هواء الحرية القاتل

13 ابريل 2015
تجهيز فني لـ منى حاطوم / فلسطين
+ الخط -

المكان شاهد زور على جغرافيا الصراع. حيث يقيم الفلسطينيون في سجنهم العصريّ الكبير. ذلك الذي تُفصّل فيه السجون التقليديّة الصغيرة مقاسات واسعة للموت.

جعفر عوض الذي رحل قبل أيام أحد أولئك الأسرى الذين غيّبهم هواء الحريّة القاتل. سُجن فمرض. وأفرج عنه فمات. من قبله قضى ميسرة أبو حمدية بالسرطان داخل أقبية الظلام.

في المقابل، لا أحد يحرّك ساكناً. النبلاء الذين أسلمتهم راياتهم المنصوبة إلى أمتار مربّعة من العيش، يستطيلون في سنوات أعمارهم تارةً، ويرحلون تارةً أخرى، من دون أن يحرّك ذلك ضميرنا العام أو وجداننا المخذول. وكأنّ السياق الرماديّ في إشكاليّاته، السوداويّ في معالجاته، يغطّينا بكثافة ظلّه. إذ لم يعد للبرجوازيّة الوطنيّة (والحركة الثقافية) دَوْرٌ في الحياة الفلسطينيّة العامّة إلاّ أن تتلهّى بالضحيّة.

الموت، بالنسبة لها، مجاله - في معركة النقائض الكبرى - الرثاء فقط. ثمّ ما تلبث أن تبدأ استثماره في سياق الربح والخسارة بوصفه رصيداً مرحليّاً يحدّده الاحتلال، وتنمّطه المؤسسة البلاغيّة التي تتلطّى بالشِعارات.

لا إجابات لدى هذه المؤسسة حيال حياة الآخرين (المقيمين خارج واقعنا المشمس) سوى أنهم تحت شرط الهزيمة. ولا بواكي تشحذها لتبرير حركتها الغائبة سوى أنّ "حركة الأسرى" تستعجل الغياب.

المساهمون