04 نوفمبر 2024
هل يعدّل الأميركيون النظام الانتخابي؟
تتوالى في الولايات المتحدة إشارات مساءلة الرئيس دونالد ترامب، وفريق حملته الانتخابية، بشأن التورّط في عملية تدخل روسي محتملة، أثرت على نتائج انتخابات نوفمبر/ تشرين الثاني الرئاسية. وعلى الرغم من ثبوت إجراء لقاءات بين أعضاء في حملة ترامب الانتخابية ومسؤولين ورجال أعمل روس، إلا أن إثبات تورّط ترامب، بشكل مباشر، أو أن تلك الاتصالات قد نجم عنها تأثير مباشر على نتائج الانتخابات، لا يزال أمراً محل شك، ويخضع للبحث الذي يجريه فريق تحقيقات خاص.
الحاصل حالياً أن المؤشرات تتوالى عن تورّط محيطين بترامب في التواصل مع الروس، والاستفادة من معلومات كانت في حوزتهم عن الحملة الانتخابية لمنافسته هيلاري كلينتون، أفادت فريق عمل ترامب، وأسهمت بشكل ما في هزيمة هيلاري. لكن لم تتحول تلك القضية إلى مُهدد لرئاسة ترامب، أو مدخلاً للطعن فيها، حتى الآن. إذ لم يتضح ما إذا كان ترامب قد تورّط بنفسه في تلك الاتصالات، وإن كان ذلك غير مستبعد، في ضوء أن الروس التقوا مقرّبين إليه، بمن فيهم نجله. وإذا لم تثبت التحقيقات وجود صلة مباشرة لترامب، فعلى الأقل لن يكون من العسير إثبات أنه استفاد من المعلومات التي قدّمها الروس بأشكال مختلفة. وعندها، لن تكون المشكلة أهمية تلك المعلومات، أو حساسيتها، وإنما أخلاقية ذلك الفعل من مرشح رئاسي، بغض النظر عن حدود الاستفادة التي حصل عليها.
يتذكّر العالم أن مشكلة الرئيس الأسبق، بيل كلينتون، في علاقته مع مونيكا لوينسكي لم تكن في ما مارسه من سلوكيات غير أخلاقية، وإنما في أنه كذب على الشعب الأميركي، عندما نفى القيام بتلك الممارسات. وسيكون موقف ترامب مشابهاً لكلينتون أمام الأميركيين، إذ لن تكون أزمته في أنه استفاد من معلومات الروس أم لا، وإنما في إنكاره تلك الاستفادة، ومحاولاته الدؤوبة لتبرئة نفسه، ومعاونيه، من تهمة الاستعانة بالروس، لإنزال هزيمة بكلينتون.
قد يغفر الأميركيون أن يكون رئيسهم وصل إلى الحكم اعتماداً على تسريبات ومعلومات عن خصمه، بينما لن يغفروا له إنكار ذلك، ثم اتضاح أنه كاذب. فلدى الأميركيين، ثمّة فارق أخلاقي وقيمي شاسع بين نقيصتي انتهاك الخصوصية أو الاستيلاء على معلومات والكذب، خصوصا عندما تكون المعلومات متعلقة بشخصية عامة في موضع تنافس انتخابي.
إلا أن المعضلة التي تواجهها أميركا فعلياً ليست في اتصال ترامب بالروس، أو مساندتهم إياه ضد هيلاري كلينتون، إذ لا يزال الغالب على الرأي العام الأميركي قناعة عامة بمحدودية تأثير الدور الروسي في نتيجة الانتخابات.
ما يؤرق الأميركيين هو ذلك التناقض بين وصول ترامب إلى الحكم، بشخصيته الشعبوية المادية وتوجهاته الرأسمالية المتوحشة، والقيم الإنسانية والحضارية الحاكمة للديمقراطية الأميركية. وعلى الرغم من أن هذا التناقض مثار جدل واسع، منذ إعلان فوز ترامب بالرئاسة، إلا أنه تجدّد واكتسب أبعاداً جديدة، على خلفية قضية الاتصالات الروسية مع فريق ترامب الرئاسي، والزخم الإعلامي المصاحب لها. إلى حد دفع أستاذ التاريخ في جامعة كولومبيا، طارق سيريل، إلى توجيه نصيحة للأميركيين "لا تلوموا بوتين على رئاسة ترامب، بل لوموا من انتخبوه".
