هل تكون الدبلوماسية الألمانية رافعة للتفاوض بين الفلسطينيين والإسرائيليين؟

12 يونيو 2020
زار الوزير الألماني القدس منتصف الأسبوع (مناحيم كاهانا/فرانس برس)
+ الخط -
يبدو أن ألمانيا تعتزم تفعيل دورها الدبلوماسي مع اقتراب موعد تسلّمها، مطلع الشهر المقبل، رئاسة الاتحاد الأوروبي لمدة 6 أشهر، ومناوبتها لرئاسة مجلس الأمن الدولي لمدة شهر كامل. ويتجسد الأمر حالياً بمبادرة الوساطة التي يُتوقع أن يعمل عليها وزير الخارجية هايكو ماس بين الفلسطينيين والإسرائيليين، بعد أن زار القدس المحتلة منتصف هذا الأسبوع، وأجرى محادثات مع الجانبين، كان الهدف الأساس منها لجم حكومة الاحتلال عن ضم جزء من الضفة الغربية، والمخطط له الشهر المقبل، إذ يريد رئيسها بنيامين نتنياهو إعلان السيادة على المستوطنات اليهودية وغور الأردن، معتمداً على خطة الرئيس الأميركي دونالد ترامب للسلام في المنطقة، وسط حال من الاحتجاج الفلسطيني.

وتبرز التحليلات أن هناك قناعة ألمانية بضرورة العمل من أجل حلّ ودّي، مع إعلان برلين رفضها الخطوات الأحادية، وتوجسها من أن تجعل عملية الضم المرتقبة، حلّ الدولتين، مستحيلاً. وهذا ما تجلى من خلال تصريحات ماس، الذي انتقد علناً خطط الضم الإسرائيلية الجديدة، من دون أن يتبع سياسة التهديد، طالما لم تتخذ إسرائيل القرارات العملية بعد، وفق ما بينت التقارير، وليبرز مخاوفه الصادقة والخطيرة مع باقي الشركاء الأوروبيين على المنطقة، وخصوصاً أن الضم ينطوي على انتهاك للقانون الدولي، داعياً لتفعيل الحوار.

المهمة الحساسة لوزير الخارجية المنتمي إلى "الحزب الاشتراكي"، والدور الصعب لألمانيا، كما متطلبات المحادثات، تحدث عنها الخبير في الشؤون الإسرائيلية المنتمي لحزب "الخضر" فولكر بيك مع مجموعة "فونكه" الإعلامية أخيراً، معتبراً أن "نتنياهو هو في الواقع سيد الوضع الراهن"، وسيد الخطاب اليميني، لكنه أيضاً شخص متردد في العمل، ولا أعتقد أن خطوات الضم الملموسة ستبدأ في تاريخها المحدد، مشيراً إلى أن الجدل القائم داخل الائتلاف الحكومي في إسرائيل حول عملية الضم من الممكن أن يكون المدخل الأساس للبدء بحوار قد يوصل إلى حلّ يرضي الجانبين.
وفي هذا الإطار، أبرزت "دير شبيغل" أخيراً أنه من الممكن أن تكون هناك نقطة انطلاق ورؤية واحدة مع برلين بعد زيارة ماس، الذي حضر ليكتشف خطط الضم عند الإسرائيليين، وبالأخص مع رئيس الأركان السابق، وزير الخارجية الاسرائيلي الجديد غابي أشكينازي المنتمي الى حزب "أزرق أبيض"، والذي يظهر أنه على استعداد لإجراء مناقشات حول حلّ تفاوضي للنزاع القائم، ولا سيما بعدما أبرز أنه لا توجد خرائط ولا قرارات. كذلك، فإن أشكينازي يريد فرصة لتعميق العلاقات مع الاتحاد الاوروبي، على عكس أعضاء "الليكود" الذين يظهرون ازدراءً دائماً للتكتل الأوروبي، في وقت اعتبرت صحيفة "فرانكفورتر الغماينه"، أن العلاقات الخارجية بيد نتنياهو.
وفي المقابل، لم يخفِ بيك في حديثه أن تكون هناك مواقف مختلفة داخل أروقة بروكسل بما يخص الصراع العربي الإسرائيلي، مؤكداً أنه لا تطابق تاماً في الآراء حوله، قائلاً إنه "عندما تتولى الرئاسة الأوروبية، عليك تمثيل موقف يدعمه بوضوح التكتل ككلّ"، مشيراً إلى أن ألمانيا ترفض الخطوات الأحادية من قبل الإسرائيليين، والتركيز الآن ينصب على الحروب الأهلية هناك، والمشاكل على الحدود السورية التركية، أي الكوارث الانسانية الكبرى، والأفضل العمل بمبادرة سياسية بعناصر جديدة، مقارنة بما تمت تجربته عبثاً مع تكثيف إطار المفاوضات.


وأبدى الخبير الألماني اعتقاده أنه، ومن أجل إعادة الاسرائيليين إلى الطاولة، عليك التفكير أولاً في منح مصر والأردن دوراً أكبر في عملية تسوية النزاع، لغياب الثقة بين الطرفين الأساسيين. وفي ردّ على سؤال، قال بيك إن المبادرة ربما لن تنجح، إلا إذا تخلت إسرائيل عن خطط الضم أولاً، معرباً عن خشيته من تصعيد الوضع من قبل بعض الدول العربية، بوجه الإسرائيلي، معتبراً أنه على نتنياهو أن يناقش الأمر على نطاق واسع قبل اتخاذ خطوات متسرعة.

في خضم ذلك، أشارت "دير شبيغل" إلى أن العاهل الأردني الملك عبد الله، وفي حديث أجرته معه أخيراً، هدّد بالفعل بإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل إذا ما ضمت أجزاء من الضفة الغربية، مع تأكيده أن عمان تدرس كل الخيارات المتاحة، وهذا ما قد يشكل وسيلة لمنع إسرائيل من اتخاذ خطوات أحادية. مع العلم أن موقع "دير شبيغل" أبدى كل الاستغراب للعذر الذي تقدم به الجانب الاسرائيلي لمنع الاجتماع بين ماس ورئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية في رام الله، على بعد ربع ساعة بالسيارة من القدس المحتلة، متذرعاً بوباء كورونا، حيث كان ينبغي على الوزير بعدها البقاء في الحجر الصحي لمدة أسبوعين، الأمر الذي دفعه للاستعاضة عن الزيارة بلقاء عبر خاصية الفيديو من عمّان، وليضيف أن عذر خطر الإصابة بالفيروس سخيف، وهو سمح لماس اختبار معنى العيش تحت الاحتلال الإسرائيلي، مع منعه للاجتماع.