هل للمغاربة عادات قرائية؟

05 يونيو 2018
(مكتبة شعبية في أصيلة، تصوير: دافيد باثغيت)
+ الخط -

إخضاع القراءة للبحوث والدراسات ظلّ رهاناً مؤجلاً في المغرب، فهو يقع خارج تقاليد الممارسة الثقافية، فالمؤسسات الرسمية الراعية للثقافة وحتى دور النشر، لا نجد ضمن اهتمامها إجراء دراسات ميدانية تستطيع من خلالها الاقتراب من القرّاء ومعرفة ميولهم وذائقتهم القرائية. غير أن الإقرار بانحسار المقروئية في المغرب بات يفرض الاقتراب من البحث حول "عادات القراءة".

مؤخراً، قدّمت "شبكة القراءة"، وهي هيكل مدني مستقل في المغرب، تقريراً حول "عادات القراءة عند القارئات والقراء المغاربة". وعلى اعتبار أن المؤسسات العمومية لا تهتم برصد بحوث ودراسات ميدانية لتشخيص ظواهر كهذه، خصوصاً في المجال الثقافي، فإن هذا التقرير على تواضع إمكاناته، يبقى مؤشراً لمحاولة فهم بعض من "عادات القراءة" في المغرب.

كذلك تجدر الإشارة إلى خصوصية تتعلّق بأن العينات اختيرت من بين أصحاب عادة القراءة، وليس بشكل عشوائي كما تفعل معظم الدراسات فتصل إلى أرقام هزيلة للغاية لا تكون لها أية دلالة.

سعت الشبكة الى وضع تقليد سنوي، تقيس من خلاله مستوى ونوعية القراءة "لدى القارئات والقراء المغاربة". ولم تتوقف الدراسة الميدانية عن نسب القراءة، أو حتى دراستها، بل ظل الغرض محصوراً عند استقراء وضع القراءة بشكل عام. وقد تم حصر أهداف البحث الميداني عند قياس مؤشرات التالية: عدد الكتب المقروءة في السنة، نوعية الكتب الأكثر مقروئية، نسبة قراءة الكتب المغربية، كيفية الحصول على الكتب.

من بين نتائج الدراسة أن معدل القراءة وصل إلى 24 كتاباً في سنة 2016. وبلغت نسبة القرّاء والقارئات والمتراوحة قراءاتهم ما بين كتاب واحد وأربعة كتب 11 %، بينما أكثر من نصف العينة قد حققت ما بين 5 و24 كتاباً. وتحضر العربية كلغة القراءة الأولى بنسبة 53 %، وتأتي بعدها الفرنسية بنسبة 37 %، فيما يبقى حضور بقية اللغات ضعيفاً بما في ذلك الأمازيغية.

ويقبل القراء على كتب الفلسفة والعلوم الإنسانية والرواية بنسبة أكبر. وكان حظ الكتاب المغربي نسبة 33 % من القراءات، وهناك شريحة تقدّر بـ 8 % تتعدى قراءة عشر كتب مغربية في السنة. ويلاحظ أن فعل القراءة يكاد يكون شأناً فردياً، إذ تبقى الوسيلة الأكثر اعتماداً للوصول إلى الكتاب هي الاقتناء المباشر بنسبة 74 %، وهو مؤشر يؤكّد على فردانية اختيار العناوين، فيما تتقاسم الباقي وسائل أخرى، فـ 8 % يقومون بتحميل الكتب إلكترونياً، و9 % يقومون باستعارته من المكتبات العمومية.

تضمّنت الدراسة تنوعاً، سواء على مستوى الانتماء الجغرافي أو الجندي أو العمري، إضافة إلى المستوى الدراسي والتخصّص، كما أفردت معطيات تتعلق بكتّاب يستجيبون لذائقة القراء وتطلعاتهم القرائية.

لكن، تظل هذه الأرقام قاصرة عن أن تعطينا معطيات مكتملة عن عادات القراءة في المغرب، سواء من خلال العناوين أو أنماط القراءة وأساليبها. وبالعودة الى الاستبيان، يمكن تسجيل أن الدراسة الميدانية قام بها إطار مدني بإمكاناته الخاصة ومبادرته الفردية، وضمن سياق اهتمامه وأهدافه لترسيخ فعل القراءة والتشجيع على المقروئية، وهو ما لا يتيح الذهاب بعيداً للإجابة عن الكثير من الأسئلة.

إجمالاً، يمكن الاستناد إلى هذا التقرير من أجل الانتباه إلى كون عادات القراءة ليست سلوكاً مجتمعياً سائداً، وهذا يحتاج إلى دراسات أخرى تضيء أسباب التراجع عن عادات القراءة داخل المكتبات العمومية، وتغير وظيفة المكتبة، وانتشار ظاهرة النسخ، إضافة إلى تداخل مجالات أخرى، فلا يمكن مثلاً الحديث عن القراءة بعيداً عن أزمة التعليم.

المساهمون