وأياً ما ستؤول إليه التحقيقات في قضية تدخل روسيا في الانتخابات، سترتفع أكثر الأصوات المنادية بالالتفات إلى مكامن الخلل في الديمقراطية الأميركية، خصوصاً نظام المجمع الانتخابي الذي كانت الحكمة منه لجم الغوغائية الشعبية التي كان المشرّعون الأميركيون الأوائل يخشونها في الانتخابات المباشرة. قبل أن يأتي فوز ترامب ليقول للأميركيين: أصلحوا ديمقراطيتكم، وإلا..
الحاصل حالياً أن المؤشرات تتوالى عن تورّط محيطين بترامب في التواصل مع الروس، والاستفادة من معلومات كانت في حوزتهم عن الحملة الانتخابية لمنافسته هيلاري كلينتون، أفادت فريق عمل ترامب، وأسهمت بشكل ما في هزيمة هيلاري. لكن لم تتحول تلك القضية إلى مُهدد لرئاسة ترامب، أو مدخلاً للطعن فيها، حتى الآن. إذ لم يتضح ما إذا كان ترامب قد تورّط بنفسه في تلك الاتصالات، وإن كان ذلك غير مستبعد، في ضوء أن الروس التقوا مقرّبين إليه، بمن فيهم نجله. وإذا لم تثبت التحقيقات وجود صلة مباشرة لترامب، فعلى الأقل لن يكون من العسير إثبات أنه استفاد من المعلومات التي قدّمها الروس بأشكال مختلفة. وعندها، لن تكون المشكلة أهمية تلك المعلومات، أو حساسيتها، وإنما أخلاقية ذلك الفعل من مرشح رئاسي، بغض النظر عن حدود الاستفادة التي حصل عليها.
يتذكّر العالم أن مشكلة الرئيس الأسبق، بيل كلينتون، في علاقته مع مونيكا لوينسكي لم تكن في ما مارسه من سلوكيات غير أخلاقية، وإنما في أنه كذب على الشعب الأميركي، عندما نفى القيام بتلك الممارسات. وسيكون موقف ترامب مشابهاً لكلينتون أمام الأميركيين، إذ لن تكون أزمته في أنه استفاد من معلومات الروس أم لا، وإنما في إنكاره تلك الاستفادة، ومحاولاته الدؤوبة لتبرئة نفسه، ومعاونيه، من تهمة الاستعانة بالروس، لإنزال هزيمة بكلينتون.
قد يغفر الأميركيون أن يكون رئيسهم وصل إلى الحكم اعتماداً على تسريبات ومعلومات عن خصمه، بينما لن يغفروا له إنكار ذلك، ثم اتضاح أنه كاذب. فلدى الأميركيين، ثمّة فارق أخلاقي وقيمي شاسع بين نقيصتي انتهاك الخصوصية أو الاستيلاء على معلومات والكذب، خصوصا عندما تكون المعلومات متعلقة بشخصية عامة في موضع تنافس انتخابي.
إلا أن المعضلة التي تواجهها أميركا فعلياً ليست في اتصال ترامب بالروس، أو مساندتهم إياه ضد هيلاري كلينتون، إذ لا يزال الغالب على الرأي العام الأميركي قناعة عامة بمحدودية تأثير الدور الروسي في نتيجة الانتخابات.
ما يؤرق الأميركيين هو ذلك التناقض بين وصول ترامب إلى الحكم، بشخصيته الشعبوية المادية وتوجهاته الرأسمالية المتوحشة، والقيم الإنسانية والحضارية الحاكمة للديمقراطية الأميركية. وعلى الرغم من أن هذا التناقض مثار جدل واسع، منذ إعلان فوز ترامب بالرئاسة، إلا أنه تجدّد واكتسب أبعاداً جديدة، على خلفية قضية الاتصالات الروسية مع فريق ترامب الرئاسي، والزخم الإعلامي المصاحب لها. إلى حد دفع أستاذ التاريخ في جامعة كولومبيا، طارق سيريل، إلى توجيه نصيحة للأميركيين "لا تلوموا بوتين على رئاسة ترامب، بل لوموا من انتخبوه".
وأياً ما ستؤول إليه التحقيقات في قضية تدخل روسيا في الانتخابات، سترتفع أكثر الأصوات المنادية بالالتفات إلى مكامن الخلل في الديمقراطية الأميركية، خصوصاً نظام المجمع الانتخابي الذي كانت الحكمة منه لجم الغوغائية الشعبية التي كان المشرّعون الأميركيون الأوائل يخشونها في الانتخابات المباشرة. قبل أن يأتي فوز ترامب ليقول للأميركيين: أصلحوا ديمقراطيتكم، وإلا..