وبعد الهجرة؟!

18 ديسمبر 2014
أنساهم في بناء مجتمعات الآخرين ونغفل مسؤوليتنا تجاه مجتمعاتنا؟!(Getty)
+ الخط -

كأيّ إنسان على متنِ هذا الكوكب يتغنّى بالطموح، يردد دوماً لحنَ درويش "سأكون يوماً ما أريد"، يبدأ الشاب العربي قصته منذ بداية وعيه ليحدد أهدافه ويحلم بأن يكون شخصاً نافعاً ومفيداً، مُمتلئاً بعبواتِ الأحلامِ الموقوتة واندفاع اللهفة إلى تحقيقها، يترقبُ بشوق لحظة حصوله على الشهادة الجامعيّة، لينتقل إلى الخطوة الأولى من دربِ العطاء والإنتاج!

ينخرط الخريج العربي في المجتمع، ويجوبه بحثاً عن وظيفة يحقق فيها ذاته، ليجدَ أمامه طوابير من شهادات الخريجين، مضى على تخرجهم سنين طويلة، وهم قيد الانتظار ولا بصيص أمل، إلا مَن رحم ربي، فلا يُمكننا أن ننكر وجود بعض من الشباب استطاع شق طريقه وتحدى حدود الزمان والمكان ووجد وظيفته بعد كدٍ وتعب!

أما عن الشق الأول نتحدث؛ حين ييأسُ الشاب من البحثِ عن العمل و يعجزُ عن بدء مشروعه الخاص لضيق الحاجة أو لفائضٍ في السوق، أو لقلّة الموارد المتاحة وضيق المادة. وعندما لا يجدُ يدِ العون لتنتشله من وحل اليأس، يلجأ عندها للبحث عن جنة تخرجه من جحيم غموض المستقبل! إلى مدينةٍ تمدُّ له ذراعيها وتفتح أبواب الرزق، يتخذُ قرار الهجرة ليُبصر بمخيّلته عالماً أجمل وحياةً مفتوحة، لتتوفر له جميع مقومات الحياة كما يحلم.

وعلى سبيل المثال، تصل نسبة البطالة بين الشباب في فلسطين، إلى 29.3%، وفي قطاع غزة، إلى ما يقارب 40.8%، حسب مركز الإحصاء الفلسطيني. وهذا مثلٌ من الأسباب التي تدفع ببعض الشباب أن يسلكوا سُبل الهجرة، سواء عبر الطرق الشرعية، أو عن طريق قوارب الموت تلك.

وتختلف آراء الشباب حول الهجرة ما بين مؤيد ومعارض، فتقول الصحافية الفلسطينية، خلود نصار: "في غزة لم نعد نشعر بالأمان المستقبلي، ولا نرى النور لأحلامنا وطموحاتنا، وفئة الشباب والمبتدئين فئة مطحونة جداً فيها".

وأما الطالبة أسماء صابر، فتقول: "قد نُجبر على الخروج إلى أرض الله الواسعة لإيجاد فرص أفضل. بالنسبة لي أكره الخروج للدول الأوروبية، سواء للتعليم أو العمل، لأننا بذلك نساهم في بناء مجتمعات الآخرين ونغفل مسؤوليتنا تجاه مجتمعاتنا".

حين يتخذ الشباب المتعلّم والمثقف سبيل الهجرة وترك بلاده خلفه، ولا يجد مساعدة في شق طريقه في بلده الأم، يتوجب علينا طرح تساؤل.. ما هو القادم؟!

المساهمون