لطالما ارتبطت مدينة ورزازات بالإنتاج السينمائي. تقع على بعد 600 كيلو متر جنوبي الرباط. تعرف بأكبر استديو عالمي في أفريقيا، كما تعرف بهوليود أفريقيا. مئات الأفلام الشهيرة اتخذت من قصور المدينة، وصحرائها، وفضاءاتها، أماكن لتصوير أحداث عالمية.
سلسلة طويلة من الأفلام العالمية، من لورانس العرب، كليوباترا، مملكة الجنة، الإسكندر الأكبر، شاي بالصحراء، بابل، وغيرها من الأفلام العالمية، تم تصويرها في المدينة. تشير الإحصاءات إلى أنه خلال السنوات الأخيرة، احتضنت أكثر من419 فيلماً، بميزانية تخطت المليار درهم.
وبفضل المعالم التاريخية للمدينة، قصدها مخرجو السينما، فاختاروها محطة لإنتاجهم السينمائي. وبسبب شهرتها السينمائية، باتت المدينة معلما سياحياً عالمياً، حيث يقصدها السياح من كافة الدول، للتعرف على معالمها، والاستمتاع بطقسها المشمس طوال العام. كما تتميز المدينة باحتوائها على سلسلة من الفنادق وبيوت الضيافة في أطرافها، ما يساعد الزوار على قضاء أطول إجازة ممكنة، وبأسعار معقولة.
المعالم التاريخية
تعرف هذه المدينة بكثرة القصور التاريخية، ومن أبرزها قصر آيت بن حدو، والذي يعد واحداً من أفضل الأمثلة الحاضرة للهندسة المغربية في القرون الوسطى. وقد تم إدراجه كأحد مواقع التراث العالمي لليونيسكو منذ عام 1987. يتميز ببنائه الضخم، وهندسته الفريدة. يتميز أيضاً بموقعه، حيث تحيط به أشجار اللوز، ما يزيد من سحر إطلالته الخلابة.
بعدها، لابد من زيارة القلاع والتي يطلق عليها القصبات. وهي مواقع أثرية جذابة، بنيت من الطين والتبن، وتحتوي على العديد من الزخارف، والتصاميم الهندسية الخاصة بالحضارة المغربية.
ومن أبرز القلاع التي لابد من زيارتها، قلعة أمريديل، والتي بُنيت في القرن السّابع عشر، وهي أحد الأمكنة الشّهيرة في المغرب العربي، حيث تمّ تصوير العديد من الأفلام الشّهيرة فيها، إضافة إلى قلعة تاوريرت، والتي تتميز بنقوشها القديمة على الجدران، والأسقف.
استديوهات التصوير
لا شك أن زيارة هذه المدينة، تتطلب منك التوقف عند مجمع السينما، والذي يمتد على مساحة 160 هكتاراً، ويضم المجمع فضاءين للتصوير، إضافة إلى جناح الملابس ومطعم وورشة للهندسة وصناعة الديكور. يتميز الأستديو بفنه المعماري العربي ذي الطابع الأندلسي، وهو يشكل تحفة فنية نادرة في قلب الصحراء.
ينتقل السائح لزيارة متحف السينما، والذي يحتوي على ديكورات وقاعات حيث تم تصوير أبرز الأفلام الأجنبية، فلا تفوتوا فرصة التقاط الصور الفوتوغرافية. يتميز المتحف بسوره ذي الطابع المغربي، ويضم العديد من الأجنحة التي تمثل حقبات تاريخية قديمة، كالحضارة اليونانية، والحضارة العربية وغيرهما.
هنا يمكن للزائر أن يتعرف على قاعات النبلاء، والاجتماعات، ويزور السجون القديمة، وإسطبلات الخيول. ما يميز المتحف، ضخامة بنائه، واحتواؤه العديد من الأجنحة التي تمثل حقبة زمنية تاريخية.
