15 سبتمبر 2019
واشنطن وطهران و"تكبير الحجر"
محمد عياش
كاتب وباحث سياسي فلسطيني، يؤمن بمقولة "من طلب الشيء قبل أوانه، عوقب بحرمانه".
احتمالية الحرب التي تقودها الولايات المتحدة الأميركية وحلفاؤها على إيران، وبمساعدة وتحريض الدول التي تتمنى رؤية وسماع دويّ الانفجارات في المدن الإيرانية، أصبحت قاب قوسين أو أدنى، فتحرّكات واشنطن السياسية والعسكرية كافية للقول إن طبول الحرب قد قرعت.
تشبه واشنطن بهذه التحركات من يقدّم خطوة ويتراجع عشرة إلى الوراء، فهي تدرك المأزق الذي ستدخل فيه، لو نشبت الحرب، لأن عاملي المناخ الدولي والجغرافي ليسا في صالحها، ومن ثم فيما لو قررت فعلاً توجيه ضربة لطهران لكان في وسعها توجيه صواريخ موجهة عابرة للقارّات لأهداف إيرانية، ومن ثم الإيعاز إلى المدمرة أبراهام لنكولن التوجه على رأس أسطول بحري ضخم للشواطئ الإيرانية، بعد الزعزعة الداخلية، إلا أن الأمر لا يعدو سوى مناورة، الهدف منه إظهار القوة والضغط على القيادة الإيرانية للتراجع عن سياساتها في المنطقة.
تحاول دول الخليج تذكير طهران بالعملية التي قامت فيها واشنطن، وسميت يومها "فرس النبي"، والتي استمرت أربعة أيام، وكبّدت إيران منشآت بحرية واستخباراتية على منصتي نفط، وإغراق ثلاثة زوارق سريعة مسلحة، وفرقاطة وزورق هجومي، وإصابة الفرقاطة الشهيرة سابالان، وفقدان نصف الأسطول العملياتي، ومقتل 55 عنصراً من البحرية الإيرانية، التي جاءت تحت مزاعم تسلسل الألغام التي أصابت بعض السفن الأميركية الرابضة في الخليج.
الاختلاف الجوهري في السياسة الراهنة، التي أفرزت إيران دولة قادرة على المناورة، وقادرة على إجبار الدول العظمى على تفهم مشروعها، وأنها ليست جزيرة لوحدها، ومن ثم فإن في يدها أوراقاً كثيرة للعب فيها عندما تقتضي الحاجة، والفزع الذي يبديه الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق المبرم مع إيران، هو ما جعله ينسحب بالمطلق من الاتفاق، لأن جوهره ينصّ على الاعتراف بإيران دولة نووية، ومن ثم على العالم أن يتعامل مجبراً بالبراغماتية العملية، لأن السؤال الكبير: لماذا تتوعد واشنطن طهران بضربة موجعة، في وقتٍ لا تتوقف عن فرض العقوبات وتهديد الأوروبيين بالانسحاب المطلق من الاتفاق النووي وقطع العلاقة؟
أعداء طهران يختلفون في ما بينهم على وقت بدء الهجوم الأميركي على طهران، وهم يرون أن واشنطن تمارس سياسة التلكؤ، والتقارير الواردة من الولايات المتحدة تقول من الخطأ الدخول في حرب مع إيران، لأن ذلك سيعزز مكانة الخصوم التقليديين، أي الصين وروسيا اللتين تريدان لواشنطن الدخول بالحرب والانزلاق أكثر نحو الهاوية.
تغيرت الظروف، وموازين القوى توزعت، فطهران قبل الاتفاق النووي غير طهران بعده، وهذا ما تدركه الدول التي تعتبر طهران مزعزعة للأمن والسلم الدوليين، فربما نفد الصبر ولم يشاهدوا الهجوم الأميركي، فكان لزاماً عليهم العمل ببعض الحركات التي قد تعجّل الهجوم، كالهجوم على أربع سفن إماراتية في الفجيرة، وهجوم الطائرة المسيرة على مضخات نفط في السعودية، وإلصاق التهمة بالحرس الثوري الإيراني.
إذا صح الهجوم على السفن الإماراتية، ووصول الطائرات المسيرة إلى قلب السعودية، وفوق مصافيها ومضخاتها وآبارها، فأين الحماية الأميركية؟ والرئيس ترامب قد أعاد التذكير منذ أسبوعين بموضوع الدفع مقابل الحماية، فهل هي لعبة أميركية، الهدف منها ابتزاز السعودية والإمارات لدفعهما المزيد من الأموال، ومن ثم البحث عن حل دبلوماسي مع إيران ينتهي بتفاهمات، قد تأخذ سنوات على الأقل لحين الاطمئنان بفوز ترامب لولاية ثانية، ومن ثم يخلق الله ما يشاء؟
تدرك واشنطن أن العالم يريد التخلص من هيمنتها وصلفها، وتدرك صعوبة القرار والذهاب إلى الحرب مع إيران، لأن طهران ليست وحدها في المعركة. وفي المقابل، هناك دول تنتظر انزلاق واشنطن بالحرب لجهة التسلح والاطلاع على الإمكانات العسكرية الأميركية والفوضى التي ستحدثها، التي سترسم ملامح قيادة جديدة للعالم لا يكون للأميركيين أي دور فيها، فالحشود والتحشيد اليومي للسفن والمدمرات ودفع الأميركيين إلى العودة إلى بلادهم، لا يمكن أن تكون مؤشراً حقيقياً للحرب فحسب، بل على العكس الهدف من هذه التحركات إظهار القوة، وكما قالوا قديماً في الأمثال "من كبّر حجره ما ضرب".
