وسط أجواء متوترة، ومشهد عربي مضطرب، عُقد أمس الأحد اجتماع الجامعة العربية على مستوى وزراء الخارجية بشكل طارئ؛ لمناقشة ما تم تسميته بالدور الإيراني في المنطقة، والذي جاء بناءً على مطلب سعودي دعمته البحرين والإمارات والكويت، في أعقاب إطلاق صاروخ باليستي حوثي نحو مطار الرياض، في الرابع من نوفمبر/ تشرين الثاني الجاري.
جدل كبير صاحب الاجتماع منذ بدايته، خاصة أنه جرى في ظل غياب وزراء خارجية كل من قطر ولبنان وعمان والإمارات والجزائر والعراق، الذين أرسلوا ممثلين عنهم.
وبحسب مصادر بالجامعة العربية، سعى الرباعي العربي مصر والسعودية والإمارات والبحرين إلى فرض رؤية خاصة بهم على الاجتماع منذ اللحظة الأولى، حيث قاموا بتسريب مسودة مقترحة من جانبهم للبيان الختامي لتسهيل تمريره، قبل أن يدخل ممثلو الدول الأربع في اجتماع مغلق سبق اجتماع وزراء الخارجية، بحضور الأمين العام للجامعة، أحمد أبو الغيط.
وأفادت المصادر بأن الأجواء كانت مشحونة طيلة اليوم، خاصة في ظل العلاقات المتوترة بين العديد من الأطراف العربية، سواء بين الدوحة ورباعي الحصار (القاهرة والرياض وأبوظبي والمنامة)، أو بين السعودية ولبنان في ظل الاتهامات الرسمية من جانب بيروت للرياض بالعبث باستقرارها، بعد ضغوط على رئيس الوزراء سعد الحريري لتقديم استقالته وإعلانها من الرياض.
وكانت مصادر قد كشفت لـ"العربي الجديد" أن القاهرة أوقفت توجُّهاً سعودياً لتعليق عضوية لبنان في الجامعة، في ظل مشاركة "حزب الله" في الحكومة.
وأوضحت المصادر أن وزير الخارجية المصري، سامح شكري، خلال جولته التي شملت السعودية والأردن والبحرين والإمارات، حمل خلالها مبادرة مصرية لقيت قبولاً من جانب الرياض، تشمل وقف التصعيد الإعلامي بين أطراف المشهد اللبناني والسعودية، وكذلك إقناع ولي العهد السعودي، محمد بن سلمان، بعدم التسرع في خطوات لتسوية سياسية واسعة في لبنان، نظراً لصعوبة المشهد هناك، بما قد يأتي بنتائج عكسية، في مقابل توقف "حزب الله" عن تقديم أي دعم لجماعة الحوثي في اليمن.
أما على صعيد المخرجات النهائية للاجتماع الذي انطلق مساء الأحد، فقد أكد مصدر دبلوماسي بالجامعة أن هناك لبساً كبيراً جداً في أعقاب ما صرّح به الأمين العام للجامعة بشأن أن القرار النهائي اعتبر "حزب الله" اللبناني منظمة إرهابية بشكل رسمي، وهو ما لم يحدث، إذ أوضح أن "البيان النهائي وصف بعض ممارسات "حزب الله" بالإرهابية، ولم يعتبر الحزب منظمة إرهابية، وهناك فرق كبير بين الصيغتين".
وكان أبو الغيط قد أكد عقب الاجتماع أن "صلب القرار فيه إشارات قوية لمسائل الصواريخ الباليستية وغيرها". ولفت الأمين العام للجامعة العربية إلى وجود إمكانية للتوجه إلى مجلس الأمن الدولي لمناقشة الدور الإيراني في الشرق الأوسط.
وأعرب أبو الغيط عن أمله في أن "يتغير النهج الإيراني، وأن تصل الرسالة إلى الإخوة في إيران، والتي مفادها بأن هناك غضباً وضيقاً عربياً"، مشدداً على "وجود إجماعٍ عربي على رفض التصرفات الإيرانية، يشاركه حتى لبنان، على الرغم من تحفظاته بشأن قرار الاجتماع".
وأضاف "نحن لن نعلن الحرب على إيران في المرحلة الحالية، الدول العربية لن تحارب (إيران)، والهدف هنا هو مناشدة طهران وإدانة تصرفاتها".
إلى ذلك، كشفت المصادر الدبلوماسية التي تحدثت لـ"العربي الجديد" أن وزير الخارجية المصري لعب دوراً مهماً في عدم انسحاب ممثل لبنان من الاجتماع أمس، في ظل رفضه للتعريض بالحكومة اللبنانية خلال كلمات وزيري خارجية البحرين والسعودية.
وهاجم الوزير السعودي، عادل الجبير، خلال الاجتماع إيران و"عملاءها"، في إشارة إلى "حزب الله" اللبناني والحوثيين في اليمن.
من جهته، اعتبر وزير خارجية البحرين، خالد بن أحمد آل خليفة، أن لبنان "تحت السيطرة التامة" لـ"حزب الله"، وأن هذا الحزب يعبر "دولنا جميعاً، وهذا تحدٍّ للأمن القومي العربي".
من جهته، قال مندوب لبنان في الجامعة العربية، أنطوان عزام، "إن بعض الرؤى التي طرحت من جانب مشاركين في الاجتماع كانت بمثابة قرارات إدانة للحكومة اللبنانية"، مضيفاً، في تصريح خاص مقتضب عبر الهاتف، "تمكنّا بفضل تواصلنا مع العديد من وزراء الخارجية العرب من عدم تضمين هذه البنود، والتأكيد على عدم وصف "حزب الله" بالإرهابي".
فيما وصف دبلوماسي عربي النتائج النهائية للاجتماع بـ"الروتينية، والتي لا تحمل جديداً"، مؤكداً أنها جاءت فقط لإرضاء السعودية وحفظ مكانتها في صراعها مع إيران"، مبيناً "أن هذا هو ما حرص عليه الرباعي العربي، الذي يضم مصر والسعودية والامارات والبحرين، خلال اجتماعهم الذي سبق الاجتماع الوزاري، خاصة بعدما استشعروا عدم تقبّل بعض الدول العربية للدخول في صدام بالوكالة مع إيران بمعارك السعودية"، على حد تعبير المصدر.