هل يُسكت ضجيج النزاع النشيد اليمني الوطني؟

25 ابريل 2015
رموز الوحدة الوطنية وسؤال المستقبل (Getty)
+ الخط -
"أنا ما زلت حيّاً ولكنني عائش كالأموات، الحمد الله على كل حال يا بني". بهذه الجملة الممزوجة بالوجع يردّ الفنان اليمني، أيوب طارش عبسي (مواليد 1942)، عن سؤالنا المتعلّق بحاله، بعدما وافق على كسر صمته وعزلته، اللتين فرضتهما أوجاع الوطن المتفاقمة.

أيّوب، كما يعرفه اليمنيون، بسبب إلفتهم له وقربهم منه، هو أشهر موسيقي يمني معاصر، لحّن وغنّى عشرات الأناشيد والأغنيات الوطنية، من دون أن ينسى أغنيات الحبّ والشوق والأماكن اليمنية... واشتهر أيضاً بأعماله المشتركة مع الشاعر عبد الله نعمان، ولكنه، مع بلوغ العقد السابع من العمر، انتقل للأناشيد الدينية، وهجر اللون الذي برع فيه واصطبغ بلونه وهو"الوطنيات".

مؤلم لليمنيين أن يلتزم هذا المغنّي والملحّن القدير بالصمت، بعدما صدح صوته طويلاً بالأغنيات الوطنية اليمنية، حتى صار توأماً لها، أما هو فيؤكد أن النشيد حيّ في قلوب اليمنيين ولن تنتزعه عاصفة عابرة.

يشترط علينا ألا نحدّثه في السياسة، ولا نعرف كيف نتجنّبها وهي تفتك باليمن الذي أحبّه وغنّى له عشرات الأغنيات.

يستعيد لحظة اختيار أغنيته "ردّدي أيتها الدنيا نشيدي" نشيداً وطنياً للجمهورية مطلع التسعينيات: "علمت كأي مواطن من خلال الإعلان الرسمي في وسائل الأعلام.. فرحت بالطبع، لم أطلب أي مقابل، ولكني تحسّرت حينها لعدم تضمّن القرار الجمهوري الحقوق الفكرية بذكر صديقي الشاعر عبد الله عبد الوهاب نعمان وملحنها، أي أنا، الأمر الذي تأخّر أكثر من عقدين من الزمن".

تحوّل أيّوب إلى الأناشيد الدينية، ولكنّ كل تلميذ وطالب يمني يذكره كل صباح وهو يسمع نشيد البلاد، فيقول عبد الحكيم السيد (21 عاماً): "في المدارس قد يغيب أي أستاذ، ولكن أيوب لا يغيب عن يوميات طلاب اليمن، كان وما زال رفيقنا في الفصل والبيت والسفر". حتى المواطن الأمّي يحفظ النشيد الوطني بسبب سلاسة اللحن، وهو ما يؤكد احتفاء اليمنيين بأيّوبهم، الموسيقي الصابر على قروح الزمن.


سألنا وزير الثقافة اليمني الأسبق، خالد الروشان، عن مصير النشيد الوطني، فقال: "هناك زلزال في الثوابت اليمنية، لم يتوقّعه أحد، وهو دخيل على اليمنيين، ولكن، حتى في أثناء غياب الدولة، نحن شعب نعلّم العالم الحكمة، فرغم الزلزال يحافظ النشيد الوطني على قدسيته، لأنّه ملك لكلّ اليمنيين وهو يعبّر عن روح اليمني وأحلامه"، ويجزم الرويشان، أنّه على المدى البعيد، سيبقى النشيد الوطني وأيوب طارش "أغنية اليمنيين التي لا تُملّ".

ورغم طابعه الحماسي، يشعر الرويشان بالحزن حين يسمع النشيد الوطني اليوم، لأنّ معاني الاعتزاز بالوطن والتضحية لأجله اهتزت عند البعض، ويستدرك: "لن يستغرق ذلك كثيراً، سيبقى الإنسان اليمني والجغرافيا والقرى اليمنية التي لم تصلها المليشيات وسيعيش بقيم الجمال".


إقرأ أيضا:اليمن: أغنية قد تهزم ألف مسلّح؟
دلالات
المساهمون