تحاول دول الخليج تذكير طهران بالعملية التي قامت فيها واشنطن، وسميت يومها "فرس النبي"، والتي استمرت أربعة أيام، وكبّدت إيران منشآت بحرية واستخباراتية على منصتي نفط، وإغراق ثلاثة زوارق سريعة مسلحة، وفرقاطة وزورق هجومي، وإصابة الفرقاطة الشهيرة سابالان، وفقدان نصف الأسطول العملياتي، ومقتل 55 عنصراً من البحرية الإيرانية، التي جاءت تحت مزاعم تسلسل الألغام التي أصابت بعض السفن الأميركية الرابضة في الخليج.
الاختلاف الجوهري في السياسة الراهنة، التي أفرزت إيران دولة قادرة على المناورة، وقادرة على إجبار الدول العظمى على تفهم مشروعها، وأنها ليست جزيرة لوحدها، ومن ثم فإن في يدها أوراقاً كثيرة للعب فيها عندما تقتضي الحاجة، والفزع الذي يبديه الرئيس الأميركي دونالد ترامب من الاتفاق المبرم مع إيران، هو ما جعله ينسحب بالمطلق من الاتفاق، لأن جوهره ينصّ على الاعتراف بإيران دولة نووية، ومن ثم على العالم أن يتعامل مجبراً بالبراغماتية العملية، لأن السؤال الكبير: لماذا تتوعد واشنطن طهران بضربة موجعة، في وقتٍ لا تتوقف عن فرض العقوبات وتهديد الأوروبيين بالانسحاب المطلق من الاتفاق النووي وقطع العلاقة؟
أعداء طهران يختلفون في ما بينهم على وقت بدء الهجوم الأميركي على طهران، وهم يرون أن واشنطن تمارس سياسة التلكؤ، والتقارير الواردة من الولايات المتحدة تقول من الخطأ الدخول في حرب مع إيران، لأن ذلك سيعزز مكانة الخصوم التقليديين، أي الصين وروسيا اللتين تريدان لواشنطن الدخول بالحرب والانزلاق أكثر نحو الهاوية.
تغيرت الظروف، وموازين القوى توزعت، فطهران قبل الاتفاق النووي غير طهران بعده، وهذا ما تدركه الدول التي تعتبر طهران مزعزعة للأمن والسلم الدوليين، فربما نفد الصبر ولم يشاهدوا الهجوم الأميركي، فكان لزاماً عليهم العمل ببعض الحركات التي قد تعجّل الهجوم، كالهجوم على أربع سفن إماراتية في الفجيرة، وهجوم الطائرة المسيرة على مضخات نفط في السعودية، وإلصاق التهمة بالحرس الثوري الإيراني.
إذا صح الهجوم على السفن الإماراتية، ووصول الطائرات المسيرة إلى قلب السعودية، وفوق مصافيها ومضخاتها وآبارها، فأين الحماية الأميركية؟ والرئيس ترامب قد أعاد التذكير منذ أسبوعين بموضوع الدفع مقابل الحماية، فهل هي لعبة أميركية، الهدف منها ابتزاز السعودية والإمارات لدفعهما المزيد من الأموال، ومن ثم البحث عن حل دبلوماسي مع إيران ينتهي بتفاهمات، قد تأخذ سنوات على الأقل لحين الاطمئنان بفوز ترامب لولاية ثانية، ومن ثم يخلق الله ما يشاء؟
تدرك واشنطن أن العالم يريد التخلص من هيمنتها وصلفها، وتدرك صعوبة القرار والذهاب إلى الحرب مع إيران، لأن طهران ليست وحدها في المعركة. وفي المقابل، هناك دول تنتظر انزلاق واشنطن بالحرب لجهة التسلح والاطلاع على الإمكانات العسكرية الأميركية والفوضى التي ستحدثها، التي سترسم ملامح قيادة جديدة للعالم لا يكون للأميركيين أي دور فيها، فالحشود والتحشيد اليومي للسفن والمدمرات ودفع الأميركيين إلى العودة إلى بلادهم، لا يمكن أن تكون مؤشراً حقيقياً للحرب فحسب، بل على العكس الهدف من هذه التحركات إظهار القوة، وكما قالوا قديماً في الأمثال "من كبّر حجره ما ضرب".
محمد عياش
كاتب وباحث سياسي فلسطيني، يؤمن بمقولة "من طلب الشيء قبل أوانه، عوقب بحرمانه".
محمد عياش
مقالات أخرى
25 اغسطس 2019
25 يوليو 2019
21 يونيو 2019