تستضيف الدوحة، اليوم الإثنين، وزراء خارجية الولايات المتحدة وروسيا والسعودية لإجراء مباحثات سياسية هامة، توقعت مصادر أميركية أن تمهد الطريق أمام تفاهم ثلاثي يتعلق بتسويات، قد تبدو صعبة ولكنها ليست مستحيلة، للأزمتين السورية واليمنية، على وجه التحديد.
كذلك من المقرر أن يجري وزير الخارجية الأميركي، جون كيري، في الدوحة لقاءات مع نظرائه في دول مجلس التعاون الخليجي لطمأنتهم بشأن الملاحق السرية الجانبية للاتفاق النووي مع إيران، لجهة التأكيد أنها تتعلق حصرياً بالتفتيش على منشآت إيران النووية، ولا تتضمن ترخيصاً دولياً لإيران لتوسيع نفوذها الإقليمي على حساب العرب أو شرعنة استمرارها في دعم التنظيمات المسلحة في المنطقة وزعزعة الاستقرار الأمني فيها.
ووفقاً لمصادر إعلامية متعددة، فإن وزير الخارجية الأميركي يخشى أن يواجه استجواباً عربياً صعباً خلال وجوده في الدوحة بشأن الاتفاقات الجانبية السرية مع إيران، قد تضطره إلى كشف بعض التفاصيل عن مضامينها لتطمين حلفاء الولايات المتحدة في دول مجلس التعاون الخليجي.
وبحسب ما نقلته وكالة الأنباء الفرنسية عن دبلوماسي أميركي، طلب عدم الكشف عن اسمه، فإن كيري "سيحاول الإجابة عن كل الأسئلة التي لا تزال تدور في أذهان وزراء الخارجية في دول الخليج على أمل أن يكونوا راضين ويستمروا في دعم جهودنا". وأعربت العديد من الدول الخليجية عن قلقها إزاء الطموحات الإيرانية في المنطقة بعد الاتفاق النووي في فيينا بين إيران ومجموعة 5+1 (الولايات المتحدة، فرنسا، بريطانيا، روسيا، الصين وألمانيا).
اقرأ أيضاً: كيري ولافروف يجتمعان في الدوحة لبحث "حل في سورية"
وتأتي زيارة كيري "التطمينية" إلى الدوحة بعد أكثر من شهرين على استضافة الرئيس الأميركي، باراك أوباما، قادة دول مجلس التعاون لدول الخليج ضمن قمة خليجية - أميركية هدفت في حينه إلى الحد من القلق الخليجي إزاء إمكانية التوصّل إلى اتفاق نهائي مع إيران في يونيو/حزيران. وقد انتهت القمة بإعلان شراكة استراتيجية بين الولايات المتحدة ودول مجلس التعاون تتمحور بالدرجة الأولى حول قضايا الدفاع والأمن، قال عنها الرئيس الأميركي، باراك أوباما، إن الغرض منها هو إشعار دول الخليج بالثقة من أجل الحوار مع إيران من موقع قوة لإنهاء الصراعات في المنطقة.
وكانت القاهرة هي المحطة الأولى لجولة كيري الجديدة في المنطقة، لكن مباحثاته مع المسؤولين المصريين، أمس الأحد، ركزت على الملف الأمني وعلى ترميم العلاقات الأمنية التي تعتبرها الولايات المتحدة استراتيجية مع مصر، وفقا لما أوردته وكالة "أسوشييتد برس" الأميركية. وقالت مصادر في الخارجية الأميركية لـ"العربي الجديد" إن مباحثات كيري في القاهرة لم تتجاهل القضايا الإقليمية، مشيرة إلى أنه تطرق على عجالة خلال لقائه مع نظيره المصري سامح شكري إلى الجهود التي تشارك فيها القاهرة لحل الأزمة اليمنية. ووفقاً للمصادر نفسها، أعرب كيري عن مباركته لأي مبادرة من القاهرة لاستضافة مشاورات حل جديدة بين الأطراف السياسية اليمنية.
