هل توجيهات المؤسسات الدولية اتجاه الدول العربية متناسبة واقتصاداتها؟

08 ابريل 2015
من اليمين عمر الكتاني وماجد الصوري (العربي الجديد)
+ الخط -

تحاول المؤسسات المالية الدولية توجيه اقتصادات الدول العربية بما يتناسب وسياساتها المرسومة، ولكن إلى أي حد تؤثر هذه القرارات في تأزم أحوال الشعوب داخل الدول العربية؟

عمر الكتاني :يمكن الاستفادة من التوجيهات والتقارير
أكد الخبير الاقتصادي المغربي عمر الكتاني، أن توجيهات وتوصيات المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية، لها سلبياتها وإيجابياتها، ويجب أن تستفيد منها الدول التي ترغب في تطوير مناخ الاستثمار فيها، وتجاوز العقبات التي تواجه قطاعاتها الاقتصادية، كما يمكن أن تشكل لها تلك التوجيهات قاطرة نمو.

وعن الإيجابيات التي تحملها التقارير الصادرة عن المؤسسات الدولية، أوضح عمر الكتاني في تصريح إلى "العربي الجديد"، أن تلك التقارير تعد بمثابة "ناقوس خطر" يدق حين تتهدد الأزمات الاقتصادية الدول العربية أو غيرها.

كما تمنحها فرصة التعرف إلى نقاط ضعفها بين باقي دول العالم، وتوفر متابعة دولية، وعلى مستويات عالية لأداء المؤسسات الاقتصادية والمالية، وسير أدائها مقارنة مع مثيلاتها في باقي الدول. وأضاف المتحدث ذاته، أن الاستثمارات الأجنبية التي تطرق أبواب الدول العربية، تعتمد بشكل كبير على التقارير التي تصدرها المؤسسات الاقتصادية والمالية الدولية، وتوفر لها قاعدة معلومات، تمكنها من توظيف أموالها في القطاعات المنتجة والمربحة داخل كل دولة.

وأضاف الخبير الاقتصادي المغربي عمر الكتاني، أن الاستفادة من الاستثمارات الأجنبية في تشجيع الإنتاج، وتوفير فرص العمل، مرتبطة بقدرة الدول العربية على الاستفادة بشكل ذكي، مستقل، ومن موقع قوة.

ولفت عمر الكتاني، إلى أن المعلومة الاقتصادية قوة في حد ذاتها، وما يصدر عن المؤسسات الدولية "أمر واقع"، يجب التعامل معها من دون الانصياع لكل التوجيهات، التي قد تتحول إلى أوامر يفرض الانصياع لها، وقد لا تكون في صالح الدول العربية.

وقدم الكتاني المثال بالأزمة المالية التي شهدتها أسيا سنة 1998، حيث فرضت المؤسسات الدولية مجموعة من الشروط على الدول التي طاولتها، مقابل الحصول على الدعم، ويضيف المتحدث ذاته، استطاعت ماليزيا خلال التفاوض فرض شروطها لقبول الدعم، وفضلت قبول التوجيهات ذات البعد الاستراتيجي اقتصاديا، وردت التوجيهات التي تمس نطاق سيادتها الاقتصادية، والنتيجة بحسب الكتاني، هو أن ماليزيا، كانت أول دولة خرجت من الأزمة، ويعد اقتصادها اليوم من بين الأقوى في المنطقة.

وأوضح الكتاني، أن الدول التي توصف بالنامية، ومن بينها العديد من الدول العربية، لا تستفيد من مؤشر مهم يتعلق بقبول التقارير، التوجيهات، والمساعدات التي تليها من المؤسسات الدولية. وختم الخبير الاقتصادي المغربي عمر الكتاني، حديثه مع "العربي الجديد" بالقول: " تستطيع الدول، وخاصة الدول العربية العمل على عدم الانصياع إلى شروط صعبة المنال، بل يمكن من خلال استغلال بعض المؤشرات الاقتصادية والبحث عن نقاط قوة، أن تقوم باستحداث آليات معينة، تستطيع من خلالها تنفيذ قرارات المجموعات الدولية بطريقة لا تؤدي إلى إحداث إرباك في سياساتها الاجتماعية، أو أنظمة الدعم

ماجد الصوري: التوجيهات لا تراعي الخصوصية
أكد الخبير الاقتصادي العراقي ماجد الصوري، أن توجيهات المؤسسات الدولية وقراراتها لا تصب دائماً في مصلحة الشعوب، ولكنها ليست سيئة بالمطلق، فالعديد من الدول تمكنت من الانصياع لقرارات المؤسسات الدولية، في المقابل هناك دول أخرى، لم تستطع الصمود.