ألف ليلة وليلة
لا تنتهي زيارة المتحف عند هذا الحد. فالسوق الكبير وخصوصا جناح الألبسة محطة لابد من زيارتها، خاصة وأنها تعيدكم إلى العصور القديمة.
في السوق الكبير، يعيش السائح تجربة فريدة، حيث يضم السوق مئات الخيم التقليدية، والتي تضم أدوات قديمة، كان يستخدمها التجار في أعمالهم اليومية. يتميز السوق بأزقته المتعرجة والضيقة، فكأن الزائر دخل في السوق إلى عالم ألف ليلة وليلة. ويضم السوق بعض المقاهي الشعبية، والمطاعم التي تقدم أطباقاً تقليدية، ولذا يمكن للسائح أن يأخذ قسطاً من الراحة، وينتاول كوبا من الشاي بكؤوس وأكواب قديمة الصنع.
يضم جناح الألبسة مئات، لا بل ملايين قطع الثياب التي استخدمها الممثلون للتصوير، وتتناول فترات قديمة كاللباس اليوناني والروماني والفرعوني وغيرها.
تسلية بلا حدود
زيارة ورزازات لا تقف عند حدود التعرف على الأماكن الأثرية وحسب، بل للترفيه جانب أيضاً.
تعد رحلات السفاري في قلب الصحراء، من أكثر النشاطات الترفيهية التي لابد من تجربتها. تنظم رحلات يومية إلى قلب الصحراء، حيث الكثبان الرملية الرائعة، وعادة ما يقيم السائح ليلته في الصحراء، حيث تنتشر المخيمات. وفي الليل، تقام احتفالات فنية ذات طابع تراثي، كما تقام حفلات الشواء، ولذا فهي فرصة رائعة لاكتشاف جمال وسحر الصحراء المغربية.
وقبل مغادرة ورزازات، لابد من زيارة المدينة القديمة، والتي تتميز بمنازلها التقليدية، وشوارعها الضيقة، ومتاجرها الصغيرة، حيث يمكنكم شراء الهدايا التذكارية، إذ تكثر الحرف اليدوية الرائعة. وإن كنتم ترغبون بتناول الأطعمة المحلية، فلابد من زيارة المطاعم البسيطة، التي يديرها السكان المحليون الذين لايزالون يعيشون في هذه المدينة منذ سنوات.
الوجه الآخر للمدينة
تلقب بأكبر استديو في العالم، نظراً لطبيعتها الخلابة. المدينة التي كانت منسية لعقود، تتألق بعد استضافتها الكثير من الأفلام العالمية. اقتصاد المدينة كان في السابق يعتمد على الحرف التقليدية، لكن منذ أن بدأت تشهد إقبالا عالميا على تصوير الأفلام، بدأ اقتصادها يتخذ منحى إيجابياً، حيث شيدت الفنادق، وازدهر قطاع الضيافة بشكل لافت. كما يعتمد اقتصادها أيضاً على السياحة، إذ يتوافد السياح من حول العالم لزيارتها واكتشاف معالمها الطبيعية.
لا توجد أرقام إحصائية دقيقة عن مساهمة مدينة"هوليوود أفريقيا" بالاقتصاد الوطني المغربي، لكن الحكومة المغربية تسعى دائماً إلى جذب الاستثمارات إلى تلك المنطقة، ففي العام 2017، أقر قانونا يسمح لشركات الإنتاج الأجنبية باستعادة 20% مما تنفقه خلال تصوير فيلم أو مسلسل، وذلك لإغراء الأجانب وجذبهم للاستثمار "الفني" في المملكة.
تكاليف السياحة ليست مرتفعة، ويمكن الإقامة في الفنادق الاقتصادية بأسعار لا تتعدى 20 دولاراً، كما يمكن تناول وجبات الطعام بأسعار لا تتعدى أيضاً 4 و5 دولارات، أما بالنسبة إلى التنقل بين معالمها الطبيعية، فهناك العديد من الوسائل، منها التوك التوك، إضافة إلى إمكانية ركوب الجمال، وبأسعار زهيدة.