ثورة الخامس والعشرين من يناير، وربما قبل ذلك بكثير.

عاش البلد عهدا كانت فيه طبقة الأسياد هي الطبقة الملكية ومن اقترب منها، ويأتي بعد ذلك طبقة أو طبقات أخرى تختلف في شكلها لكنها تتفق في وظيفتها الأساسية في هذا النظام، وهي خدمة الطبقة الأولى.

والخدمة المقصودة بالطبع تتعدى المفهوم التقليدي إلى مفهوم أعم يشمل الخدمات المتعلقة بالنظافة والطب والدواء والبناء وتعبيد الطرق والتعليم وغيرها. وما نتج من تفاوت في مستوى الطبقات الخادمة لطبقة الأسياد لم يكن إلا انعكاسا لتفاوت الخدمات التي يحتاجها الأسياد.

تغيرت الظروف والأحوال في مصر وتغيرت معها طبقة الأسياد دون أن يتغير جوهر النظام والفكرة التي يقوم عليها.

كل ما حدث أن فئة كبار ضباط الجيش احتلت طبقة الأسياد، عقب الثالث والعشرين من يوليو/تموز عام 1952.

وفي فترة ما بعد 23 يوليو وعلى مدى سنوات، سعت طبقة الأسياد الجدد (كبار الضباط) إلى إحداث تغييرات هيكلية في تركيبة وطريقة عمل عدد من الفئات المهمة، منها القُضاة لضمها لفئة الأسياد مقابل مساعداتها في إحكام السيطرة على البلاد.

حاولت ثورة الخامس والعشرين من يناير أن تغير هذه التركيبة، وأن تعيد تشكيل الطبقات وتعيد صياغة العلاقات بينها، وتوجت هذه المحاولة بوصول محمد مرسي، ابن الفلاح البسيط، إلى أعلى منصب في الدولة، واضطرت طبقة الأسياد إلى قبول ذلك تحت وطأة الضغط الشعبي.

وبصرف النظر عن إيجابياته وسلبياته، بل وعن تقييم أدائه بصفة عامة، كان مجرد وصول محمد مرسي بخلفيته الاجتماعية لسدة الرئاسة أمراً غير مقبول على الإطلاق في نظر طبقة الأسياد المسيطرة على السياسة والاقتصاد والإعلام وكافة مفاصل البلاد، لأن في وصوله بداية نهاية سيطرة هذه الطبقة وبدء تشكيل طبقة جديدة أو بدء عملية إعادة صياغة لطبيعة العلاقة بين مختلف طبقات المجتمع.

المساهمون