وقال لـ "العربي الجديد": "إذا أردنا تقييم جميع توجيهات المؤسسات الدولية، نلاحظ أنها لم تصب دائماً في خدمة الشعوب، خاصة في الدول النامية. لقد نجحت بعض التوجيهات والقرارات في إنقاذ اقتصادات عديدة، وساهمت في رفع المستوى المعيشي للعديد من المواطنين، لكنها في المقابل، فشلت في دول أخرى، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن لكل دولة خصوصية معينة، فلا يمكن تعميم التجارب على جميع الدول، فهناك دول متقدمة، تستطيع الانصياع لقرارات المؤسسات الدولية، وفي المقابل هناك دول لا يمكنها الانصياع، وإلا فإن بنيتها الاقتصادية والاجتماعية ستكون معرضة للخطر".

وأضاف الصوري: "أعتقد أن الحديث عن مدى إمكانية نجاح القرارات الدولية في توجيه الاقتصادات مرتبط بالمشاورات التي تتم بين المؤسسات من جهة، والحكومات من جهة أخرى، فعلى سبيل المثال، تمكن العراق من خلال المشاورات واللقاءات المكثفة مع البعثات الدولية، من جعل السياسات المفروضة عليه، تتماشى وخصوصية المجتمع العراقي واقتصاده.

وبالتالي، فإنه من الضروري قبل فرض أي سياسة اقتصادية من دراسة واقع هذا البلد، ومقاربة تطلعاته والنظر في الضعف الهيكلي الذي يعاني منه، ومن ثم التوجه تدريجياً نحو تطبيق القرارات".

من جهة أخرى، أكد الصوري أنه لا يمكن الحديث عن القرارات الدولية، من وجهة نظر إيجابية أو سلبية، ولا تمكن مقاربة الموضوع من هذه الناحية، قائلاً: "فكما أشرت سابقاً فإن لكل دولة نظامها الاقتصادي، وبالتالي لا يمكن ربط نجاح القرارات أو فشلها بمعزل عن خصوصية هذا الاقتصاد".

في إطار آخر، أوضح الصوري أن قرارات المؤسسات الدولية، في بعض الأحيان تكون خاطئة، وهذا ما أثبتته بعض التجارب، ومن هنا، بدأ الحديث عن أن قرارات المؤسسات دائماً لا تصب في مصلحة المواطنين، وبالتالي فإن قراراتها تكون مجحفة في حق الطبقات الفقيرة، وهنا لا بد من الإشارة إلى أن العديد من القرارات لم تصب فعلاً في مصلحة الشعوب، خاصة في الدول النامية، لكن المسؤولية مشتركة بين الحكومات والمؤسسات، لأن آليات التفاعل والتشاور لم تكن بالمستوى المطلوب.

هذا ولفت الخبير ماجد الصوري إلى ضرورة التنبه إلى خصوصية الدول النامية، وقال: "تنجح قرارات المؤسسات الدولية في الكثير من الدول التي تتمتع باقتصادات قوية، ففي الدول ذات الاقتصادات المتقدمة، لا يمكن الحديث عن أضرار تتعلق بالحماية الاجتماعية لشعوبها، فيما يحصل العكس في الدول ذات الاقتصادات النامية، فهذه الدول تعاني من أزمة حقيقية، تتعلق بالبنية الهيكلية لاقتصاداتها، وبالتالي فإن القرارات غير المدروسة تؤثر بشكل واضح على الطبقات الفقيرة من جهة، والحماية الاجتماعية من جهة أخرى".

إقرأ أيضا: 14 مليار دولار حجم الإنفاق القطري لتطوير المدن الصناعية
المساهمون