وترٌ خامس للكمان

07 يوليو 2015
لوحة للفنان الأميركي المعاصر ريتشارد فوكس (Getty)
+ الخط -

قتل


أرديت شخصًا ما.
تركت على ملامحه خطوطًا
حادة،
وقطعت إصبعه.
ليبدو موته لك - فوق هذا - معنويًا.
،
لم نكن خصمين،
لكني
غرست ـ بلا توان ـ آلتي في ظهره،
وتركت أنسجة مهتكة، من الكتفين حتى
أسفل البطن،
(التفاتته الأخيرة تشبه الإصغاء..)
،
لم يجدوا أداة القتل.
قيل: تبخّرت.

فضحكت،
كانت لا تزال، كإصبع مبتورة، في قبضتي.


حب

كجذرٍ على الماءِ،
يولد حبّ..
ويكبرُ.
من حولهِ كلّ شيء يشعُّ.

كأنّ الحياة، هنا، الآن، نوعٌ
من الذكرياتِ.

أنا لكِ.
عيناك أغنيةٌ تتخلّى
عن الكلماتِ
وعيناي لا ترويان الذي تريان..

كأن فريقًا من اللمعان يحطّ على
عشرات الزوايا
هنا..
بينما أهمس الآن:
يولد حبّ..


دمع

تدندن في مطبخي.
صوتها يقطع اللحنَ من جانبيهِ
شرائحَ.
أما الصدى، فيجوب الممرّ
على قدميهِ،
ويرفع أغطيةً عن مواعيدَ سريةٍ لانعتاقِ الروائحِ.

لا تتذكر شيئًا.
لذا
تترك الصيفَ مختبئاً في الثيابِ،
وخلف الستائرِ
تتركُ أنفاسَهُ، حارةً، وتميدُ مع اللحنِ.

إذ تتذكر، تدفع ركبتها،
وتحكّ بإظفارِها ربلة الساقِ.

في مطبخي،
حيث يلقي النهارُ حمولتَه الذهبيةَ،
تطوينَ أمكنةً
لا يمرّ عليها السحاب
وتمشين في طرقٍ لانهائيةٍ..
تصعدين تلالًا،
وتنأين،
تنأين
حتى تضلّ خطاك،
فتبكين من شدّة الحبّ..


اقرأ أيضاً: علبة مربّى

إصابة

بينما كان يحصي إصاباته،
وجدت صوتها الكلماتُ:
ستدفعني رغبتي في الغناء إلى الطيران
بعيدًا
بعيدًا.
ولن أتذكر شيئًا،
إلى أن ينبّهني حدث عابر؛
نظرة، أو ملامسة، أو كلام
فأهوي
إلخ،
وتزيد الإصاباتُ واحدة.


تلاش

عندما لا تكونين موجودة،
ههنا،
تنزوي الكلماتُ.
زهورك تخضرّ، مرغمةً. وطيورك تأوي
إلى الصمتِ،
حتى الأواني الزجاجَ، تشفّ
بلا رغبة.

جسدي، هو أيضًا،
- أجل جسدي - يتضاءل شيئًا
فشيئًا
كأن السجائر تمتصني.

أسباب

لا أقول: "لهذا السببْ"
وأنا مطمئن تمامًا،
فثمة أشياء تحدث من نفسها.

ربما اهتزّ غصن لأن رياحًا، على عجل،
لامسته.
وقد لا تكون الرياح..

لعل جناحًا من الطير حطّ
ثوانيَ،
ثم استعاد السماء، فهزّ الحنين الوتر.

ربما كانت الجاذبية،
أو أن نارًا مخبّأة في الخشبْ
شعرت بالضجرْ.

ربما كان شيئًا
سوى كلّ ذلكَ.

في ما مضى..
كانت امرأة، تستطيع، إذا أعملتْ
فكرها،
نقرَ تفاحةٍ في مخيلتي
وإزاحة أشياء ثابتةٍ، بالنظرْ.


من أجل لا شيء

سأحبّ نفسي مثلما هي،
فانتظرني ساعة يا حبّ
أكثر
أو أقلّ.

وجدت نفسي عند منعطف،
فقلت:
ضعي ذراعك تحت إبطي..
سوف نقطع شارعًا، ونجوب أغنية
بلا معنى

وقلتُ: تقدميني خطوة، لتمرّ ما بيني وبينك
هذه الكلماتُ.

سوف أحبّ نفسي مثلما هي،
غاصة بالحزن،
ملقاة
على الأطراف، خالية
من الأسماء،
عدوانية،
صفراء شاحبة،
وموشكة على الطيران،

سوف أحبّ ما هو لي
كما هو.

فانتظرني ساعة،
من أجل لا شيء انتظرني..


لو

لو كنتِ لي لعرفتُ، لكني انتظرتك
جئت قبلُ،
وجئت بعدُ،
ولم أجدكِ.

لو انتظرتِ، دقيقتين،
على الرصيفِ،
رأيتِ وجهي في بخار الصبح أحمرَ،
مضحكًا.
لو كان لي حظّ رأيتكِ
ربما..
كنا سنملأ مقعدين، ونختفي
شيئًا فشيئًا
في الحنينِ
كأننا لم ننجرف من قبل في هذا النهار.

وكنتُ - لا متأكدًا - سأقولُ شيئًا ما
فتستلقين، فورًا، في مخيلتي..

ولكني وحيد.
أنتِ أيضًا في مكان ما، هناك،
وحيدة.

لم يهوَ ظلّك،
لم تمرّي من هنا.
وأنا كذلك،
قلت:
ما جدوى الوقوف على الرصيف إذا مررت
ولم تريني؟

قلت أكثر..
آه، لكن المعاني أبقت الكلمات
وانجرفت بعيدًا.


وترٌ خامس

ولدتُ..
لأن قميصَك أحمرُ
قانٍ،
وعينيك لوزيتان.

ومرّنتُ نفسي على المشيِ،
والطيرانِ،
لأن ذراعيك موجودتان.

ولم أحمِ نفسي من الذكريات،
لأن أصابع كفيك معدودة،
والصدى
وتر خامس في الكمان..

ولم أتوقف، إلى الآن، عنك
لأن
الكلام له معنيان

أحبّك،
سيري معي تحت هذي الظهيرة،
عندي كلام كثير،
له معنيان.



كلمات

لها شامة حارّة اللون، تظهر
أو تختفي،
عندما تتحدثُ.

كنت أؤلّف من أجلها الشعر.
أرمي الكلام على باب منزلها،
مسرعًا،
وأنقّحه، لاحقًا، في مخيلتي.

أكلت كلماتي الطيورُ الصغيرةُ
وابتلعت ما تبقى النمالْ.

مرّ وقت..
كبرت أنا،
ومشتْ هي في الذكرياتِ
ولما تزل كلماتي تجوب السماء
بلا هدف،
وتخبىء أسرارها في الرمال.
المساهمون