وتوقعت المصادر أن يطرح كيري مع وزير الخارجية السعودي، عادل الجبير، خلال لقائه به في الدوحة مسألة وقف الغارات الجوية التي تقودها السعودية في اليمن وفتح الطريق أمام حل سياسي. وكان الجبير قد التقى في أبو ظبي أول من أمس ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد آل نهيان، وتركزت مباحثاتهما على الملف اليمني.
يشار إلى أن الموقف الأميركي من الأزمة اليمنية لا يزال مبنياً على قناعة واشنطن باستحالة التوصل إلى حلول عن طريق القوة العسكرية. وفي السياق، علمت "العربي الجديد"، من مصادر دبلوماسية مطلعة، أن وزير الخارجية السعودي أدى دوراً حاسماً في إقناع الإدارة الأميركية بقبول أوراق اعتماد أحمد عوض بن مبارك، سفيراً للرئيس اليمني عبدربه منصور هادي، في واشنطن. وأوضحت المصادر أن الرئيس اليمني لجأ للجبير بعد أن وجد تردداً من جانب واشنطن بقبول بن مبارك سفيراً لديها قبل تسوية الأزمة اليمنية.
ويشار إلى أن الجبير قبل تعيينه وزيراً للخارجية السعودية كان يشغل موقع سفير السعودية في واشنطن، ولم يعين العاهل السعودي، سلمان بن عبدالعزيز، حتى الآن من يخلف الجبير في الموقع المشار إليه.
أما في سورية، فلا يزال الموقف الأميركي يعتبر الحل العسكري وارداً، غير أن انخراط وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، الذي يفترض أن يكون قد وصل أمس إلى الدوحة، في محادثات مباشرة مع كيري حول الأزمة السورية قد يؤدي إلى طرح تقديم تنازلات متبادلة محورها الأساسي من وجهة النظر الأميركية هو بقاء النظام السوري ورحيل بشار الأسد.
ومن المقرر أن يقضي لافروف في الدوحة يومين حسب ما أعلنته وزارة الخارجية الروسية. وهذا يعني أن زيارته للدوحة لن تقتصر على الاجتماع مع كيري والجبير بل من المرجح أن يجري لقاءات أخرى مع نظراء له في دول مجلس التعاون الخليجي.
وكانت مصادر مطلعة قد أوضحت لـ"العربي الجديد" أواخر الشهر الماضي أنّ لافروف طلب الحضور إلى الدوحة لإجراء مشاورات مع المسؤولين القطريين ولقاء كيري. وبحسب المصادر، فإن الوزير الروسي، يحمل "أفكاراً حول الحل في سورية، يريد نقلها إلى نظيره الأميركي والمسؤولين الخليجيين"، سيتم الإعلان عنها خلال زيارته.
من جهة ثانية، تتزامن جولة وزير الخارجية الأميركي في المنطقة العربية مع حملة إعلامية شرسة في واشنطن ضده شخصياً يقف وراءها على ما يبدو معارضو الاتفاق النووي مع إيران. وكشفت الحملة حتى الآن عن علاقة مصاهرة تربط كيري برجل أعمال أميركي من أصل إيراني، تزعم بعض القنوات والمواقع الأميركية أن كيري تستر عليها طوال السنوات الماضية.
وتشير مواقع إخبارية أميركية، بعضها موالٍ للحزب الجمهوري والبعض الآخر موالٍ لإسرائيل، إلى أن إحدى بنات كيري، الدكتورة فينيسيا كيري، متزوجة من طبيب أميركي من أصل إيراني يدعى براين (بيهروز) فالا ناهد. وتناقلت تلك المواقع أن نجل وزير الخارجية الإيراني الحالي جواد ظريف، كان من بين ضيوف شرف عقد الزواج الذي جرت مراسمه في أكتوبر/تشرين الأول من العام 2009، وأن صهر كيري هو نجل رجل الأعمال الإيراني الأميركي رضا فالا ناهد المقيم في لوس أنجلس بولاية كاليفورنيا.
اقرأ أيضاً مخرجات كامب ديفيد: التزامات متبادلة وشراكة استراتيجية لعقود